مصرف لبنان مسؤول نعم
كتب ناصر قندیل
- كثیرا ما یختبئ المدافعون عن سیاسات مصرف لبنان ومواقف الحاكم تحت عناوین
غیر مباشرة ، مثل تكبیر الحجر بالحدیث عن الأسباب البنیویة للأزمة الإقتصادیة مرة
، ورفع السقف بمھاجمة الفساد تضییعا للطاسة ، وتحمیل مجلس النواب والحكومات
المتعاقبة مسؤولیة الإنفاق الفوضوي الذي یلزم مصرف لبنان بتأمین تمویلھ ، وھذه
كلھا عناصر صحیحة ، لكنھا لا تعفي مصرف لبنان من المسؤولیة الحصریة عن
أمرین ، ھما مسؤولیة مصرف لبنان وحاكمیتھ حصرا ، اي مسؤولیتھ دون سواه ،
ومسؤولیتھ دون مسؤولیات آخرى .
- مسؤولیة مصرف لبنان قبل اي شیئ آخر ، ومسوؤلیتھ دون سواه ، أن یحمي سعر
النقد الوطني ، وأن یحفظ ودائع اللبنانیین وإستقرار نظامھم المصرفي ، ویحق
لمصرف لبنان وحاكمھ التنصل من أي إتھام أو إنتقاد لسیاساتھ طالما ھو ینجح بتحقیق
ھذین الھدفین ، ویسقط كل كلام عن مسؤولیات لسواه عندما یفشل في تحقیق ھذین
الھدفین .
- ھذا یعني أن مصرف لبنان عندما یدرك أن إتجاه میزان المدفوعات ذاھب للإختلال
عام 2012 ملزم بأن یبدأ بالتحكم التدریجي بسعر الصرف صعودا ، بحیث تتلاءم معھ
الأسواق دون أزمات ، بدلا من أن یضع یده على ودائع اللبنانیین ویمنح المصارف
فوائد عالیة علیھا وصلت عبر الھندسات المالیة الى %100 لیحمي سعر صرف
منخفض ویعلن عجزه بعدھا عن التدخل لحمایة سعر النقد الوطني ، ویتركھ للعابثین
والمضاربین ، ویصمت عن تحویل الدولارات من الداخل الى الخارج ، فیسقط الھدفان
معا ، تطیر الودائع وینھار النقد الوطني .
- في الأزمة الأخیرة بعدما تراجعت المستوردات الى 10 ملیارات وزاد التصدیر الى
قرابة 4 ملیارات وبقیت اتلحویلات من الخارج بین 6و7 ملیارات ، لا یوجد سبب
إقتصادي ومالي لإترفاع سعر الصرف ، خصوصا ان جزءا كبیرا من فاتورة
الإستیراد یمولھا مصرف لبنان ولیس السوق ، ولا تفسیر لإرتفاع سعر الصرف
%100 خلال أسابیع قلیلة إلا بالمضاربات ، تحت عین مصرف لبنان ، الذي یتذرع
بحفظ ما تبقى من ودائع اللبنانیین لعدم التدخل ، وھو یستطیع ان یحفظ ھذه البقیة من
الودائع بإعادتھا تدریجیا الى اصحابھا لیتم ضخھا عبرھم في سوق الصرف ، بأن یقرر
شھریا مثلا فتح الباب لسحب 200 ملیون دولار من الودائع یوزعھا على الراغبین منأصحاب الودائع بتلقیھا باللیرة اللبنانیة على سعر السوق ، ویضخ الدولارات الموازیة
في سوق القطع بالمقابل .
- حاكم المصرف مسؤول حكما عن التدھور الأول والتدھور الأخیر، ولا یستطیع
التھرب من المسؤولیة .
2021-03-20 | عدد القراءات 1601