استراتیجیة الصدمة وفشل إعلام محور المقاومة ؟ نقاط على الحروف

استراتیجیة الصدمة وفشل إعلام محور المقاومة ؟ 
نقاط على الحروف
ناصر قندیل
- یبدي عدد من الناشطین المؤیدین لمحور المقاومة اھتماما یعبر عن جدیة وصدقیة بما یجري 
على الساحة الإعلامیة بمختلف میادین حضورھا ، بالتوازي والتزامن مع الضغوط الناجمة عن 
الحصار الاقتصادي ونتائجھ على قدرات الناس على الصمود ، وترد في حصیلة قراءة البعض 
منھم مخاوف من عنوانین یتم تداولھما في ساحات النقاش ، الأول ھو خطر إستراتیجیة الصدمة 
، المستوحاة من مشاریع وتجارب وإختبارات في علم النفس الإجتماعي تقوم على محو الذاكرة 
وتأسیس ذاكرة بدیلة مرتبطة بصدمة تبدل في إتجاه الاھتمامات وبناء الخیارات ، ویحذرون من 
مخاطر أن تؤدي الأزمات الإقتصادیة والإجتماعیة إلى نتائج خطیرة على البیئة الحاضنة لخیار 
المقاومة في ساحات الاشتباك ، تحت تأثیر "ھذه الصدمة" ، التي تشبھ مفاعیل كي الوعي التي 
انتھجتھا قیادات كیان الإحتلال لعقود في محاولة ردع فكري استباقي لأي مشروع مواجھة ، 
والثاني ھو ما یقولھ البعض عن فشل الإعلام المقاوم في مواجھة الحملات الإعلامیة المناوئة 
والمستندة الى مقدرات ھائلة ، وخطط وبرامج ومؤسسات ، ترسم الشعارات وتحدد الإستھدافات 
، وتعید عملیات التقییم والتصویب بإنتظام .
- كي یستقیم نقاش الفرضیتین ، یجب ان نخرج من البحث الإفتراضي إلى المفردات الحسیة التي 
یتبدى من خلالھا ، مسار تحقق فعل الصدمة ، أو تظھیر الفشل ، وھي حكما مفردات تتصل 
بخیارات الناس وبالأخص البیئة الحاضنة للمقاومة في ساحات الاشتباك ، وبغیاب إحصاءات 
علمیة على ھذا الصعید یمكن الإستناد إلیھا ، لا تتعطل عملیة التقییم بتعویض ھذا النقص 
بمؤشرات حسیة ملموسة لا یمكن الطعن بصدقیتھا ، فالواضح لأي باحث ان العراق وإیران 
والیمن وفلسطین ، ساحات یمكن قیاس فعل الصدمة ومقولة الفشل فیھا بأدوات متشابھة تقریبا ، 
وأن القضیة المحوریة التي یقصدھا الباحثون في الحدیث عن الصدمة والفشل تنحصر في لبنان 
وسوریة ، بشكل رئیسي ، حیث الضغوط المعیشیة مستجدة بالقیاس لما كان علیھ الحال لسنوات 
مضت ، بخلاف الیمن وفلسطین وإیران ، وحیث وجھة تحمیل المسؤولیة عن ھذه الضغوط 
المعیشیة تستھدف القیادة في سوریة والمقاومة في لبنان ، بإعتبار أن سیاساتھما أدت إلى تصادم 
مع قوى إقلیمیة ودولیة ، ما تسبب بتصعید المعاناة الإجتماعیة لغالبیة الناس ، بینما یستثنى 
العراق من ھذا حیث الضبابیة السیاسیة للحكم تتزامن مع ظروف معیشیة لم تبلغ مرتبة ما 
یشھده لبنان وسوریة .
- في التدقیق بساحات الإشتباك تبدو فلسطین مستثناة من نظریة الصدمة والفشل ، حیث 
الإستقطاب واضح منذ سنوات بین معادلات تصعید المقاومة تحت عنوان فك الحصار ، وحیث 
الخیارات مغلقة أمام التسویات بفعل السیاسات الأمیركیة التي إنضمت كلیا الى تغطیة عمیاء 
لإلغاء اي أمل بحلول تسوویة تعید بعض الحقوق وتحقق بعض الآمال ، كان ینقسم حولھا 
الفلسطینیون فوحدتھم ، فكان للصدمة والفشل معاني معكوسة ، حیث كسب خیار المقاومة 
ساحات ومساحات جدیدة لم تكن محسوبة في صفوفھ خلال سنوات مضت ، وإنتقلت الصدمة 
والفشل الى ساحة الكیان الداخلیة لیست موضع بحثنا ، أما في المثال الإیراني فنجد أن إیران 
ترفض عروضا سخیة بنظر أصحابھا الأمیركیین للعودة إلى الإتفاق النووي ، وتمضي ھي 
بخطة تصعید طلبا لتراجع واضح لا لبس فیھ من الجانب الأمیركي عن العقوبات ، ویستغربكل أصحاب نظریة الصدمة والفشل ، كیف أن إیران التي تم الإفراج عن نسبة معقولة من 
ودائعھا المجمدة ، لا تزال متمسكة بطلب رفع العقوبات بصورة كاملة كشرط لوقف خططھا 
التصعیدیة وإعلان عودتھا إلى الالتزام بموجباتھا في الإتفاق النووي ، وفي الیمن مثل إیران ، 
یقدم الأمیركي إشارات تقرب من الیمنیین بإعلان وقف صفقات السلاح السعودیة والإماراتیة ، 
وإلغاء تصنیف أنصار الله على لوائح الإرھاب ، ویفتتح المواجھة مع ولي العھد السعودي من 
بوابة ملف قتل الصحفي جمال الخاشقجي فیقرر إنزال العقوبات بالحرس الملكي و70 شخصیة 
سعودیة ، ویدعو لتفكیك قوات التدخل السریع التي تتبع لمحمد ابن سلمان ، فیما یواصل 
الیمنیون قصف العمق السعودي والتقدم نحو مأرب ، رافضین تقدیم أي إشارات إیجابیة مقابلة ، 
إلا بوقف الحصار والعدوان على بلدھم كشرط لوقف النار ، ودون أن نحتاج للتأشیر نحو 
التظاھرات الملیونیة في صنعاء ، والطوفان الشعبي في تشییع القائد قاسم سلیماني في إیران 
كعلامات على سقوط نظریة الصدمة ، یكفي البناء على السیاسات الإیرانیة والیمنیة لإستخلاص 
صلابة وتماسك البیئة الشعبیة حول خیارات قیاداتھا في البلدین ، وسقوط نظریة الصدمة 
وإستحالة الحدیث عن الفشل .
- في لبنان وسوریة نحتاج الى أدوات قیاس علمیة لمعاییر الصدمة والفشل ، ویبدو أن أفضل 
أدوات القیاس ھي المقارنة ، ففي لبنان یشكل عام 2005 معیارا نموذجیا للقیاس والمقارنة ، 
فیما یشكل عام 2011 منصة نموذجیة للقیاس والمقارنة في الحالة السوریة ، ذلك أن إتخاذ 
المعیار المعیشي أساسا للصدمة لا یعني أنھ اساس حصري ، اذا ما دققنا بحجم وتاثیر صدمة 
2005 على جمھور المقاومة في لبنان وتاثیر صدمة 2011 على الجمھور في سوریة ، 
وبالقیاس لمعاییر النجاح والفشل الإعلامي لا قیمة لعدد المنابر وأرقام الموازنات المخصصة 
لمواجھة المقاومة وسوریة وھي تتصاعد وتزداد ، بمقدار ما أن المھم ھو تأثیرھا حیث یفترض 
أنھ الھدف من التاثیر ، ولا حاجة للتذكیر ان قوة الإندفاعة الإعلامیة تنبع من صدقیتھا بالقیاس 
للحظة الصدمة ، ودرجة قبولھا من الشارع المستھدف ، ولیس من حجم الأدوات الموازنات 
المسخرة لھا .
- إخترنا عام 2005 لسبب وجیھ وھو أنھ في ھذا العام ، یسبق توقیع التفاھم بین التیار الوطني 
الحر وحزب الله ، حیث كان التیار حاضرا في ذروة تحركات 14 أذار المناوئة لسوریة 
والمقاومة بصفتھ أحد صناع القرار 1559 ، كما كان یباھي قادتھ آنذاك ، وكانت الصدمة بما 
ھي الحدث الصاعق الذي یصیب الجموع بالذھول ، ویلقي في النفوس الشكوك ، أكبر مما یمكن 
التخیل عبر ما مثلھ إغتیال الرئیس رفیق الحریري من خلط للأوراق وتسرب للظنون وطرح 
للتساؤلات ، فمن لم یشكك بدور للمقاومة في الإغتیال من جمھورھا ، تحت وطأة الآلة الجھنمیة 
لتصنیع الإتھامات إعلامیا وسیاسیا ، لم یبرئ سوریة من ھذه الإتھامات فیما كانت المقاومة 
تخرج لنصرة سوریة في تظاھرات 8 آذار ، والذین یعرفون لبنان جیدا یعرفون أن المقاومة لم 
تعرف منذ ذلك التاریخ لحظة اشد قساوة وصعوبة شعبیا وسیاسیا ، وأن مفاعیل كل مشاریع 
الصدمة والحرب الإعلامیة لم تحقق إلا المزید من التماسك في بیئتھا وساحتھا ، التي تبقى 
الأساس في التقییم ، فالسؤال الذي یواجھھ الذین یتحدثون عن الفشل الإعلامي ، ھو كم حققت 
المواقع والصفحات والحسابات المبرمجة على وسائل التواصل الإجتماعي ، والقناوت 
التفزیونیة العملاقة الممولة والمفتوح ھواؤھا منذ 17 تشرین لشیطنة المقاومة ، من إختراقات 
جدیة في الشراع المباشر للمقاومة ، وكم طرحت من تساؤلات حول شرعیة وصدقیة قیادتھالشارعھا ، الذي إن كان من ظاھرة جدیدة یمكن تشجیلھا فیھ ، فھي إؤتفاع مسنوب نفاد الصبر 
عل الھجمات التي تستھدف قیادتھ ، وببساطة یصیر السؤال الثاني بالقیاس لخطورة خطة 
2005 وحجم تماسك بیئة المقاومة ، ألا یشكل الوضع الراھن مشھدا أسد تماسكا وقوة أمام 
تحدیات اقل خطورة ؟
- في سوریة یمثل تاریخ 2011 أیضا مشھدا نموذجیا للصدمة ، كمنھج إستراتیجي للتغییر ، 
ولیس ضغط الأحوال المعیشیة التي یسقط قانونھا كأداة للتغیر بالمثال الیمني والمثال الفلسطیني 
بالضربة القاضیة ، بینما مشھد 2011 ھو الصدمة بعینھا ، كما ھو مشھد 2005 بالنسبة 
للمقاومة ، ففي عام 2011 سقطت أنظمة في المنطقة بما بدا انھ قوة الشارع ، وثورات 
الشعوب ، وھلل لھا السوریون حكومة وشعبا ، وخلال شھور كانت سوریة على موعد مع مثلھا 
، وھذه ھي الصدمة ، وتحت عناوین جاذبة ، وبوجود نواقص ونقاط ضعف غیر قابلة للإنكار ، 
ومطالب لا یمكن تجاھل أحقیتھا ، والصدمة ھي إنقلاب قناة الجزیرة التي كانت القانة الأولى 
التي یعبترھا السوریون قناة ذات صدقیة وصدیقة لتصیر قناة ما سمي بالثورة ، وإنقلاب 
الصدیق التركي إلى عدو لحكومتھم ، وإمتلاء شوارع مدن ومحافظات بترحكات مغریة وجاذبة 
، وغیاب خطاب سیاسي وإعلامي مقابل ، ھنا ھي الصدمة وھنا ھي لحظة إفتقاد المبادرة 
الإعلامیة ، فماذا كانت النتیجة ، كانت انھ خلال أسابیع بدأ التحول مع أول ظھور للرئیس 
بشار الأسد ، وتقدیمھ شرحا وتحلیلا للأحداث ، وسار ھذا التحول تصاعدیا حتى بلغ العام 
2014 موعد افستحقاق الرئاسي لیترجم في الصنادیق ، خارج سوریة ولیس داخلھا فقط ، 
وكان مثال السفارة السوریة في لبنان صارخا بحدوث التحول لصالح رؤیة الدولة السوریة ، 
وھو ما ترجم في المیدان بإنتصارات للجیش السوري ، بدأت تصیر متدحرجة منذ العام 
2016 مع معارك حلب ، والسؤال ھل من صدمة وإختلال في التاثیر الإعلامي ولیس في 
المقدرات الإعلامیة ، لأن التأثیر صدقیة وفعل ذھول وإرتباك معا ، مقارنة بما كان ، ماذا 
كانت النتیجة كي نتوقع أو نخشى تغیرھا الیوم ؟ 
- یقول الدبلوماسي الأمیركي السابق جیفري فیلتمان أن «السیاسة الحالیة القائمة على عزل سوریا
وفرض العقوبات علیھا، نجحت في شلّ اقتصاد البلاد َّ المدمر أصلاً ّجراء الحرب، إلا أنھا
فشلت في إحداث أيّ تغییر وباءت بالفشل أیضاً، كما ّ أدت عقوبات الولایات المتحدة والاتحاد
الأوروبي إلى «إحداث تدھور حادّ في العملة السوریة، وساھمت في انھیارھا كاملاً، لكنھا لم
الحاكمة»، بل ھي «وضعت الولایات المتحدة على الھامش" وإذا كنا لا نملك أدوات القیاس فإن ُ تض ِعف الدعم الرئیسي للأسد من ِق َبل جمھوره ّ المحلي، ولم ُت ّغير سلوك النخبة
فیلتمان الذي یملكھا عبر ما تجریھ إدارتھ وھیئات المتابعة الحثیثة یبلغنا النتائج ، ومثلھ یفعل
روبرت فورد السفیر اسلابق في سوریة الذي یبلغنا ان الدویلة الكردیة ستنھار في الیوم الذي
یلي الإنسحاب الأمیركي من سوریة ، أما عن المقاومة فیبلغنا فیلتمان في إطلالة سابقة تزامنت
مع إنطلاق إنتفاضة 17 تشرین ، أن الخطأ الجسیم یتمثل بتوجیھ زخم الإنتفاضة بوجھ سلاح
حزب الله ، سواء بمحاولة رسم شعارات للإنتفاضة تطال السلاح مباشرة او محاولة وضع
الجیش او الشارع في مواجھة حزب الله داعیا لوصفة تتناسب مع ما یعتقده صالحا للمرحلة وھو
الإشتغال على نزع حلفاء حزب الله بدلا من نزع سلاحھ ، والتركیز على التیار الوطني الحر ، 
وھنا تذھب المعركة لإستھداف المقاومة بكل ما تمت مراكمتھ من إنجازات في إضعاف تماسك
بیئة التیار وتحالفھ مع حزب الله ، الذي سیستسھل الوقوف تحت مظلة الشعارات المستحیلة. لخصومھ كالتدویل والحیاد وھو یراھا تصطدم بالجدار ، دون تحمل مسؤولیة السیر بھا أو

2021-03-08 | عدد القراءات 2120