كيف سيخرج الأميركيون من عنق الزجاجة ؟ نقاط على الحروف ناصر قنديل
مع بداية إلتزام الرئيس الأميركي جو بايدن بالعودة للإتفاق النووي مع إيران ، حمل خطاب بايدن كل الموروث المرافق لمرحلة سلفه الرئيس السابق دونالد ترامب ، موزعا على نوعين من العقد ، فتحدث في العنوان الأول عن حتمية العودة للإتفاق النووي مع إيران مضيفا ثلاثة شروط ، الأول البحث بمستقبل ما بعد نهاية مدة الإتفاق بعد خس سنوات ، والثاني الصواريخ البالستية الإيرانية ، والثالث الأوضاع الإقليمية وما يسمى بالنفوذ الإيراني فيها ، وفي العنوان الثاني ربط بايدن العودة الأميركية للإتفاق بالعودة الإيرانية لشروط الإتفاق أولا ومن ثم التحقق من هذه العودة وعندها ستفعل واشنطن المثل ، ودائما كان بايدن واركانه يتحدثون عن انجاز كل ذلك بالشراكة مع الحلفاء .
يعرف بادين ان الشروط التي وضعها تعني ان لا عودة الى الإتفاق ، فبعض هذه العناوين كانت مطروحة على إيران كشرط لتوقيع الإتفاق عام 2015 ، ولاقت صدا ورفضا إيرانيين وكانت النتيجة تخطيها وتوقيع الإتفاق ، كملف الصواريخ وشراكة الحلفاء في التفاوض وخصوصا إسرائيل والسعودية ، أما ما يسميه الأميركيون رسميا بالنفوذ الإيراني الإقليمي ، فهم في التفاصيل يتحدثون عن ملف عراقي وملف سوري وملف لبناني وملف يمني كل بصورة منفصلة ويطرحون خلاصات ومواقف بعضها يسلم بالقراءة الإيرانية وبالفشل الأميركي للسياسات المعتمدة ، وها هم يبدأون بمقاربة الملف اليمني بلغة وقف السعودية والإمارات للحرب ويمنعون عنهما السلاح ، ويتحدث رموزهم عن الحاجة لمقاربة جديدة لسورية .
خلال اليومين الأخيرين وجد الأميركيون مخرجا من هذا المأزق عبر تصعيد اللهجة عن خطورة إمتلاك إيران لمقدرات إنتاج سلاح نووي خلال أسابيع ، وقد كرر هذا التحذير وزير الخارجية توني بلينكن ومستشار الأمن القومي جيك سوليفان ، للوصول الى صيغة معلنة تتحدث عن إتفاقين ومرحلتين ، إتفاق أصلي قائم يجب العودة اليه ثنائيا من واشنطن وطهران ، وإتفاق ثان يصفونه بالأعمق والأقوى والأمتن يضم باقي العناوين ، اي شراكة الحلفاء وملف الصواريخ ومدة الإتفاق على طريقة الترحيل افضل سبل التعطيل ، فيصير الأخذ بهذه النقاط مشروطا بقبول إيران بدلا من أن يكون قبول العودة للإتفاق مع إيران مشروطا بقبولها بهذه النقاط ، والعذر أكثر من كاف ، الوقت لا يسمح بالمناورة ويجب الإسراع بالحؤول دون بولغ إيران مرحلة الخطر التي حددها بلينكن وسوليفان بأسابيع .
يبقى العنوان الثاني وهو آلية العودة ، ونظرية أنت اولا ، التي تحدث عنها روبرت مالي قبل ان يصير مبعوثا خاصا للملف الإيراني ، وهي هنا مهمته لتذليل تعقيداتها وفقا لما وصفه ببناء الثقة ، التي يعترف بأن فقدانها من طرف غيران بعد الإنسحاب الأميركي من الإتفاق مشروع ، ويقوم مقترح مالي وفقا لما يقرأ بين سطور حواره مع مجلة لوبوان الفرنسية قبل تعيينه مبعوثا خاصا ، على الخطوة خطوة ، أي الإتفاق الضمني على جدول طلبات متبادلة ، يتم تلبيتها بالتتابع والتزامن والتوازي ضمن مهلة زمنية يتفق عليها ، كصعود السلم ونزوله للتلاقي في منطقة وسط ، ويبدو الطلب الأميركي على لسان بلينكين أمس بالإفراج عن معتقلين أميركيين في إيران ، بينما يبدو من الجانب الإيراني ، الإفراج عن أموال إيرانية مجمدة في مصارف خارج أميركا بفعل العقوبات الأميركية ، والإفراج عن مشتريات إيرانية خاصة بمواجهة وباء كورونا ، ويمكن أن تكون الخطوات الخاصة باليمن بعضا من خطوات التدرج نحو العودة إلى الإتفاق ، الذي يدخل مرحلة حرجة في شهر آذار المقبل ، حيث تنتهي المهلة المعلنة من إيران بتعصيد درجة تخصيب اليورانيوم ، ويحل موعد الإجتماع المقرر للجنة وزارية للموقعين على الإتفاق الذي ستحضره إيران ويترك الباب مفتوحا لنضج ظروف حضوره من الجانب الأميركي ، ليعلن من هناك اطار العودة المتزامنة .