هل يقرأ الأميركي المتغيرات ؟
كتب ناصر قنديل
- يعتقد الأميركيون أن قبولهم مبدأ العودة إلى الإتفاق النووي سببا كافيا لتلاقيهم إيران في منطقة وسط ، ثم إعتقدوا أن الإعلان عن النية برفع العقوبات ضمن هذا السايق تطمينا كافيا لدخول إيران في تفاوض وفق الطلب الأميركي يطال توسيع الإتفاق في بعده النووي وغير النووي ، ثم إعتقدوا ان إعلانهم الإستعداد لحضور إجتماع على مستوى ال5+1 سيشكل سببا جاذبا تحت مظلة الإتفاق لمشاركة إيران ، وجاء مشهد فيينا ليقول ان الوفد الأميركي بقي خارج القاعة التي تشاركت فيها إيران مع سائر الشركاء في الإتفاق ، وأن إيران ثابتة عند طلبها تطبيق بنود الإتفاق ، أي شرعنة حقها بالإجراءات التي إتخذتها حتى تعود أميركا الى الإتفاق من بوابة رفع العقوبات ، ورفض إعتبارها عضوا في الإتفاق له حقوق المطالبة بتراجع إيران عن خطواتها التي خفضت عبرها إلتزاماتها حتى ترفع العقوبات ، وإرتضى الشركاء الأوروبيون ذلك ، وتعامل الأميركي معه كأمر واقع .
- يجري ذلك لأن إيران تحملت الأصعب من مراحل الحصار ، وبنت مرتكزات إقتصاد جديد ، وطورت برنامجها النووي نوعيا ، وليست مستعجلة على العودة للإتفاق الذي يعيد تعويم إقتصاد غالبه ريعي ، ويوقف خطواتها النووية ، وإيران تقارب إستحقاقا رئاسيا يسيطر على مساره المحافظون ، وليست مستعجلة على عودة الى الإتفاق بصورة تحيي التيار الإصلاحي ، وإيران كسبت من الإتفاق ما تحتاجه من إلغاء العقوبات الأممية ، وأظهرت حسن النوايا تجاه المضي بالإتفاق بما يكفي لتأسيس حلف راسخ مع كل من روسيا والصين ، وترغب بمنح هذه الشراكات فرصة جدية ، ولذلك ليس من سبب لدى إيران لتسهيل العودة الأميركية بتنازلات تقدمها ، ومصلحة أميركا الإسراع بالعودة عن العقوبات لفتح الباب لمرحلة جديدة .
- مشكلة الأميركي بضعفه السياسي الداخلي ، وتاريخ عنجهيته ، وصعوبة إقراره بالضعف ، وحتى عندما يقتنع بأن عليه أن يفعل شيئا فهو يأتي متأخرا ، لأنه يدرك ما يجب ويعرف انه يستطيع فعله ماديا لكنه لايستطيع فعله سياسيا ، وهو اليوم يدشن مرحلة حساسة سيكتشف خلالها مع إيران ما ينتظره لاحقا مع كل من روسيا والصين ، حيث بات واضحا أن هذا الثلاثي لن يلعب لعبة المقايضات ، ولن يسمح بلعبة الإستفراد ولن يقع بالإغراءات القائمة على التحييد ، فهو ثلاثي إستراتيجي يمثل آسيا الجديدة ، على واشنطن مخاطبته بروح الشراكة الندية ، وإلا فقدت الفرصة ، فالحديث عن التبادل بالعملات الوطنية لم يعد حديثا ، والتشبيك الإقتصادي والعسكري يتخطى التهديد التفاوضي .
2021-04-08 | عدد القراءات 1923