یتوھم الكثیرون أن المصالحة الخلیجیة ، لمجرد مجیئھا برعایة أمیركیة فھي بدایة
مرحلة جدیدة من المواجھة مع إیران ، متجاھلین أن الإدارة الأمیركیة الراعیة تعیش
آخر أیامھا ، وأن القمة حملت معھا تحولا كبیرا في موقف السعودیة والإمارات عنوانھ
التراجع عن أي شروط سبق ووضعتھا الدولتان لمصالحة قطر .
- ھذا یعني ان المصالحة ھي رغبة سعودیة ساعدت إدارة دونالد ترامب وصھره بعقدھا
قبل الرحیل ولبت قطر الدعوة إلیھا طالما أنھا تأتي بما یناسب مطلب قطر الأصلي بأن
تكون دون شروط .
- ھذا یعني أن السعودیة والإمارات تصالحان قطر دون شرط إضعاف تركیا في الخلیج
بل ربما لفتح الباب لتطبیع العلاقات التركیة الخلیجیة ، لكن ھذا یستدعي تنازلا سعودیا
إماراتیا لتركیا في ملفین ، الأول عنوانھ لیبي ، اي الإعتراف بدور تركیا ونفوذھا
والتراجع أماه على حساب الحلیف اللیبي ، والثاني ھو ملف الأخوان المسلمین الذین لا
تطال المصالحة قطع العلاقة معھم ، والملفان یعنیان مصر أكثر من السعودیة
والإمارات ، والإقتراب من تركیا من بوابة قطر یعني إبتعادا عن مصر ، والھدف ھو
سد المنافذ التي یمكن أن تلجأ إلیھا الإدارة الأمیركیة الجدیدة لمحاصرة ولي العھد
السعودي وحلیفھ الإماراتي كشریكین في معركة ترامب وممولین لھذه المعركة .
- مصر بیضة القبان في السیاسة والتوازنات في المنطقة لا یلیق بھا أن یكون منطلق
وزنھا ما تقرره دول صغیرة لا تمثل عمق ما تمثلھ مصر ، ومواقفھا التي تعبر عن
خفة في ملفات التطبیع التي خبرتھا مصر ونبذتھا ، دلیل على أن مصر دولة ومجتمع
بكل معنى الكلمة وقد آن الأوان لإنفصالھا عن ھذه الصورة المقیتة التي تبدو فیھا
إمتدادا للسیاسات السعودیة .
- مع الإدارة الأمیركیة الجدیدة مشاكل لثنائي السعودیة والإمارات ومشاكل لتركیا ،
وستجد إدارة جو بایدن أمامھا ما سبق وكتبھ نیكسون في كتابھ "الفرصة التاریخیة "
حیث مصر ھي الدولة الوحیدة التي یمكن اعتماد التحالف معھا للحفاظ على الإستقرار
والإبتعاد عن الفوضى ، ومصر تعرف ان الدولة الوحیدة التي یمكن ان تشكل معھا
ثنائیا فاعلا في المنطقة ھي سوریة ، التي لم یقم الموقف العربي یوما إلا على تكاملھا
مع مصر ، والیوم فرصة عراقیة وأخرى جزائریة لنواة رباعیة عربیة تخرج المنطقة
من حروب الإستنزاف
2021-01-12 | عدد القراءات 1778