المعركة على تعیین مالي ...معركة خیارات

نقاط على الحروف
ناصر قندیل
- حسنا فعل النائب السابق ولید جنبلاط بسحب إعتراضھ على تعیین رئیس مركز 
الأزمات الدولیة روبرت مالي مبعوثا أمیركیا خاصا بالملف النووي الإیراني ، بعد 
تصدر الصحف الإسرائیلیة بمقالات عنیفة تحذر من ھذا التعیین بصفتھ خبرا سیئا 
بالنسبة لكیان الإحتلال ، ولیس صحیحا ان المآخذ على مالي تنبع من العنوان المستخدم 
ضده ظاھریا ، سواء بلقائھ قیادات حركة حماس ، أو عدم تشجیعھ لدعوات الحرب 
على سوریة ، فالقضیة الرئیسیة التي تولاھا مالي وتثیر الإزعاج ، ھي مشاركتھ من 
موقعھ كعضو في مجلس الأمن القومي في عھد الرئیس باراك أوباما في الوفد 
التفاوضي مع إیران ضمن صیغة الخمسة زائدا واحد ، ودوره في الوصول للإتفاق ، 
ضمن شراكتھ مع رفیق الدراسة في فرنسا توني بلینكن الذي شغل تباعا منصبي نائب 
مستشار الأمن القومي ونائب وزیر الخارجیة في عھد أوباما والذي صار الیوم وزیرا 
للخارجیة .
- في حوار أجرتھ معھ مجلة لوبوان الفرنسیة قبل شھور وتنشر البناء الیوم أبرز ما ورد 
فیھ ، یشرح مالي ركیزتین في مقاربة الملف النووي الإیراني ما یمیزه عن سواه من 
الباحثین والمحللین والدبلوماسیین ، الأولى ھي مقاربتھ للإتفاق النووي كإطار ثبت من 
خلال ولایة الرئیس السابق دونالد ترامب ، أنھ لا یزال صالحا لینال كل من الفریقین 
ھدفھ المحوري ، المتمثل بعدم إمتلاك إیران لسلاح نووي بالنسبة لواشنطن ، ورفع 
العقوبات التي تقید حركتھا التجاریة ونموھا الإقتصادي بالنسبة لطھران ، حیث أدى 
الخروج من الإتفاق إلى إبتعاد كل من واشنطن وطھران عن ھدف كل منھما ، حیث 
زادت العقوبات من جھة فخسرت إیران ھدفھا ، وصارت إیران أقرب لإمتلاك سلاح 
نووي من جھة موازیة فخسرت واشنطن ھدفھا ، وفقا لما صرح بھ توني بلینكن امام 
الكونغرس بأن المھلة الفاصلة تقلصت من سنة الى ثلاثة شھور ، وھي مرشحة للتقلص 
أكثر كلما بدا أن العودة الى الإتفاق النووي بعیدة ، لكن مالي یدرك أن إیران قادرة على 
تأقلم إقتصادھا مع بقاء العقوبات أكثر من قدرة واشنطن على التأقلم مع تحول إیران 
إلى دولة تملك سلاحا نوویا .
- الركیزة الثانیة التي یبني علیھا مالي مقاربتھ ھي محاولتھ لفكفكة التعقیدات التي 
تعترض طریق العودة إلى الإتفاق ومحاولة رسم خارطة طریق لتجاوزھا ، وھو ھنایعترف بمشروعیة عدم ثقة إیران بالتوقیع الأمیركي بعدما تم ضرب عرض الحائط 
بإتفاقیة موقعة ومصادق علیھا من مجلس الأمن الدولي على أیدي رئیس أمیركي في 
سابقة لا شیئ یمنع تكرارھا ، كما یعترف بصعوبة معادلة أنت أولا ، التي یتبادلھا 
الفریقان الأمیركي والإیراني لجھة مطالبة كل فریق للآخر بالعودة قبل الآخر ، وھي 
معادلة خصص لھا الكاتب في الفایناینشیل تایمز دیفید غادرنر مقالتھ أمس ، مشیرا الى 
أنھا مع عقد الطلبات الأمیركیة التي یشیر إلیھا مالي ، كملف الصواریخ البالستیة ، 
والأوضاع الإقلیمیة ودور إیران في الإقلیم ، وقرب نھایة مدة الإتفاق النووي والحاجة 
للبحث عن سبل تمدیده ، تشكل نقاط الرھان الإسرائیلي على تعقید العودة للإتفاق تحت 
شعار لم نعد في العام 2015 وأشیاء كثیرة قد تغیرت ، ما یستدعي إتفاقا آخر ، لتجیب 
خارطة طریق مالي على ھذه التعقیدات بمعادلة ، أن الإتفاق یشكل منصة الإنطلاق 
لمفاوضات لاحقة تتسع لكل شیئ ، وأن تجمید الإجراءات من خارج الإتفاق من 
الطرفین بتوقیت متزامن ، تمھیدا لإنعقاد مجلس وزاري للموقعین على الإتفاق ضمن 
صیغة الخمسة زائدا واحد ، یشكل الجواب على معضلة انت أولا .
- القضیة لبیست قضیة شخص روبرت مالي ، بل قضیة العودة للإتفاق النووي لأن 
المنطقة في ظل الإتفاق تختلف عن المنطقة بغیابھ ، والعلاقات الأمیركیة الإسرائیلیة 
والأمیركیة الخلیجیة تختلف بین الحالتین ، وقد صار الإتفاق محور المشھد الإقلیمي ، 
بعودتھ ترتسم صورة وبغیابھ صورة أخرى ، وھدف الحملة على تعیین مالي اذا قیض 
لھا النجاح اخضاع من سیحل مكانھ لادارة الملف لدفتر شروط الذین خاضوا الحملة 
على مالي 

2021-01-28 | عدد القراءات 1788