هل بدأت الأجواء تتغير في الملف الحكومي ؟
نقاط على الحروف
ناصر قنديل
- خلال المئة يوم التي فصلت بين تقديم الرئيس المكلف بتشكيل الحكومة سعد الحريري لرئيس الجمهورية العماد ميشال عون لمشروعه الحكومي وبين لقائهما الأخير ، بدا ان المواقع التي تستند اليها حركة الرئيس الحريري تتمثل من جهة ببرود أميركي تجاه التأليف ، ورغبة ضمنية بإنتظار نتائج ترتيبات العودة للإتفاق النووي مع إيران للبناء عليها في رسم السياسات تجاه ملفات المنطقة ومنها لبنان ، ومن جهة ثانية بمحورية الدور الأوروبي بتولي فرنسا ومبادرتها حصرية التعاطي مع الشأن الحكومي في لبنان بلغة قريبة من رؤية الحريري ، وبثنائية داخلية تحاكي هذه الثنائية الدولية ، تتمثل بتمسك بكركي برؤية قريبة للرئيس الحريري متمايزة عن رئيس الجمهورية في النظر لماهية الحكومة ، وبدعم النائب السابق وليد جنبلاط للتصور الحريري للحكومة ، وبقي عاملان حاضران داخليا ، الأول تفهم حزب الله لطلبات الحريري ، وعم رئيس مجلس النواب نبيه بري بالإتستناد اىل كل هذا المشهد أو بالإستقواء به لتقديم كل دعم ممكن للحريري ، في ظل تشوش وإرتباك حول الموقف السعودي وإصطفافاته مع املتغيرات الدولية والإقليمية .
- قبيل لقاء الإثنين العاصف بين الرئيسين ، وبعده ، تتالت مواقف ومؤشرات دولية وداخلية تقول ان الأجواء تتغير ، وجاء أول التغيير بما قالته السفيرة الأميركية من قصر بعبدا بالدعوة لحكومة تسوية ، ورفض الدعوة للإنتخابات المبكرة عبر التأكيد على ضرورة إجراء الإنتخابات النيابية في موعدها ، وما تردد في الكواليس على لسان السفيرة حول القلق من أن يؤدي الإنهيار الوشيك وبقاء الإنسداد الحكومي ، إلى مسارين سياسي وإقتصادي ، فسياسيا قد يلجأ المعنيون بالمشهد السياسي الذين كانوا يخشون الإنتخابات النيابية المبكرة الى الدعوة اليها بعدما ثبت لهم تراجع فقاعة 17 تشرين سياسيا ، فيجددون شرعيتهم ويحبطون التحضيرات التي ترعاها واشنطن لإستثمار الموسم الإنتخابي القادم وحاجتها للوقت لفعل ذلك بعدما تشظت القوى التي تراهن عليها ، وإقتصاديا قد ينجم عن فقدان السلع الحيوية من الأسواق الى فرض أمر واقع شبيه بالذي جرى مع فقدان الأوكسجين والتوجه الى سورية ، فنشهد صهاريج البنزين الإيرانية كما شهدنا صهاريج الأوكسجين السورية .
- بالتوازي مع سماع السفيرة الأميركية تدعو للتسوية وترفض الإنتخابات المبكرة لحساب تثبيت الإنتخابات النيابية في موعدها ، بدا ان وزراء خارجية الإتحاد الأوروبي ومفوض السياسة الخارجية في الإتحاد جوزيب بوريل لم يوفروا الغطاء اللازم للموقف الفرنسي الذي عبر عنه وزير خارجية فرنسا ، وخرج بوريل بعد الإجتماع متجاهلا الدعوة لحكومة إختصاصيين ، داعيا لإتفاق سياسي بين الأحزاب اللبنانية ، يوفر الفرصة لمنع الإنهيار ، وبالتوازي أيضا قام السفير البريطاني بأول زيارة لدولة غربية لرئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل ، منذ العقوبات الأميركية التي إستهدفته ، وبالتوازي أيضا وأيضا إنتقل النائب السابق وليد جنبلاط من التموضع وراء الرئيس المكلف الى منطقة الوسط داعيا للتسوية مقترحا صيغة حكومية موسعة من 24 وزيرا ، فيما خرجت بكركي عن الإيحاء بدعمها لموقف الرئيس المكلف الى تقديم توصيف لآلية تشكيل الحكومة يتبنى عمليا موقف رئيس الجمهورية بقولها ان الرئيسين يتفقان على معايير التأليف ثم يقوم كل منهما بتسمية وزراء وبعدها يتفقان على التشكيلة النهائية للحكومة ، بينما قال الرئيس المكلف والرؤساء السابقون للحكومات ، بأن الحكومة يؤلفها الرئيس المكلف ويعرضها على رئيس الجمهورية الذي يبدي ملاحظاته ويتشاوران بها ، أي ان وضع المعايير والأسماء على عاتق الرئيس المكلف وحده ، وهكذا وقع كلام الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله ، الذي عدل من صورة الموقف الوسط بين الرئيسين ، والمتفهم للرئيس المكلف ، الى موقف أقرب لدعم رئيس الجمهورية الذي كان يبدو وحيدا حتى ذلك التاريخ .
- هذه المتغيرات تكسر الجمود الذي أنتجه شعور الرئيس المكلف بأن ثمة فرصة لفرض رؤيته لتشكيل الحكومة ، وأن التوازن الخارجي والداخلي يتيح ذلك ، ما يدعوه لإعادة النظر بصيغته الحكومية سواء لجهة عدد الوزراء أو توزيع الحقائب ، وربما مبدأ اللقاء بالنائب باسيل ، بينما تتيح هذه المتغيرات لرئيس الجمهورية التراجع عن طلب الثلث المعطل ، الذي كان وسيلة للإحتماء بوجه مناخ خارجي وداخلي داعم للرئيس المكلف ، وبات هذا الثلث عائقا أمام ولادة الحكومة لا يلقى قبولا في الخارج والداخل ، وهذه المعادلة الجديدة على طاولة الرئيس بري لبلورة تفاصيل مبادرته لحكومة من 24 وزيرا دون ثلث معطل لأي طرف ودون نصف زائد واحدا لأحد ، وبوزيري عدل وداخلية توافقيين بين الرئيسين يبقيان خارج تشكيل الثلث والنصف .
2021-03-29 | عدد القراءات 1674