ناصر قندیل
- جمعت العقوبات الأمیركیة بین شخصیتین كانتا مصنفتین في منطقة التحالف مع محور
المقاومة من موقع یلقى التساكن من قبل الغرب وعلى رأسھ الإدارة الأمیركیة ، التي
كانت تستقبل ھاتین الشخصیتین كحلفاء أو كأصدقاء على الأقل وتحملھما رسائل
وساطة مع قوى وحكومات محور المقاومة ، وكانت الإدارات الأمیركیة المتعاقبة حتى
العقوبات ، تعتبر نموذجي باسیل وفیاض تعبیرین عن شریحتین تقلدیتین في المجتمعین
المسیحي والشیعي التقلیدیین في لبنان والعراق ، فباسیل یمثل التیار المسیحي التقلیدي
الذي إعتاد الأمیركیون التعامل معھ كإمتداد لسیلساتھم والسیاسات الغربیة عموما ،
حتى ظھور تفاھم مار مخایل ، وفیاض یمثل التیار الشیعي التقلیدي المرتبط بالمرجعیة
في النجف التي كان الأمیركیون والغرب عموما یعتبرونھا مساحة یمكن الرھان على
توظیفھا بوجھ إیران وجماعات عراقیة تؤمن بولایة الفقیھ ومرجعیتھا في قم ، حتى
تاریخ فتوى الحشد الشعبي الذي رعتھ المرجعیة وتصدر واجھتھ فیاض .
- منذ یومین كان لفیاض إطلالة سبقت العقوبات رسم خلالھا إطارا سیاسیا للموقف
العراقي ، ینطلق من الدعوة لتسریع إنسحاب قوات الإحتلال الأمیركي ، ویدعو
الحكومة العراقیة لتنفیذ توصیة مجلس النواب العراقي بھذا الصدد ، فجاءت العقوبات
جوابا ، وقبل شھور رفض باسیل الإنصات للتعلیمات الأمیركیة بفك التحالف مع حزب
الله ، فجاءت العقوبات تباعا ، ومواقف باسیل أمس وفیاض أول أمس ترسم أفقا لبنانیا
وعراقیا یبني جسورا مع ما ینتظر من الرئیس الأمیركي الجدید تجاه ملفات المنطقة ،
التي تبدو عقوبات إدارة الرئیس دونالد ترامب ، زرعا للأفخاخ والأغام في طریقھ أكثر
مما ھي تعبیر عن سیاسات تملك آلیات التنفیذ .
- الأكید أن الرئیس بایدن الذي كان حاضرا في خلفیة السیاسات التي حكمت ولایتین كان
فیھما نائبا للرئیس مع الرئیس باراك أوباما ، وقد إختبر مع الرئیس أوباما خیارت
الحروب والعقوبات وإلغاء المنھج الدبلوماسي في التصدي للأزمات ، ومنھا خیار جلب
الأساطیل الى المنطقة للحرب على سوریة ، قبل أن یصل أوباما ومن خلفھ بایدن معا
إلى القناعة بالإنخراط في شكل جدید من الصراع تمثلھ السیاسة ، كان التفاھم على
الملف النووي مع إیران أبرز تجلیاتھ ، وما یقولھ بایدن عن العودة الى اتفاق وقف
سیاق التسلح مع روسیا ، واتفاقیة المناخ لتخفیض نسب التلوث ، یشبھ ما یقولھ عنالعودة الى التفاھم النووي ، لكنھ یشبھ ما بناه باسیل على التطورات القادمة في المنطقة
، بحیث یبدو بالنسبة للتیار الوطني الحر كما بالنسبة للحشد الشعبي ، أن لا حلول
سریعة في الأفق ، وأن الطریق نحو عودة السیاسة دونھ إنتظار مرحلة تبدأ بالعودة
الأمیركیة الى التفاھم النووي ، لكنھا تمر برفع العقوبات عن فیاض وباسیل .
- ترامب الملاحق سیاسیا داخل أمیركا والمعرض للملاحقة القضائیة ، یحاول مراكمة
مزید من العقد أمام بایدن ، أكثر مما یظن ھو ومن یؤدیونھ في لبنان والعراق والمنطقة
بأنھم قادرون على بناء معادلة جدیدة ، وبالمقابل رغم الضغوط تبدو القوى المعنیة في
المنطقة قادرة على تحمل المزید بإنتظار ان تبدأ المرحلة الجدیدة ، لیس من موقع
الرھان على إیجابیات یمثلھا بایدن ، بل من موقع الثقة ان المصلحة الأمیركیة تفرض
الإقرار بفشل سیاسات ترامب والحاجة للعودة بالمنطقة الى قواعد الإشتباك التي كانت
قائمة على قاعدة تعدد العلاقات مع القوى في مجال الخصومة والتحالف والتسویات الى
ما قبل ولایة دونالد ترامب
2021-01-11 | عدد القراءات 1686