حملة إعلامیة على كلام السید ...بدون خطاب إعلامي
نقاط على الحروف
ناصر قندیل
- خلال سنتین یمكن إحصاء إنخراط عشرات المنابر الإعلامیة القدیمة والجدیدة
والمستجدة في حملات مبرمجة تستھدف موقف حزب الله وتسعى الى شیطنتھ ، ربطا
بكلام قالھ سابقا وزیر الخارجیة الأمیركیة السابق مایك بومبیو ، عن تحمیل حزب الله
مسؤولیة كل أزمات لبنان ، وإقفال الطریق على كل الحلول ، وكلما كان للحزب موقف
لافت تجاه الشأن الداخلي خصوصا على لسان أمینھ العام السید حسن نصرالله ، تنطلق
موجة من الصخب الإعلامي والسیاسي ، تحت عناوین تصل حد المبالغة في تضخیم
أو تحجیم الوقائع التي ترد في الخطاب ، للوصل الى نظریة محورھا ، ان حزب الله
یرھن مستقبل لبنان واوضاعھ خدمة لعلاقتھ بإیران ومصالحھا ، ودائما دون تقدیم أي
دلیل مقارن علمیا ، بین حجم التدخل الأمیركي وحجم التدخل الإیراني ، طالما أن
القضیة تدور على توظیف النفوذ في لبنان ضمن مفاوضات طرفھا الأول طھران
وطرفھا الآخر ھو واشنطن ، دون ان ینتبھ الذین یقولون ان طرھان ھي المشكلة وأن
واشنطن ھي الحل ، أنھم بذلك أول من یربط مستقبل لبنان یھذا التفاوض ، ویجعل
لبنان ورقة قوة لأحد الفریقین .
- یترافق ذلك مع إستنتاجات من نوع ، التحذیر من خطورة الحملة الإعلامیة وقوتھا
وإتساع مداھا ، بالإتسناد إلى حجم المجندین فیھا من سیاسیین وإعلامیین ومنابر ، لتأت
محطة حدث لاحق لتقول ان موازین القوى الإعلامیة والسیاسیة لم تتغیر ، وأن حملة
جدیدة تنطلق ، فیظھر ان حلفاء حزب الله لا زالوا حلفاءه ، وأن بیئة حزب الله الشعبیة
لا تزال بیئتھ المتماسكة ، وھنا تبدو دعوات جلد الذات التي یقوم بھا بعض المؤیدین
للحزب والمقاومة ، تحت عنوان إختلال التوازن الإعلامي بین المقاومة وخصومھا ،
في غیر مكانھا ، بل یصح الحدیث عن فشل الحملات ، خصوصا عندما یكون معیار
النجاح والفشل ، ھو في مدى القدرة على تغییر الإصطفافات سواء للتحالفات ، أو للبیئة
المحیطة بالمقاومة ، وھذا ما تقول أحداث السنتین رغم كثافة الحملات ، أن شیئا فیھا
لمن یتغیر ، وإن حدث تغییر فھو بإتجاه شد عصب البیئة الحاضنة للمقاومة لتتمسك
أكثر بخیاراتھا ، وھذا یعني نجاحا في الإعلام المقاوم ، الذي یشكل كلام السید نصرالله
صواریخھ الدقیقة ، التي لا تصمد أمامھا لا جبھة داخلیة ولا جلیل ولا قبة حدیدة لدىالخصوم ، تماما كما لا تصمد الإمكانات الھائلة لجیش الإحتلال أمام التحدي الذي تمثلھ
المقاومة بإمكانات متواضعة قیاسا بما لدى كیان الإحتلال .
- كما ھو الفارق بین جیش الإحتلال والمقاومة ھو في الروح ، وھو الذي یرتب نتائج
معاكسة لموازین الإمكانات ، یبدو الفارق بین كلام السید نصرالله والحملات المنظمة
ضده ، ھو في ان كلام السید یقدم خطابا إعلامیا تفتقده الحملات التي تستھدف خطابھ ،
ونبدأ بالخطاب الأخیر ، أعلن السید قبولھ وإلتزامھ بتعھده السابق لجھة تسھیل حكومة
إختصاصیین معلنا تفضیھ حكومة تكنوسیاسیة أو حكومة سیاسیة ، فقامت حملة ترى
في كلامھ تخلیا عن المبادرة الفرنسیة ، وتراجعا تمھیدا للتعطیل ، ونسي أصحاب
الحملة ان یصیغوا خطابا یجیب عن حقیقة ان الحكومة التي نصت علیھا المبادرة
الفرنسیة قامت على حكومة من غیر السیاسیین رئیسا وأعضاء ، وأن ھذه المبادرة
تحورت إلى تكنوسیاسیة عندما صار رئیسھا سیاسیا ومن الصف الأول ، وكل دعوة
السید تقوم على مواءمة تركیبة الحكومة مع ھویة رئیسھا ، دون جعل ذلك شرطا ،
فھل ھذا تعطیل ام تسھیل ، أن یقول السید رغم ان الحكومة صارت تكنو سیاسیة
بشخص رئیسھا فنحن لا نمانع ببقاء أعضائھا من غیر السیاسیین ولا نعتب رذلك
ضربا للمبادرة الفرنسیة وتخلیا عن حكومة الإختصاصیین ، ونقترح توازنا یتیح شراكة
سیاسیة اوسع تحمي الحكومة ، لا تنحصر برئیسھا فقظ ، لكننا لا نضع ذلك شرطا
مساھمة في تسھیل الحكومة .
- في الماضي قال السید ان داعش موجودة في عرسال ، فقامت القیام كما الیوم ، وخرج
وزیر الدفاع یومھا فایز غصن یتحدث عن تقاریر أمنیة یؤكد ذلك ، فنالتھ سھام الإتھام
، وطبعا قالت الأحداث بعدھا أن كل الحملات كانت متواطئة مع وجود داعش ضمن
رھانات ضیقة الأفق ، والیوم عندما یحذر السید من حرب اھلیة ویخرج وزیر الداخلیة
ویقول ان ھناك تقاریر تؤكد وجود مخططات إسرائیلیة لتعمیم الفوضىوغشعال حرب
أھلیة ، یتذاكى البعض فیتھم السید بالسعي للحرب الأھلیة ، وھو نفسھ یتھم الحزب
بالسیطرة على مفاصل القرار في البلد ، والإتھامان لا یستقیمان ، بحیث یفرط حزب
ممسك بالبلد بإنجازه بالذھاب الى حرب أھلیة ، وبالتوازي یخرج إتھام الحزب
بالسیطرة على الدولة ، وفي الدولة جیش یقولون عنھ انھ جزیرة خارج سیطرة الحزب
یدعمونھا ، وأجھزة أمنیة تتباھى السفارات الغربیة برعایتھا والتعاون معھا ، ومصرف
لبنان الذي قیل عنھ خط دولي أحمر ، وھوالممسك بالوضعین المالي والنقدي ، وكلھا
خارج سیطرة الحزب ، وبجانبھا قضاء یفرج عن العملاء ، فاین تقع جزیرة نفوذ
حزب الله في الدولة ؟بعض الحملات إرتكز على اللغة التي خاطب من خلالھا السید نصرالله ، المعنیین في
حالتي الإرتفاع غیر المبرر في سعر الصرف ، وقطع الطرقات ، وحاول البناء علیھا
إستنتاجات من نوع التصرف بلغة الحاكم مرة وبلغة التھدید مرة ، والتدقیق في كلام
السید نصرالله یوصل لنتیجتین ، الأولى انھ في شأن قطع الطرقات شرح وأوضح انھا
لیست جزءا من اي عمل دیمقراطي وان مظلة الحمایة الت یجیب توفیرھا لكل احتجاج
لا تطالھا ، وانھا عمل تخریبي وتحضیري للحرب الأھلیة وإثارة الفتن الطائفیة ،
لیصل الى مطالبة القوى الأمنیة والعسكریة بمعاملتھا على ھذا الأساس ، ولم نسمع
أحدا من الوزراء او المراجع الأمنیة یقول ان قطع الطرقات تعبیر دیمقراطي سلمي ،
ما یطرح سؤالا عن كیفیة التصرف مع ھذا الخطر إذا لم تقم القوى الأمنیة بواجبھا ،
بغیر التعبیر عن الغضب ، وإعلان الإتسعداد لتحمل المسؤولیة ، لمنع شرارة فتنة
ولیس سعیا لفتنة ، ومن یرید الفتنة یشجع إستمرار الإحتقان الناتج عن قطع الطرقات
بدلا من أن یحذر منھ ، ومن لا یریدھا ھو من یحذر وبالتالي فإن تصرفھ سیكون
محكوما بتفادي الوقوع في الفتنة ، ومثلھ موضوع سعر الصرف الذي جن جنون
الناس بسببھ ، فھل یعتبر التحذیر من خطورتھ تجاوزا ، وھل تحمیل مصرف لبنان
وحاكمھ المسؤولیة تجاوز للأصول ، أم ترك الناس تقتحم المصرف والمصارف ھو
الإلتزام بالأصول ؟
- ھناك حملات ولیس حملة ، لكن لیس ھناك خطاب إعلامي ، ولذلك تتحول الحملات
الى مجرد صخب وضجیج وصراخ ، لكنھا في النھایة زبد ، والزبد یذھب جفاء وما
ینفع الناس یمكث في الأرض .
2021-03-22 | عدد القراءات 2137