ناصر قندیل
- لم ینل البحث في صحة وعدم صحة دعوة الحكومة المستقیلة للإجتماع ما یستحق من
الإھتمام على مستوى العلم القانوني والدستوري إلا من باب الضرورة القصوى التي
تفرضھا الأزمات الكبرى ، وساد عرف ومنطق یقولان بأن أھم تعبیرات إنتقال
الحكومة المستقیلة إلى تصریف الأعمال ھو توقفھا عن الإجتماعات ، وشارك رجال
القانون والدستور بتعمیم ھذا الإنطباع الذي بات یحتاج الى المزید من التدقیق ، في بلد
یشكل المعدل الوسطي لفترات تشكیل الحكومات رقما قیاسیا عاملیا یمتد لشھور ،
بحیث تشھد شؤون البلد الكثیر من القضایا التي تطرح قضیة انعقاد اجتماعات الحكومة
على بساط البحث .
- قد یكون للسیاسة الدور الرئیسي في ترویج معادلة تتصل بالصلاحیة الدستوریة دون
نقاش دستوري ، فاجتماع الحكومة المستقیلة أمر یعزف عنھ رئیسھا تعبیرا عن زھده
بالسلطة وإستعجالھ الرحیل ، رغم ما یعرفھ اللبنانیون عن تعلق أغلب رؤساء
الحكومات بالباقء على كرسي الحكم ، وأحیانا یتسم عزوف رئیس الحكومة المستقیلة
عن عقد إجتماعاتھا بالكید ، للتعبیر عن إمتعاضھ من الذین دفعوه للإستقالة ، بإدارة
الظھر ، وبیده مواقف وتصریحات وأعراف تقول ان اجتماع الحكومة محظور بعد
الإستقالة ، وفي أحیان أخرى یمارس الرئیس المكلف بتشكیل الحكومة ضغطا نفسیا
وسیاسیا وشعبیا لمنع إجتماعات الحكومة المستقیلة ، بإعتبار ھذه الإجتماعات تقدم نوعا
من الإیحاء بانھ یمكن تسییر أحوال البلاد دون حكومة جدیدة ، بینما یحتاج الرئیس
المكلف لإستثمار مناخ الشعونر بالأزمات لفرض شروطھ في التألیف ، وللظھور
بمظھر المنقذ .
- لا نخال الرئیس حساد دیاب متأثرا بأي من ھذه الإعتبارات ، لكنھ وقف ضد إجتماع
حكومتھ قائلا أنھ لن یفعل ذلك لأنھ مخالف للدستور ، فعدنا للدستور ورجال الدستور
لنجد المستند الذي یمنع إجتماع الحكومة المستقیلة ، فلم نجد إلا نصا واحدا یتحدث عن
الحكومة المستقیلة وتصریف الأعمال ، مخصص للحكومة اقبل نیل الثقة ، وإستطرادا
المستقیلة ، لجھة ممارسة صلاحیتھا ضمن المعنى الضیق لتصریف الأعمال ، ونجد
أن اول ما تقوم بھ الحكومة قبل نیل الثقة وفقا لنص المادة نفسھا ھو الإجتماع لإعداد
بیانھا الوزاري ، ووجدنا الدستور یتحدث عن الحكومة كحكومة ولیس عن الوزراء فيتصریف الأعمال ، ولم نجد إلا الأعراف التي خرقتھا إستثناءات ، تقول أن شائعة
دستوریة تسود الوسطین السیاسي والنیابي وصولا للرئاسي ، عنوانھا ان الحكومة لا
تجتمع في حال تصریف الأعمال .
- الموازنة كعمل دستوري لھ مواعید محددة في الدستور ، لا تتغیر بكون الحكومة
مستقیلة أو اصیلة ، وھو إستحقاق ملزم موجب للحكومة ، ویستدعي أن تجتمع الحكومة
كما یوجب البیان الوزاري الحكومة قبل نیل الثقة ، فكیف یعقل قبول تخلي حكومة
تصریف الأعمال عن مسؤولیتھا في إقرار الموازنة وإرسالھا إلى المجلس النیابي
ضمن المواعید والمھل الدستوریة ، وفي بلد تتكاثر فیھ الأزمات ولا تبدو الحكومة
الجدیدة وراء الباب ، یمارس الوزراء منفردین فوضى فائض الصلاحیات التي كانت
مقیدة بإجتماع الحكومة قبل الإستقالة ، وھي الیوم أكثر من صلاحیات الوزراء في
زمن الحكومة الأصیلة ، فكیف بالحكومة المستقیلة ؟
- دولة الرئیس حسان دیاب ، أقصر الطرق للجواب على الأسئلة أن تقوم بدعوة عدد من
رجال الدستور وعلى رأسھم الدكتور بھیج طبارة لسؤالھم ، لإعادة النظر بقرارك عدم
دعوة الحكومة للإجتماع ، لأن ممارسة الصلاحیات ضمن المعنى الضیق لتصریف
الأعمال ھو ضوابط یجب ان تضعھا الحكومة في اجتماع تعقده بعد استقالتھا ،
وتمارسھ مجتمعة ، وتراقب ممارستھ من الوزراء منفردین ، وعدم الإجتماع تعبیر
إعلامي عن الإستقالة ھو ترف في غیر مكانھ ، یفتح الأبواب الواسعة لخرق مفھوم
المعنى الضیق لتصریف الأعمال من قبل الوزراء منفردین ، لمجرد أن الحكومة لا
تجتمع
2021-01-12 | عدد القراءات 1606