– منذ تكليف السفير مصطفى أديب بتشكيل حكومة اختصاصيين، وقع اللبنانيون بين مشروعين مختلفين يقفان تحت سقف المبادرة الفرنسية، واحد يعتبر أن المطلوب هو حكومة من شخصيات غير منتمية الى الواجهة الحزبية والسياسية تتمتع بالكفاءات، لكنها تحظى برضى وقبول ودعم الكتل النيابية التي ستمنحها الثقة، وثانٍ يريد أن ينال الرئيس المكلف صلاحية تشكيل الحكومة منفرداً، وكان معلوماً أن الرئيس سعد الحريري يقف وراء المفهوم الثاني مضافاً اليه مشروع مداورة الحقائب بما اعتبره الثنائي الشيعي سعياً لنزع حقيبة المالية من يده، ما يعني إضعافاً لمفهوم الشراكة في القرار.
– اعتقد الرئيس الحريري بعد اعتذار أديب أنه يمكن احتواء نتائجه بإعلان استعداده لمهمة رئاسة الحكومة معتبراً أن التسليم بإعادة الاعتراف بحقيبة المالية للثنائي الشيعي ولو لمرة واحدة وربط النزاع حول المبدأ، كافياً لتجاوز العقد التي عطلت مهمة اديب، محاولاً الحفاظ على مكتسب لرئيس الحكومة بفرض عرف جديد يمنحه حق الانفراد بتسمية الوزراء تحت شعار حكومة استثنائية محتمياً بتسمية حكومة مهمة التي وردت في المبادرة الفرنسية.
– خلال شهور ثبت أن الفهم الذي يتمسك به الحريري لحصرية تسميته للوزراء، استنهض مقابله موقفاً موازياً لرئيس الجمهورية تحت عنوان الصلاحيات وشراكة الرئيس بتأليف الحكومة، كما أثار إشكالية تطبيق المداورة باستثناء وزارة المالية.
– النقطة التي بلغتها حكومة الحريري تشبه تلك التي بلغتها حكومة الرئيس حسان دياب بعد أسبوعين من تكليفه وانتهت خلال أربعة أسابيع بحكومة من عشرين وزيراً، شاركت الكتل النيابية بتسميتهم مع مراعاة ان يكونوا من غير النواب وغير المنتمين الى الواجهة الحزبية والسياسية.
– لم يكن هذا الشكل الذي رافق ولادة حكومة الرئيس دياب سبب ضعفها بمقدار ما كان السبب هو الحرب التي أعلنها الرئيس الحريري وفريقه على دياب واتهامه بعدم تمثيل طائفته، وبوجود الحريري على رأس الحكومة ينتفي هذا السبب، ويبدو اعتماد حكومة دياب كمسودة أولية للحكومة الجديدة، هو الخيار الواقعي الوحيد للخروج من الأزمة، مع تعديل الخلفيات السياسية التي تبدلت في وضع الحكومة الجديدة، حيث استجد تمثيل تيار المستقبل والحزب التقدمي الاشتراكي والحزب السوري القومي الاجتماعي.
– كلفة الفراغ الحكوميّ على لبنان واللبنانيين أكبر بكثير من كلفة أية نتائج سلبية يراها الرئيس الحريري في هذا المخرج الحكومي.
2021-01-23 | عدد القراءات 14830