ناصر قنديل
- بين دعوة البطريرك الماروني بشارة الراعي لمؤتمر دولي لحل الأزمة اللبنانية ،
وتخيل الطابع المحلي الصرف للأزمة الحكومية ، تشابه لجهة الإستحالة في الحالتين ،
فالمؤتمر الدولي ليست مشكلته فقط انه يفتح بازار التقاسم الدولي للمصالح والنفوذ ،
ويجعل لبنان مجرد قطعة جبنة ، بحيث يؤول النفط والغاز لطرف ، والحدود لطرف ،
والكهرباء والمرفأ لطرف ، وتتشكل حكومة بتوازنات القوى الدولية والإقليمية ،
وخطوط هاتف مفتوحة من مجلس الوزراء لعواصم القرار بدلا من زعماء الطوائف ،
فالقضية في المؤتمر الدولي أولا وأخيرا هي الإستحالة ، لأن الدعوة مؤسسة على وهم
أن الدول تأتي غب الطلب ، بينما لبنان بعيون الدول جزء من رؤيتها للمنطقة ، وعندما
تنضج الرؤى للتلاقي على حل لن يحتاج الى مؤتمر دولي ، أما دعاة الحلو الداخلية
فيعيشون وهما آخر ، وهو الإعتقاد بأنه يكفي عدم وجود قوى معرقلة خارجيا لولادة
الحكومة كي يلتقي المعنيون في الداخل وتولد الحكومة ، وهذا غير صحيح .
- طرفا الرئاستين المعنيتين بتشكيل الحكومة ليسا جاهزين لإتسيلاد حكومة تسوية ، فكل
منهما يحتاج حكومة يضع يده عليها لمواجهة القلق من خارج ، وكل من الفريقين
الرئاسيين ينطلق من أنه يقف على أرض غير صلبة في علاقاته الخارجية ، ويدرك ان
الورقة الوحيدة التي يملكها لإستدراج عروض خارجية ، تتمثل بإحدى حالتين ، الأولى
هي ان تتشكل الحكومة بما يؤكد أنه صاحب اليد العليا والكلمة الأخيرة فيها ، بعيدا عن
خطابات العلن حول الإختصاصيين من جهة ، وخطابات حقوق المسيحيين والتمثيل
المسيحي من جهة مقابلة ، واي تدقيق في الخطابين يكشف الهشاشة ، فلا إحتساب
الرئيس سعد الحريري للوزير الذي ستشارك الكتلة الأرمنية في تسميته من حصة
رئيس الجمهورية أقنع أحدا ، ولا وضع الرئاستين لليد على الوزير الذي يفترض ان
يتم إنتقاؤه بالتشارك مع الكتلة القومية وسعيهما للتسابق عليه تعبير عن معيار
الإختصاص او تمسك بصلاحيات رئيس الجمهورية ، والكتلتان تملكان الحيثية النيابية
وأهلية القدرة على التسمية التي تبرر تمثيلهما ، ومساحة مشتركة بين الرئاستين ، وفقا
لمعايير المبادرة الفرنسية .
- عدد الوزراء في الحكومة لا علاقة له إطلاقا بمعايير العمل الحكومي ، وإلا لذهب
البحث بحكومة من أربعة وعشرين وزيرا تتشكل من إثنين وعشرين حقيبة إختصاص
لا يمكن لوزير ان يجمع منها أكثر من واحدة ونائب رئيس ورئيس بلا حقائب ، وهي
في التوزيع الطائفي الأكثر مراعاة لمعايير إتفاق الطائف ، وتمسك الرئيس المكلف
بعدد ال18 وزير لأنه الأفضل لضمانة السيطرة على الحكومة ، وتمسك رئيس
الجمهورية بعدد ال20 وزيرا لضمان السيطرة المعاكسة ، علما ان صيغة ال20 أقرب
للتمثيل الصحيح من صيغة ال18 ، لكن الأصل يبقى في التصورين المتقابلين وفقا
لإحتساب كيفية توزيع القوى والأحجام داخلها ، ففي صيغة ال18 المقترحة غلبة
لرئيس الحكومة بينما تضمن صيغة ال20 غلبة معاكسة لصالح رئيس الجمهورية .
- القضية هي في قلق الرئيس سعد الحريري تجاه موقف السعودية منه ، وهو موقف لم
تنجح محاولات تغييره ، وهو لا يحتمل ان يترأس حكومة يقال عنها أنها حكومة
الرضوخ لرئيس الجمهورية ومن خلفه حزب الله ، وفقا لمضمون الخطاب السعودي
بحقه ، وبالمقابل قلق التيار الوطني الحر من الموقف الأميركي الذي ترجم بالعقوبات
على رئيس التيار ، ومخاطر تأثيراته على مستقبل التيار بعد نهاية العهد الرئاسي ،
بينما الإمساك بالحكومة مدخل في زمن التغييرات في السياسات ، وموقع لبنان فيها ،
لفتح قنوات لا يتيحها الوضع اذا كان رئيس الحكومة قادرا على الإمساك بأوراقها ،
والمشكلة تكم في أن عدم تشكيل حكومة يبدو للفريقين رسالة للخارج بالتلويح بمخاطر
الإنهيار لإستدراج تدخلات فرنسية وغير فرنسية ، تجلب للرئيس الحريري الإطمئنان
السعودي ، ولرئيس الجمهورية والتيار الوطني الحر الإطمئنان الأميركي .
- سيبقى لبنان معلقا على حبال الإنتظار حتى يتدخل الخارج ، وينال كل من الفريقين
الرئاسيين تعويضا بديلا عن الحصة الإضافية التي يسعى للحصول عليها في الحكومة
، ويقدم بذلك للفريقين الإطمئنان الخارجي الذي يسعى للحصول عليه فتصير التفاصيل
الحكومية مجرد تفاصيل .
2021-02-15 | عدد القراءات 2674