الأسبوع الحاسم في المنطقة والعالم نقاط على الحروف

ناصر قنديل
- مع نهاية الأسبوع يدخل العالم مرحلة حبس أنفاس ، فالأسبوع المقبل يبدأ مع نهاية
المهلة التي حددتها طهران ، للخروج من آخر الضوابط التي تربطها بالإتفاق النووي
الذي إنسحبت منه واشنطن قبل ثلاثة أعوام ، والمهلة الإيرانية المحددة بقانون عن
مجلس الشورى غير قابلة لتعديل ما لم يحدث شيئ ذي قيمة على مستوى العودة إلى
الإتفاق ، لا يقتصر على تقديم تطيمنات ، بل يتضمن إجراءات وخطوات عملية يمكن
أن تقتنع بها الحكومة الإيرانية وتستطيع أن تقنع بها مجلس الشورى ، والجهات الفاعلة
في المجتماع والدولة الذين ينطلقون من اللاثقة بكل ما يصدر عن واشنطن بدليل ما
اصاب الإتفاق الموقع والمصادق عليه بقرار من مجلس الأمن الدولي ، والذين ترجموا
مشروعهم البديل على لسان وزير الأمن الإيراني بالدعوة لإمتلاك إيران لسلاح نووي
، وهو أمر يستحيل ان يصدر عن موقع رسمي بصورة تمثل تمردا على فتوى الإمام
الخامنئي بمقدار ما تجب قراءته كتعبير عن وجود دراسة لدى الإمام الخامنئي نفسه
لإعادة النظر بفتواه ، كما سبق وأشار الرئيس الأميركي الأسبق باراك اوباما لما وصله
عبر وسطاء موثوقين ، كما قال ، لخطورة مواصلة الضغط على إيران إستنادا الى
الإطمئنان للفتوى التي تحرم إنتاج سلاح نووي ، وهو ما يؤكد القادة الإيرانيون
خطورته ، لأن هذه الفتوى لم توضع لإضعاف إيران ، بل لتقديم إيران لنموذج إنساني
متقدم تسقط مبرراته عندما يظهر الآخرون في العالم نواياهم العدوانية .
- الصيغة التي قدمتها إيران كخارطة طريق نحو العودة للإتفاق النووي ، بلغت الحد
الممكن من الواقعية ، عبر التأكيدات التي أعلنها وزير الخارجية الإيرانية محمد جواد
ظريف ، على عدة مستويات ، أولها تأكيد صلاحية فتوى الإمام الخامنئي كقاعدة
للإمتناع عن إنتاج سلاح نووي ، ثانيها فتح الباب لخطوات متزامنة متبادلة تفتح طريق
العودة للإتفاق ، ثالثها فتح الباب لوساطات يتولاها عدد من الأطراف من روسيا الى
اليابان الى قطر وعمان وسويسرا ومفوض الشؤون الخارجية في الإتحاد الأوروبي ،
بينما واشنطن التي لا تزال تكرر معادلة مقفلة أمام العودة الفعلية للإتفاق عبر القول
انها تنتظر تراجع إيران عن الخطوات الخارجة عن الإتفاق لتنظر بها وتقرر الخطوة
التالية ، تقدم على إرسال إشارات في ملفات موازية لنوايا لإيجابية ، منها تعيين مبعوث
خاص لإيران يشكل نصيرا بارزا للعودة إلى الإتفاق ، هو روبرت مالي المقبول لدى

إيران بمواقفه التي تتفهم أزمة الثقة الإيرانية بالمواقف الأميركية ، ومنها رفع تصنيف
أنصار الله في اليمن عن لوائح الإرهاب ووقف صفقات السلاح الى السعودية
والإمارات ، لكن العقدة لا تزال في إمتلاك هذه الإدارة شجاعة الإقدام على خطوات
عملية تتصل بالعقوبات ، تشكل نقطة بداية يمكن لها ان تخفض سقف التصعيد الإيراني
، كالإعلان عن إلغاء العقوبات عن كل ما يتصل بمواجهة إيران لوباء كورونا ، سواء
رفع الحظر عن برامج التجهيز الطبي او تحرير الأموال اللازمة لهذه البرامج ،
والإعلان عن إلغاء العقوبات عن المنصة الأوروبية الخاصة للمتاجرة مع إيران ،
وصولا للإعلان عن رفع العقوبات عن كل الأطراف الثالثين الذين يحتجزون أموالا
عائدة من المتاجرة مع إيران نفطيا تمهيدا لتحرير هذه الأموال .
- دخول مرحلة التصعيد في حال عدم إقدام واشنطن على خطوات عملية تقنع غيران
بتأجيل أو تجميد أو إلغاء الخطوات التي تعتزم السير بها الأسبوع المقبل ، قد يشكل
نقطة اللارجعة في مسار التصعيد ، حيث يصعب بعدها التراجع ، وتتجه إيران حكما
نحو خيار إمتلاك السلاح النووي ، وهذا السبوع هو الفرصة الأهم لتفادي هذا الخيار ،
والعالم كله يقف بالنظر لمسار العودة للإتفاق النووي لرؤية ملفاته العالقة مع واشنطن
في مرآته ، فإن أحجمت واشطن عن إتخاذ الخطوات اللازمة نحو إيران ستفهم موسكو
وبكين إستحالة توقع الأفضل مع إدارة جو بايدن مما كان عليه الحال مع إدارة دونالد
ترامب ، وهذا معنى أن الرئيس الأميركي وإدارته يقفون هذا السبوع أمام خطوات
فاصلة في رسم السياسة الخارجية وضمان صدقية الحديث عن إحداث تغييرات ترد
الإعتبار للدبلوماسية ، لأن ذهاب الأمور الى التصعيد السبوع المقبل ستعني حكما
سقوطا جديدا لفرصة هامة وإستثنائية للعودة إلى الدبلوماسية .

2021-02-16 | عدد القراءات 2907