الإنحطاط الإستخباري الإسرائیلي :
من تقریر فینوغراد الى تقریر أمان
نقاط على الحروف
ناصر قندیل
- فضلنا أن ننتظر نشر النص الكامل لما عرف بالتقریر السري لوكالة "أمان"
الإستخباریة عن شخصیة الأمین العام لحزب الله السید حسن نصرالله ، قبل ان نعلق او
نحلل ونفھم التقریر وإیحاءاتھ ووظیفتھ ، وما یعكسھ من مستوى تماسك أو إرتباك ،
قدرة على إمتلاك مجسات الإنذار المبكر ، أم وقوع في البرویاغندا المبتذلة ، نجاح في
فك شیفرة حزب الله وقائده ، أم تغمیس خارج الصحن لزوم تعزیة الذات المھزومة ،
توصیف یحاكي ما یمثلھ العدو الأول للكیان بمقدار من معاییر العلم ، أم شعوذة تعبر
عن إنحطاط مستوى التقییم الإستراتیجي ما یعني أبرز مؤشرات أفول الدول القائمة
على القوة ، خصوصا أن التقریر ھو الأول من نوع عملیا ، وھو من صناعة المؤسسة
النخبویة الصانعة لمعطیات صناعة القرار الإستراتیجي في كیان الإحتلال ، التي تتقدم
أمان صفوفھا الأولى ، وفي أجھزة إستخبارات الدول التي تشكل الحروب مكونا
عضویا من مكانتھا ، وتشكل الإستخبارات عصب المعطیات والمقدمات التي تبني
علیھا قراراتھا ، ومنھا كیان الإحتلال ، ثمة وحدات متخصصة برصد شخصیات
"العالم ألآخر" ، سواء الأعداء أو الحلفاء ، ویصل بعضھا إلى بناء نماذج محاكاة تتمثل
الشخصیة المعنیة وتحاول تلبس قیمھا ومفاھیمھا وردات فعلھا ، یتم إعتمادھا للتنبؤ
بمواقف ھذه الشخصیات ، بمثل ما قیل عن شخصیة كانت تلعب دور جمال عبد
الناصر ویاسر عرفات وحافظ الأسد ، في دوائر الإستخبارات الإسرائیلیة ،
وشخصیات بریجنیف وأندروبوف ، وكاسترو وعبد الناصر وحافظ الأسد في دوائر
الإستخبارات الإسرائیلیة .
- لیست القضیة في المعلومات التي تم نشرھا في التقریر ، والتي یعرف أبسط الناس أنھا
دون مستوى الحدیث عن ملف سري أو عمل إتسخباري ، في الصحیح منھا ، وھو
علني ومعلوم للعامة ، أو أنھا جزء من حملة إساءة متعمدة بتسویق صفات وخصال
یعرف كل متابع أنھا بعیدة كل البعد عن شحصیة السید نصرالله ، القضیة تكمن أولا
وأخیرا في درجة الجدیة التي یظھرھا التقریر لفھم الخصم الأول ، وسبر غور شخصیة
القائد الذي یعترف قادة كیان الإحتلال انھ مصدر القلق الوجودي لكیانھم ، ولیسالمعیار ھو النجاح أو الفشل ، بمقدار ما ھو الجدیة ، والإستناد إلى درجة من المقاربة
الموضعیة العلمیة التي یجب ان یتحلى بھا العدو عندما یحلل نقاط قوة ونقاط ضعف
عدوه ، فعندما نقرأ تقریر فینوغراد الذي أعدتھ لجنة التحقیق الخاصة بحرب تموز
2006 ، نقع على ھذه الجدیة وھذه المحاولة لمقاربة الوقائع بعیدا عن روح تزیین
الھزیمة وتحویلھا الى نصر ، أو تھوین العدو والإستخفاف بمقدراتھ وإنجازاتھ ، فقیمة
تقریر فینوغراد تكمن في انھ أظھر ان الكیان الذي أصیب بفشل إتسارتیجي كبیر في
الحرب التي فشل بتحقیق أھدافھا ، لا یزال قادرا على التصرف بمعاییر "الدولة" ، أي
فصل التقییم عن الموقف ، وإمتلاك مساحة للقراءة تحتكم لمعاییر على درجة من
محاكاة الوقائع بعیدا عن "النرجسیة" ، التي تختصرھا معادلة إخضاع الوقائع للتمنیات
والرغبات ، وتجاھل الحقائق لخدمة السیاسات .
- بمعزل عن أي قراءة في المعلومات والتحلیلات التي تضمنھا تقریر أمان حول السید
نصرالله ، ستقدم لأصحابھا خدمة مجانیة في النفي والتأكید ، تقول سیرة المواجھة بین
الكیان وحزب الله ، وفقا للروایة الإسرائیلیة الصادرة عن أعلى المستویات السیاسیة
والعسكریة في مؤسساتھ ، ان حرب عام 2006 ، التي یصنفھا التقریر كنقطة صدمة
في مسیرة حزب الله ، ھي نقطة التحول إلى قوة إستراتیجیة عظمى ، بینما ھي بدایة
عد تنازلي للقیمة الإستراتیجیة للكیان وقدرتھ على شن الحروب ، والمعیار ھنا لیس
بالرغبات بل بالوقائع ، ھل شكل القرار 1701 مدخلا لإضعاف حزب الله كمصدر
لقلق جیش الإحتلال على الحدود اللبنانیة ، كما قال قادة الكیان في تسویقھ ، أم أنھ شكل
إطارا لتعاظم مقدرات حزب الله كتھدید جدي ووجودي للكیان ، وھل شكلت الحرب في
سوریة سببا لإغراق حزب الله في حرب إستنزاف ، كما راھن قادة الكیان ، أم تحولت
الى فرصة لتعملق حضوره الإقلیمي ومصدر شراكتھ في إنتصارات كبرى ، وإمتلاكھ
لخبرات إستثنائیة وتحالفات عابرة للمنطقة وما وراءھا ، كما تعترف تقاریر المؤسسات
الإسرائیلیة وإعترافات قادتھ ، وھل ظھر حزب الله منذ حرب 2006 صاحب خطة
لبناء المزید من عناصر القوة التي تجعلھ أقرب لرفع درجة التھدید لأمن الكیان ، بینما
ظھر الكیان یراوح مكانھ في السعي لردم الفجوة التي ظھرت بینھ وبین الحزب في
حرب تموز 2006 والآخذة في الإتساع لصالح الحزب ، مع فشل سیاسات ترمیم قدرة
الدرع ، سواء على صعید الجبھة الداخلیة ،أو على صعید القوات البریة ، أو على
صعید القبة الحدیدیة ، وماذا عن قطع حزب الله لأربعة مراحل إضافیة من التھدید بعد
تموز 2006 یعترف بھا كل قادة الكیان ، القدرة على الدخول الى الجلیل ، الإنتقال من
صواریخ محدودة المدى والقدرة التدمیریة الى صواریخ ثقیلة بعیدة المدى ، وثالثا
2021-03-15 | عدد القراءات 1892