سنوكر سعودي أمیركي فرنسي في طرابلس ؟ نقاط على الحروف

ناصر قندیل
- لم یبق أحد معني بأحداث طرابلس إلا وتحدث عن ثنائیة ، وضع إجتماعي یقارب 
الإنفجار ، وإستغلال سیاسي ومخابراتي بالدفع بأموال لجماعات تصدرت عملیات 
الفلتان وتعمیم الفوضى وصولا لإحراق المؤسسات ، وجاءت المواقف الغاضبة 
للقیادات التي تملك شارعا وازنا في طرابلس إلى حد تحمیلھا للجیش مسؤولیة التھاون 
كحال الرئیس سعد الحریري ، او تلویح بعضھا بالأمن الذاتي كحال الرئیس نجیب 
میقاتي ، لتقول ان ھذه القیادات لیس لدیھا إستثمار یبرر إتھامھا بالوقوف وراء 
الأحداث ، بل لتقول ان ھذه القیادات تشعر بالإستھداف بنسبة قلقھا من الجھة المحلیة 
المعتمدة ونسبة شعورھا بإتسھدافھا من الجھة الخارجیة المشغلة والممولة .
- تنحصر الخیارات بین المحور الخلیجي بقیادة السعودیة ، والمحور التركي القطري ، 
من حیث الإمكانیة العملیة على التحرك في طرابلس والشمال ، والمصلحة بالإستخدام ، 
وبالتدقیق بالحسابات والمصالح تبدو تركیا غیر معنیة برسائل عبر لبنان او سواه بینما 
ھي في مرحلة الترقب لتبلور السیاسة الأمیركیة الجدیدة في التعامل معھا ، وتنحو 
للتھدئة كي لا تؤثر سلبا على فرضیة تبلور سیاسات إیجابیة ، كما تبدو على علاقة 
طیبة بالرئیس الحریري خصوصا في زمن علاقتھ السیئة بولي العھد السعودي ، بینما 
تبدو السعودیة في حال إضطراب وإرتباك وتوتر ، وشعور بالضیق ، مع صوت 
أمیركي مرتفع بإتجاه العودة للإتفاق النووي مع إیران ، وتجاوز الصراخ السعودي عن 
شرط الشراكة في التفاوض ، وقد قدمت ظاھرة صعود مفاجئ لعملیات داعش على 
جبھتي العراق وسوریة ، ووجود إنتحاریین سعودیین في عملیات بغداد ، إشارات 
واضحة لوجود سعي سعودي للضغط على إدارة الرئیس الأمیركي جو بایدن لتأجیل 
إنسحابھ من العراق وسوریة ، بإعتباره نصرا لمحور تحتل إیران فیھ موقعا حاسما ، لا 
ترید السعودیة أن یحدث إلا ضمن سلة تكون لھا منھا نصیب ، والرھان السعودي أن 
الإنسحاب یتعقد كلما بدا ان القضاء على داعش لم یتحقق .
- في السیناریو القائم على الفرضیة السعودیة ، إشارتان ، الأولى ان الجھة التي یتم 
التأشیر إلیھا في الأحداث التي شھدتھا طرابلس یتصدرھا شقیق الرئیس سعد الحریري 
، بھاء الذي جرى تقدیمھ كبدیل لشقیقھ خلال إحتجازه في فندق الریتز ، والذي یبدو 
واضحا أنھ یحظى بدعم ولي العھد السعودي من خلال الھواء الذي منح لمشروعھالإعلامي عبر قناة تلفزیونیة وازنة تربطھا علاقة متمیزة بولي العھد السعودي على 
أكثر من صعید ، وجاءت بعض التصریحات التي تشید ببھاء من شخصیات مثل النائب 
السابق مصباح الأحدث ، أو تتحدث عنھ كمشروع تحالف كما قال الوزیر السابق 
أشرف ریفي ، لتمنح ھذه الفرضیة أسبابا أكبر خصوصا أن دور المنتدى الممول من 
بھاء الحریري في ما سمي بطرابلس عروس الثورة كان علنیا ومعلوما من الجمیع .
- في التوقیت ھناك تطوران قید التفاوض تزامنا مع الھبة الطرابلسیة ، الأول السعي 
الفرنسي للحصول على تفویض أمیركي لإحیاء الرعایة الفرنسیة للبنان ، والثاني 
التمھید الأمیركي لتكلیف الخبیر روبرت مالي بمھمة مبعوث خاص للملف الإیراني ، 
كتعبیر عن نوایا أمیركیة جدیة بالعودة للإتفاق وسعیا لترمیم الثقة مع القیادة الإیرانیة ، 
وبالتوازي كانت حملة سعودیة واسعة النطاق إستنطقت بعض اللبنانیین إحتجاجا على 
تعیین مالي ، فجاءت أحداث طرابلس لتربط مصیر لبنان بما بدأ في سوریة والعراق ، 
وتقول ان تطبیق السیاسات التي سترسم في الإقلیم لن تمر دون الرضى السعودي ، 
ومدخل ھذا الرضا إلتزام بعدم بت التفاھم مع إیران دون شراكة سعودیة ، ولبنان في 
ظل الحضور القوي لحزب الله ساحة مناسبة لإنعاش السیاسات التي رسمتھا السعودیة 
مع الرئیس السابق دونالد ترامب ، بربط اي تعافي للبنان بإضعاف حزب الله .
- ما حدث أمس كان ملفتا ، فقد خرج الرئیس الفرنسي امانویل ماكرون لیتحدث عبر قناة 
محمد بن سلمان لیقول انھ متمسك بحق الشراكة السعودیة في التفاوض مع إیران ، 
بینما أعلن البیت الأبیض تجمید صفقات السلاح السعودیة والإماراتیة حتى وقف حرب 
الیمن ، وتم إصدار قرار تسمیة مالي مبعوثا خاصا في الملف الإیراني ، فھل كانت 
طرابلس طاولة لعبة سنوكر سعودیة فرنسیة امیركیة ،حققت أھدافھا على المسار 
الفرنسي وأدخلت الطابة المستھدفة ، بینما كان الحصاد الأمیركي سلبیا ، وربما أدخلت 
الطابة الخطأ ، إن لم تكن الطابة الممنوعة 

2021-01-30 | عدد القراءات 1946