الیمن وحجم السعودیة ...سوریة وحجم "إسرائیل"
نقاط على الحروف
ناصر قندیل
- یبدو للكثیرین من الذین یتابعوا مسارات المنطقة وتطوراتھا أن مسار الملف النووي
الإیراني یشكل العامل الحاسم في رسم مستقبل المنطقة ، وفي ھذا جانب من الحقیقة
نظرا لمحوریة موقع إیران في معادلات المنطقة من جھة ، ولمحوریة المخاطر التي
تترتب على ذھاب إیران خارج الإتفاق النووي وصولا إلى إمتلاك سلاح نووي ، یزید
التعقید ویطرح معادلات جدیدة ، لكن الجانب الآخر من الحقیقة ھو أن الملف النووي
لإیران لا یختصر حقائق المنطقة ومعادلاتھا الجدیدة ، فعندما وقع الإتفاق حول الملف
النووي قبل خمس سنوات لم یكن ممكنا تجنب تداعیات وتأثیرات ھذا التوقیع على كل
ما یجري في المنطقة ، وعلى الأحجام والأوزان المتصلة بقوى كبرى وفاعلة في
المنطقة ، خصوصا من حلفاء واشنطن وفي المقدمة "إسرائیل" والسعودیة ، حیث بدأ
تحت ظلال نتائج الإتفاق تعاظم مكانة إیران في الإقلیم ، الذي ترجم تدحرجا في
الإنتصارات لسوریة وحلفائھا ، ما جعل "إسرائیل" في ظرف شدید التعقید والقسوة ،
سواء على جبھتھا مع لبنان حیث نجح حزب الله بالخروج منتصرا من سوریة ، او
على جبھتھا السوریة حیث سقط مشروع الإسقاط ، وبدأ یظھر تنامي القدرة السوریة
لمحاكاة معادلات جدیدة حول الجولان ، وفي ضفة موازیة بدأ ظھور الفشل السعودي
في الحرب على الیمن ، وتصاعدا تراجع مكانة السعودیة على المستوى العربي
والإسلامي ، في ظل صعود صاروخي لمكانة أنصار الله بما ھو أبعد من حدود الیمن
لفرض معادلة جدیدة في منطقة الخلیج .
- الذین تابعوا قرار الإنسحاب الأمیركي من الإتفاق النووي مع إیران ، یتذكرون أن
القضایا التي كانت حاضرة في القرار الأمیركي لم تكن على صلة جوھریة بالملف
النووي نفسھ ، بقدر ما كانت مرتبطة عضویا بالإستجابة لضغوط وعروض ووعود
إسرائیلیة وسعودیة ، ترجمت نفسھا بإضافة عنوانین للملف النووي ، ھما ملف
الصواریخ البالستیة الإیرانیة ، وملف النزاعات الإقلیمیة ، وھما یختصران القلق
السعودي والإھتمام الإسرائیلي ، وانطلاق واشنطن في ظل الإدارة السابقة للرئیس
دونالد ترامب ، بأن ترك الأمور على حالھا في ظل الإتفاق سیؤدي إلى وضع جدید في
المنطقة یكون فیھ ھذین الحلیفین المحورین لواشنطن في ظروق تزداد صعوبة وتعقیدا
، وما كتبھ الخبراء الأمیركیون عن مخاطر تسلیم المنطقة لإیران وحلفائھا ، وماإستنتجھ بعضھم من أن التموضع الروسي العسكري ، ومن بعده التموضع التركي
السیاسي ، ھما من ثمرات ما حققتھ إیران من نتائج الإتفاق النووي .
- تقارب الإدارة الجدیدة للرئیس جو بایدن ، ملف الإتفاق النووي من ثلاثة منطلقات ،
الأول ھو فشل رھان إدارة ترامب في دفع الوضع الداخلي في إیران للإھتزاز والفشل
في دفع القیادة الإیرانیة للتراجع ، والثاني ھو إقتراب إیران من إمتلاك مقدرات كافیة
لتصنیع سلاح نووي ، والثالث ھو العجز عن المواءمة بین المصالح الأمیركیة العلیا
ومصالح وتطلعات الحلیفین الإسرائیلي والسعودي ، ولذلك تذھب الإدارة الجدیدة نحو
رسم مسافة عن القیادتین الإسرائیلیة والسعودیة من جھة ، وحصر مسوؤلیتھا نحوھما
بالحمایة ، فیما یبدو الوضع في الیمن ذاھبا بعكس ما ترغبھ السعودیة ، والوضع في
سوریة ذاھبا بعكس ما ترغبھ "إسرائیل" ، رغم محاولات واشنطن للتقدم بحلول تعتقد
بوسطیتھا ، لا یبدو أنھا تلقى قبول حلیفیھا من جھة ، ولا بثقة من عاملتھم كأعداء في
سوریة والیمن ، ما یضع الأمور في نصاب مسارات متوازیة ، إیران تربح جولة
العودة الأمیركیة إلى الإتفاق النووي ، وإسرائیل تخسر معركة سوریة ، والسعودیة
تخسر معركة الیمن .
2021-02-25 | عدد القراءات 1393