ماذا ستناقش موسكو مع حزب الله وماذا سینقل الیھا ؟
نقاط على الحروف
ناصر قندیل
- تختلط التكھنات بالتسریبات في التحلیلات التي تتناول زیارة وفد قیادي من حزب الله
الى موسكو ، وبإستثناء نقل الكلام الصحفي عن الزیارة ، وعناوین تقلیدیة لمضمونھا ،
یغلب على ھذه التكھنات – التسریبات ترویج لضغوط روسیة على حزب الله ، سواء
تحت عنوان التحذیر من خطورة الإنزلاق الى حرب في المنطقة ، من باب خصوصیة
العلاقة الروسیة الإسرائیلیة ، أو تحت عنوان خطر بلوغ لبنان مرحلة الإنفجار والسعي
لتفادي ھذا الإنفجار من باب دعوة حزب الله للضغط على رئیس الجمھوریة في ملف
تشكیل الحكومة تسھیلا لولادة حكومة تحول دون تصعید كلام بكركي وقائد الجیش
التحذیریة لتصبح مشاریع مواجھة ، من بوابة خصوصیة لعلاقة روسیة خلیجیة ، یتم
تقدیمھا عبر التسریبات كعنوان لتعھدات روسیة بتنازلات تطلب من حزب الله ورئیس
الجمھوریة لحساب فریق رئیس الحكومة .
- في موسكو یضحكون لدى إسماعھم ھذه السردیة ، ویستعیرون ما سبق وسمعوه من
مثال حكایة تقلیدیة تروى عند العرب حول الروایة الكاملة الأوصاف في الغرق
بالأخطاء ، التي تقول الخسن والخسین بنات معاویة ولدتا في اسطمبول ، للقول ان
أصحاب ھذه السردیة یحلمون ویتمنون لكنھم غریبون كلیا عن الواقع ، فالقراءة
الروسیة للوضع الدولي بعد وصول إدارة الرئیس جو بایدن الى البیت الأبیض ، تقوم
على قاعدة عنوانھا " الحرب الباردة عادت بقوة ، وفرص التفاھمات الأمیركیة
الروسیة تتراجع ، وقد تكون العلاقات بین موسكو وواشنطن تتجھ لتسجل أسوا مراحلھا
مع الرئیس بایدن " كما یقول خبیر روسي في موقع إستشاري لإدارة الرئیس فلادیمیر
بوتین ، ویضیف " لتعرفوا كیف نفكر ھنا في موسكو سأقول لكم " في موسكو
يعیشون أجواء وقوع تصعیدات جدیدة خاصة في أوكرانیا خصوصا في منطقة دنباس
، وھذا التصعید قد بدأ فعلیا ، كما نتوقع المزید من الاتھامات الغربیة ضد روسیا
وقصة امریكیة جدیدة عن الھجوم "الروسي" الالكتروني منذ سنتین والذي یتطلب
ھجوما مضادًا تؤكد ان حدود التزویر تتوسع وصولاً الى احتمال التصادم الخطیر
للغایة بدلا من تطویر التعاون " ، ولذلك فإن موسكو تتشاور مع الحلفاء الذین تثقبالمنھجیة الأخلاقیة لنظرتھم نحو السیاسات الأمیركیة ، وفي مقدمة ھؤلاء ما إكتشفتھ
موسكو لدى حزب الله من بعد نظر وموضوعیة وواقعیة في قراءة الواقع الدولي بعیدا
عن تغلیب العدائیة العقائدیة وعن الرھانات المصلحیة المتسرعة ، اللذین یقع فیھما
الكثیرون ، وموسكو بدأت سلسلة مشاورات تشمل الكثیر من الحلفاء الموثوقین لبلورة
رؤیتھا النھائیة للمشھد الدولي ، ورسم إستراتیجیتھا في التعامل مع تفاصیل الملفات
الإقلیمیة وأكثرھا إلتھابا وتعقیدا ، ھي ملفات الشرق الأوسط التي یتموضع حزب الله
في قلبھا ، ولو منھا موقع وموقف وقدرة قراءة عن كثب .
- یقول أحد الخبراء الروس بالسیاسات الدولیة والإقلیمیة ، " قد تتراجع امریكا في الشرق
الاوسط ولكنھا ربما لا تستعجل في ایجاد الحلول للنزاعات ، وللأسف یعجز الاتحاد
الاوروبي عن بناء سیاسة مستقلة ، سواء في ملف الحل السیاسي في سوریة وفي
قضیتي عودة النازحین وإعادة الإعمار ، وھو یسیر عملیا خلف الموقف الأمیركي ، و
رغم ما یبدو من خلافات تكتیكیة ولو ارتفعت سخونتھا ، تصطف دول الخلیج
واسرائیل وراء السیاسات الأمیركیة ، في العجز عن صیاغة تسویات ، والسؤال ھل
تستطیع روسیا ان تحرك عملیة التسویات في المنطقة ام ستستمر مرحلة الاستنزاف
لطاقة الدول والشعوب " ، لذلك لا تستعجل موسكو في توقع الحلول السریعة حتى في
الملفات المتحركة فوق الطاولة كالملف النووي الإیراني ، وھذا یستدعي من موسكو
وفقا لخبرائھا الدبلوماسیین المخضرمین ، أن ترسم خططا لتحصین الساحات التي
تتشارك العمل فیھا مع حلفائھا ، وأن تتداول معھم في خطط التحصین التي تترجم
بعض عناوین الحلول ، مثل ملف عودة النازحین السوریین ، وفي المقدمة بینھم
المقیمون في لبنان ، وما یمكن لحزب الله فعلھ على ھذا الصعید ، من داخل الملف
الحكومي ومن خارجھ .
- یعتقد الخبراء الروس أن المواجھة على الصعید العالمي ستستمر ، ویتساءلون ھل
یمكن في ھذه الحالة احراز تقدم في المنطقة ، ویجیبون ، یجب ان نكون جاھزین لكل
الفرضیات ، وان نستعد مع حلفائنا لمقاربات جدیدة ، وخطط عمل منفتحة على
الفرضیات المختلفة ، ویضعون العلاقة مع حزب الله في موقع متقدم لصیاغة ھذه
التصورات ، فماذا عن التعامل مع الغارات الإسرائیلیة على سوریة ، وفرص التوصل
لصیغة ھدنة تحت عنوان تفعیل اتفاق فك الإشتباك في الجولان ، وماذا عن إمكانیة
مواكبة مساعي وقف الحرب في الیمن التي تھتم بھا موسكو وترى فرصا لتفعیلھا ،
وھل یمكن إیجاد ھدنة بین حزب الله وحكومات الخلیج في قلبھا ، یستفید منھا لبنان ،
ویسحب عبرھا حزب الله فتیل ھجمات سیاسیة واعلامیة تستھدفھ ، وماذا عن الحكومةوفرص مبادرة یتم التعاون على تحقیقھا بین موسكو وحزب الله من جھة ، وفرنسا
ومصر والإمارات من جھة موازیة ، ، وماذا عن تفعیل المبادرة الروسیة لعودة
النازحین وكیفیة مساھمة حزب الله في تجاوزھا للعودة الرمزیة ، بالإستناد الى حجم
التأثیر السلبي للأزمة الإقتصادیة في لبنان على النازحین وفرص بقائھم ، مع إنفتاح
آفاق لتساھل أممي مع خطط نقل المساعدات للنازحین العائدین ، وماذا عن نظرة حزب
الله لملف ترسیم الحدود البحریة ومستقبل إستثمار ثروات لبنان البحریة من الغاز
والنفط ، في ظل التكتلات التي تنقسم حولھا الدول المنتجة للغاز في المنطقة ؟
- في مقابل ھذا الكلام الروسي یقول المسؤولون في حزب الله ، أنھم تلقوا دعوة من
حلیف وصدیق ، یقومون بتلبیتھا ، وسیستمعون لما سیعرضھ الأصدقاء والحلفاء
ویتفاعلون معھ بروحیة الصدیق والحلیف ، وحیث یمكن بلورة مبادرات تنعكس إیجابا
على لبنان سیاسیا وإقتصادیا وأمنیا ، لن یتردد حزب الله بتحمل مسؤولیتھ ، وحیث
یمكن تحسین شروط الإستقرار في سوریة بما یعبر عن رغبات وتطلعات الدولة
السوریة ویحترم سیادتھا ، سیكون حزب الله حاضرا للمساھمة ، خصوصا في ملف
عودة النازحین الذي ینسق حزب الله جھوده فیھ مع مؤسسات الدولة السوریة ، أما في
القراءة السیاسیة للتطورات الدولیة والإقلیمیة فسیتبادل الوفد مع الأصدقاء والحلفاء
وجھات النظر لتقریب الرؤى والإستنتاجات ، وإستطرادا بناء السیاسات ، وسیكون
مھتما أیضا بسماع المقاربة الروسیة ، حیث سیتاح لھ التعرف على رؤیة جھة تلعب
دورا مركزیا ومحوریا في العالم ، وفي العدید من المفات الحساسة إقتصادیا وأمنیا
وسیاسیا ، ولدیھا أجھزة معلومات وقنوات دبلوماسیة تتیح لھا رؤیة الوضع الدولي عن
كثب .
2021-03-12 | عدد القراءات 1596