التنافس على مرفأ بيروت
كتب ناصر قنديل
- لم يكن خافيا حجم الأهمية التي يعلقها الرئيس الفرنسي أمانويل ماكرون على المساهمة التي توفرها المبادرة الفرنسية في تشكيل الحكومة اللبنانية لحساب حصول الشركات الفرنسية على دور محوري في مشاريع ذات جدوى إقتصادية عالية يصنف مرفأ بيروت بالنسبة لفرنسا في طليعتها .
- جاء الإهتمام الألماني بمرفأ بيروت علنيا ومنافسا للدور الفرنسي رغم الشراكة الفرنسية الألمانية في إطار المقاربة الأوروبية املوحدة للوضع اللبناني ، وهذا يكشف الأهمية النوعية التي يمثلها المرفأ في الأدوار الإقتصادية للدول الكبرى وموقعها في إقتصادات المنطقة .
- ربما تكون هناك إهتمامات لا تقل عن الإهتمام الفرنسي والألماني فكثيؤا ما كان ملفتا ان الصين التي تتولى معداتها تشغيل مرافئ عالمية كبرى كمرفأ بوسطن الذي يعتبر الأول أميركيا ومرفا أمستردام الذي يعتبر الأول في العالم ، وتقول المعلومات ان الشركات الصينية تنظر لمرفأ بيروت كجزء من شبكة خطوط تجارية مع العمق الآسيوي ، تشكل السكك الحديدية بين بيروت ودمشق من جهة وبيروت والساحل السوري من جهة موازية مكونات أساسية لمشروع إعادة الإعمار والإستثمار ، بالإضافة إلى إهتمام كوريا الجنوبية ، التي قيل ان شركاتها أعدت دراسات لتحويل مرفأ بيروت الى نقطة وصل رئيسية بين الشرق والغرب .
- هذا الإهتمام يؤكد بالإضافة لكون تعبيرا عن أن لبنان ليس قضية خاسرة إقتصاديا ولا هو تفليسة تنتظر من يديدرها ، فشل المشاريع المنافسة لمرفأ بيروت والتي تم إعدادها كبدائل له ، ويعتقد البعض أن تفجير المرفأ كان في خدمتها ، وفي طليعتها مشروع تقدم مرفأ حيفا المحتلة كمدخل للتجارة الدولية نحو العمق العربي والأسيوي بالإستناد الى معاهدات التطبيع الإسرائيلية الخليجية ، ويتخذ العديد من الباحثين الإقتصاديين من حادثة قناة السويس التي يعتقدون بكونها مفتعلة ، دليلا على التخبط الإسرائيلي في السعي لضرب الخيارات المنافسة لخط حيفا نحو العمق العربي والآسيوي ، ومن التمسك الدولي بقناة السويس دليلا على تعثر المساعي الإسرائيلية .
- الخلاصة التي يشترك فيها الأوروبيون هي ان التطبيع لم يخلق ولن يخلق بغياب حل للقضية الفلسطينية شروط الأمان اللازمة لعمليات تجارية ستمتد على مسافة ألف كلم تعبر في جزء منها داخل الأردن الذي كشفت الأحداث الأخيرة فيه درجة القلق من وضعه تحت تأثير ضغوط وأحداث كبرى ، ما يعني ان الدور التقليدي لمرفأ بيروت والرهان على توسيعه لا يزال يشكل المحور الرئيسي لتجارة الترانزيت بين أوروبا والعمقين العربي والآسيوي بإجماع الشركات العالمية الكبرى شرقا وغربا ، ما يترجم إهتماما سياسيا من حكومات الدول المعنية بالإنفتاح على لبنان ومشاريع تمويل إقتصاده ، والسعي لإمتلاك تاثير على المسارات السياسية فيه .
2021-04-06 | عدد القراءات 1755