هل يصنع الفقر ثورة ؟ كتب ناصر قنديل

  • يتفاءل الناشطون الصادقون بسعيهم للتغيير رغم محدوديتهم في صفوف الجماعات التي تصدرت الحراك على شاشات التلفزيون الممولة من الخارج ، بأن تنقية مسار الحراك سيتحقق لصالح دعاة التغيير المخلصين في موجة ثانية يرونها قادمة لا محالة في ظل تسارع مفاعيل الأزمة الإقتصادية والمالية وما سينتج عنها من مزيد من إفقار الناس ودفعهم للنزول الى الشارع .
  • الذي لا ينتبه له هؤلاء هو ان كل مرحلة تبلغ الأزمة مرحلة تصاعدية تقوم الأحزاب المنظمة التي تريد توظيف الغضب الشعبي لفرض شعاراتها من جهة ، وادخال الشارع في الضغط لصالح مصالح ومطالب سياسية تتصل بلعبة التقاسم والمحاصصة ، وتجعل الشارع مجرد وسيلة لخدمة مصالحها ، وهذه الأحزاب تملك هيكليات وقدرة تحشيد تتيح لها السيطرة في ساحات نفوذها الجغرافي والطائفي بحيث تضيع الجماعات النظيفة من النشطاء الصادقين او تقمع .
  • الذي لا ينتبه له هؤلاء أيضا أن جماعات النشطاء المرتبطة بمشاريع خارجية والتي تملك مقدرات مالية وإعلامية وفرص الظهور والحضور ، سرعان ما تتحول الى واجهة تتصدر التحركات التي يفرضها الفقر ويؤدي اليها ، ويجد الناشطون الصادقون ودعاةالتغيير انهم أقلية محاصرة وصوتها ممنوع من الوصول الى حييث يجب ان يصل .
  • الأهم هو أن الفقر والإنهيار الإقتصادي والإجتماعي ، يؤدي الى تراجع دور الدولة ومؤسساتها ، وضرب فكرة الدولة في نظرة الناس لهويتهم لصالح صعود هوياتهم الطائفية وتجذرها ، ولذلك نجد ان الشارع الذي بدا واحدا سرعان ما تحول الى شوارع متقابلة رغم العناوين التي تجمع هذه الشوارع في المقدمات ، فإنها تفرقها في النتائج ، وكلما إقتربنا من الإنهيار وثورة الغضب سيصير ثورات يحمل كل منها شعاراته الطائفية وزعاماته الطائفية وليس شعارات التغيير الديمقراطي خارج العلب الطائفية .
  • الذين يلعبون بالملفات المالية والإقتصادية يعرفون جيدا المسارات التي يريدون تخديمها عبر الإنهيار ، ليس في لبنان فقط ، بل في المنطقة ، لدفع بلدان المنطقة المتفجرة نحو مشاريع التقسيم والإدارة الذاتية ، وإبعادها عن أي تغيير جدي يخدم مصالحها ، والذين يتهمهم دعاة التغيير في لبنان  بالفساد والطائفية ، سيصبحون زعماء المرحلة الجديدة منفردين ، بعدما كانوا زعماء مرحلة ما قبل الإنهيار مجتمعين .

2021-03-05 | عدد القراءات 1463