- ترسم شخصية كل من القادة الثلاثة الذين تحيي المقاومة ذكراهم تحت عنوان القادة
الشهداء ، صورة ركن من أركان هوية المقاومة ، بحيث يشكل الجمع تعبيرا عن تكامل
وجوه حضور المقاومة ، بالرغم من أن شخصية كل من هؤلاء القادة جمعت في
مسيرتها كل عناوين الأداء رغم ما بدا تخصصا غير متعمد في وجه منها .
- السيد عباس الموسوي هو الأستاذ المؤسس للمقاومة الإسلامية ، وهذا الوصف الذي
يستخدمه في الحديث عنه قائد المقاومة السيد حسن نصر الله ليس مجرد تكريم بمقدار
ما هو تعبيرعن حقيقة المكانة والدور اللذين إطلع بهما السيد عباس في عقدنة البنية
التأسيسية للمقاومة ، وفي رسم مساراتها السياسية الرئيسية ، خصوصا الإنتقال الى
المعادلات التي لا تزال تقود تجربتها ، فهو أول من وضع نظرية المشاركة في
الإنتخابات النيابية وصاغ مبرراتها ، وأخرج حزب الله من مخاطر تكرار تجارب
بعض الحركات الإسلامية نحو الإنعزال ، بعدما ولدت مرحلة تولي الشيخ صبحي
الطفيلي للأمان العامة للحزب الكثير من التوترات وعناوين التطرف ، والسيد عباس
هو الذي قاد بناء العلاقة التحالفية مع سورية ، وهو الذي رسم حدود المسموح في
استخدام السلاح وحصره بمواجهة الإحتلال ، وهو الذي قاد السعي لطي صفحة
الإتشباك مع حركة أمل ، وبالتالي ولدت على يديه ثوابت مؤسسة في تجربة المقاومة
ضمنت لها بلوغ الأهداف وشكلت صمام أمان رفعتها وسموها فوق مخاطر الوقوع في
خطوط تماس أهلية كان حاسما بوصفها بالفتن .
- الشيخ راغب حرب نموذج قيادي نادر في تجربة المقاومة رغم قصر مدة إسهامه قبل
الإستشهاد ، لكن غزارة الشخصية وكثافة الحضور تركت ميراثا هائلا من التجارب
الإستثنائية ، فالجمع بين المقاومة بوجهيها الشعبي والعسكري ولد على يدي الشيخ
راغب ، وتعود له صياغة نهج الإنتفاضات والتشبيك الإجتماعي المفتوح لصناعة أوسع
مواجهة مدنية ، تحمي تشكيلات المقاومة المسلحة ، وتشاركها في محاصرة مشروع
الإحتلال وإظهار غربته وعدوانيته وطابعه الإحتلالي ، ولا تزال عبارته الشهيرة بوجه
ضباط جيش الإحتلال ، الموقف سلاح والمصافحة إعتراف معادلة حاسمة في رسم
المسافة عن الإحتلال ، ودليل كاف على حجم العبقرية الثقافية التي كان يمثلها .
- الحاج عماد مغنية مؤسس المدرسة العسكرية المستقلة للمقاومة ، بعدما كرس جهده
لإستيعاب تجارب الحروب النظامية والمقاومة الشعبية والمسلحة بوجه جيش الإحتلال
منذ ولادة الكيان ، وقرأ تجارب الكثير من الثورات وحركات المقاومة خصوصا على
الصعيد العسكري ، وإستوعب نظريات الإستراتيجيات لكبار منظري الحربين
العالميتين الأولى والثانية ، فيما هو منغرس في قلب المعركة ، يراقب جيش الإحتلال
و يحس نبضه عملية بعملية ، ويعيش يوميات العمل المقاوم ويستشعر مصادر القوة
والضعف ، ليضع الإطار النظري لنهوض مدرسة المقاومة العسكرية التي إختصرها
بحرب الروح ، القائمة على الإستثمار الروحي في بنية المقاومة ، والسعي لإصابة
جيش الإحتلال في روحه ، وصولا لإنشاء ميزان جديد للقوى يقابل ميزان القدرات
العسكرية هو ميزان الثقة بالنصر ، الذي بدأ يتعزز لدى المقاومين ويتزعزع في بنية
جيش الإحتلال ، وأسس على هذه العقيدة العسكرية بنية قتالية تمثلت بسلاح الصواريخ
السري ، وهذه بذاتها إشكالية ، فكيف يكون سلاح الصواريخ سريا ، والهدف واضح
عنده وهو الزج بالجبهة الداخلية الهشة في كيان الإحتلال في مهمة الإخلال بميزان
الثقة ، ورفع الأعباء والأكلاف القتالية على الجيش .
- نجحت المقاومة بوقائع تحكيها مسيرة اربعة عقود بتفوق نماذج قادتها الإستثنائي ،
ونجحت في إثبات أنها مقاومة جدية وصادقة بقدرتها على تقديم قادتها للشهادة ، لكنها
نجحت أكثر بإثبات انها تزداد قوة بشهادة قادتها .
- الحقيقة المشرقة الوحيدة في تاريخ لبنان والمنطقة حلال هذه العقود كانت هذه المقاومة
وإنجازاتها الملموسة والحية ، وفي مقدمتها تحرير الأرض من الإحتلال وحماية الوطن
من العدوان .
2021-02-16 | عدد القراءات 1748