البوكمال مجددا كتب ناصر قنديل

  •  في الجغرافيا العسكرية وافستراتيجية لمحور المقاومة ، وسورية في قلبها تمثل البوكمال مضيق باب المندب ومضيق جبل طارق ومضيق هرمز معا ، ومنذ سنوات تختصر البوكمال كل المضائق لأنها مضيق المقاومة ومعبر أنابيها وممر الروح بين مكونات محورها ، وعلى اليوكمال تنتصب جبهات الحروب الكبيرة والصغيرة و يبدو أن أمن الشرق الأوسط سترتسم هويته منهذه المدينة الصغيرة .
  • لم يكن من الفراغ ان يذكرها بالإسم كل رئيس أميركي وأن يبدأ الرئيس الجديد أول عمل عسكري بإستهدافها ، لأنها اهم من خليج الخنازير الذي رسم أمن العلاقة بين واشنطن وموسكو يوم ازمة الصواريخ في كوبا ، فقبل ثلاثة أعوام ونيف عندما حقق الجيش السوري وقوى المقاومة المشاركة من الجهتين السورية والعراقية إنتصارا تاريخيا بدخول المدينة الواقعة على الحدود السورية العراقية ، وتواصلوا مع الحشد الشعبي المتواجد في القائم ، قامت قيامة الأميركيين وقاموا بقصف الجيش السوري تمهيدا لعودة داعش الى المدينة .
  • عندما تجدد الهجوم وكان الدعم الجوي الروسي حاسما قال الأميركيون لن نسمح بأن يتم تحت شعار تحرير البوكمال من داعش بتحويلها لنقطة وصل بين ايران وسورية وحلفائها في لبنان وخطا لامدادهم بالسلاح ، وحاولوا مناقشة الأمر مع الروس على اعلى المستويات ، وبسبب البوكمال فشلت ترتيبات لقاء الرئيسين بوتين وترامب في فييتنام يومها .
  • اليوم حاول الاميركيون افتتاح عهد رئيسهم الجديد بغارات على البوكمال لرسم خطوهم الحمراء بعدما اعادوا الحياة لتشكيلات داعش ، وهم ينظمون جماعتهم في التنف والأنبار لتوفير ظروف هجوم جديد على البوكمال تحت غطاء ناري أميركي إسرائيلي ، وها هي قوى المقاومة تحتشد نحو البوكمال لأنها المعركة الفاصلة للأمن الإقليمي ومنها وبحصيلتها سترسم موازين المفاوضات والتسويات والمواجهات وتحدد سقوف الطروحات والمواقف .
  • الموقف الروسي الحاسم حاضر أيضا ويختصره مشهدان ، الأول كلام الوزير لافروف التحذيري للأميركيين من مخاطر تعرض غاراتهم لنيران الدفاعات الجوية السورية المتطورة ، والثاني مشهد هذه الدفاعات في الأسبوع الأخير بفاعليتها النوعية ومنظوماتها الحديثة ، ما ؤكد الإدراك الروسي لأبعاد المواجهة الدائرة حول المدينة ، غتسارتيجيا وعسكريا ، وبالتالي سياسيا ، لصلتها بمصير القوات الأميركية في سورية ومصير الدويلة الكردية كواجهة للإحتلال الأميركي .
  • تدرك سورية وتدرك قوى المقاومة وتدرك إيران وتدرك روسيا أن خارطة الطريق نحو السياسة تبدأ من حسم عسكري يثبت البوكمال وهويتها الواضحة كمضيق لقوى المقاومة يرسم حوله خط أحمر كبير ،فسورية هي قلب المقاومة النابض والبوكمال هي صمام هذا القلب .

2021-03-04 | عدد القراءات 1672