الفساد يختبئ وراء افتعال الحاجة الملحة
كتب ناصر قنديل
- تنصرف الإهتمامات في البحث عن مكامن الفساد في تلزيمات المقاولات والإنشاءات والمشاريع وهي كثيرة طبعا وفي الكثير منها صفقات وسمسرات وعمولات ، لكنها ستبدو هزيلة أمام ما يمكن ان نكتشفه من صفقات تتم في اللحظة الأخيرة التي تسبق التهديد بوقوع كارثة إجتماعية ، فيتم تمرير صفقة بمواصفات وأسعار وفي قلبها عمولات وسمسمرات ، تصعب العودة للتدقيق فيها ، ويحكمها شعار الضرورات تبيح المحظورات .
- لو نحسب كم مرة جرى الحديث عن أزمة بنزين ، لتبرير فتح إعتمادات للبواخر الراسية في المرافئ ، والمختلف حول مواصفات حمولتها ، فيصير الإعفاء من بنود في المواصفات مطلبا ملحا منعا لإنقاطع هذه المادة الحيوية من الأسواق ، ويعرف الخبراء أن مخالفة بند واحد قد تحدث فرقا يعادل نصف السعر ، الذي يصبح ارباحا صافية للشركاء الذين قاموا بتغطية حجب المادة من السوق ثم تجاوز املواصفات وفتح الإعتمادات وتقاسم العائدات .
- السلع الغذائية ليست بمنأى عن هذه القاعدة ومثلها الأدوية ، والشح دائما ليست اسبابه فيما هو معلن ، من تهريب او تهافت على الطلب ، بل في حجب المادة عن السوق وما يسمونه تعطيش السوق لترتفع الصرخة ، فيخرج المستوردون ويقولون لم تفتح لنا الإعتمادات ، ولا يدقق احد بتناسب حجم الإعتمادات مع المواد التي تدخل الى الأسواق ، وغالبا تكون الفوارق هائلة لصالح تهريب أموال الى الخارج او اعادة تصدير جزء أساسي من السلع المعنية الى الخارج .
- في ملف الكهرباء والفيول ، نحن دائما نشتري في اللحظة الأخيرة ، تهديد بقطع الكرهباء والعتمة ، أو فرض التعتيم ، حتى تأتي الصرخة والبواخر موجودة في البحر وتنتظر فتح الإعتمادات ، لكن لابد من غض النظر عن المواصفات ، وهنا تكمن العمولات والسمسرات .
- هل يمكن لأحد ان يفسر للبنانيين كيف يمكن ان يكون لبنان قد خسر عشرة مليارات دولار في سنة ، والتقدير الإجمالي للإستهلاك بكل وجوهه وفقا للأسعار المقدرة للإستيراد هي أقل من نصف هذا المبلغ ، ومن ضمنه تمويل الكهرباء ، وهل يعرف اللبنانيون معنى أن يكون كل سنة هناك خمسة مليارات دولار أو أكثر تنزف من بلدهم بهذه الطريقة كل سنة ولثلاثين سنة ؟
2021-03-29 | عدد القراءات 1493