ماذا یعني سقوط العقوبات كإستراتیجیة أمیركیة ؟ نقاط على الحروف

نقاط على الحروف
ناصر قندیل
- یخطئ الذین یعتقدون أن ما نشھده من مواجھة تحت عنوان العقوبات بین واشنطن 
وطھران ، ویشغل العالم كلھ ، ھو مجرد قضیة تكتیكیة تتصل بكیفیة صیاغة تفاھم 
حول الملف النووي الإیراني ، فھذا الملف على أھمیتھ ، بل العلاقة الأمیركیة الإیرانیة 
على أھمیتھ ، یصبحان ملفات ثانویة بالقیاس للعنوان الأكبر وھو إتسراتیجیة العقوبات 
، التي حلت مكان الحرب العسكریة ، والحروب بالوكالة ، في العقیدة الإستراتیجیة 
الأمیركیة كأداة بدیلة لفرض مشروع الھیمنة ، تعني أوروبا والیابان ودول الناتو الذین 
حاولت واشنطن في ظل إدارة الرئیس السابق دونالد ترامب إخضاعھم إقتصادیا 
وسیاسیا ، بقوة العقوبات ، وتعني أكثر روسیا والصین وكل دول التصدي لمشروع 
الھیمنة الأمیركیة ، ومنھا دول أمیركا اللاتینیة ، والكل ضحایا إستراتیجیة العقوبات 
بھدف الإخضاع ، كبدیل للحروب الخشنة والناعمة .
- المعركة مع إیران تمثل النموذج الأعلى مرتبة لإختبار ھذه الإستراتیجیة وحسم 
مصیرھا ، وسقوطھا كأداة للإخضاع في المواجھة مع إیران ، سیعني تحویلھا إلى 
سلاح خردة یضاف الى متاحف الحروب الأمیركیة ، فإیران بالعین الأمیركیة مصدر 
خطر وقلق وعداء یمكن حشد كل الأسباب الكافیة لإستھدافھا ، وقضایا الإتشباك مع 
إیران متعددة ومتشابكة حول المصالح الحیویة والتحالفات الوجودیة لواشنطن في 
منطقة ھي الأھم إستراتیجیا في الإقتصاد والسیاسة وخرائط الإنتشار العسكري ، 
وإخضاع إیران مفتاح لتغییر التوازنات الإقلیمیة والدولیة المحیطة ، ومكانة كل من 
روسیا والصین في ھذه التوازنات ، ومستقبل البیئة الإستراتیجیة المحیطة بكیان 
الإحتلال الذي یشكل ركیزة مشروع الھیمنة في المنطقة .
- كانت المعركة مع إیران بأدوات الحروب المباشرة قد تمثلت بحربي أفغانستان والعراق 
لتطویقھا ، ثم عبر حرب تموز 2006 على لبنان وحروب غزة في فلسطین ، لتقلیم 
أظافرھا وإضعاف مكانتھا ، ثم عبر حروب الوكالة التي بلغت الذروة في الحرب على 
سوریة ، وبعد الفشل جاءت العقوبات القصوى بدیلا ، ضمن فلسفة إستراتیجیة تقوم 
على ركني ، التأثیر السیاسي للعقوبات على النخب الحاكمة لتغییر سیاساتھا ، والتأثیر 
على مستوى معیشة الشعوب لدفعھا الى الشارع وإستثمارھا في محاولة تصنیع ثورة 
ملونة تتیح الرھان على تغییر جوھري في بنیة الحكم ، وخطاب العقوبات ورھاناتھاواضح في واشنطن تجاه إیران كما تجاه ساحات الإشتباك معھا ومع حلفائھا في سوریة 
ولبنان والیمن وفلسطین ، ومھما حاولت واشنطن تزیین خیارھا بالعودة الجزئیة ولاحقا 
الكلیة عن العقوبات ، فالحقیقة الثابتة ھي أن ما تقدم علیھ واشنطن ھو إعلان سقوط 
إستراتیجیة العقوبات ، التي لن تلبث وتحتضر في مختلف الساحات .
- تنتقل واشنطن من فشل الى فشل ، الحروب المباشرة والحروب بالوكالة والآن 
العقوبات ، والبحث عن البدائل لا یتحقق بالعودة الى ما سبق وفشل ، وكما تعلن إدارة 
الرئیس جو بایدن فإن البدیل ھو قوة المثال ولیس مثال القوة ، وھذا یستدعي تحمل 
خسائر كبرى لیثبت جدواه وینتزع مصداقیتھ ، فقوة المثال تستدعي مقاربة جریئة 
للقضیة الفلسطینیة ، تنسجم مع مزاعم حقوق الإنسان والقانون الدولي ، وعدم الإختباء 
وراء العجز عن إلزام كیان الإحتلال بتغییر السیاسات ، فالعقوبات سلاح صالح ھنا 
فقط ، والحدیث عن قوة المثال یستدعي إنصاف الشعوب المظلومة والمقھوة من عسف 
حلفاء واشنطن في دول الخلیج وغیاب أبسط قواعد الدیمقراطیة وحقوق الإنسان عنھا ، 
خصوصا في الیمن والبحرین ، وبصورة لا تبدو قابلة للشك ، قوة المثال تستدعي 
العودة الى تقریر بایكر ھاملتون بالحد الأدنى ، فھل تملك إدارة بایدن الجرأة 

2021-02-24 | عدد القراءات 2584