ناصر قنديل
- منذ العقوبات الأميركية التي استهدفت وزراء سابقين في سياق الضغط التفاوضي على ترسيم الحدود البحرية ، هم الوزراء المعنيون بالترسيم ، وزير المال والمعاون السياسي لرئيس مجلس النواب ، ووزير الأشغال الذي تشرف وزارته على الحدود البحرية ، ووزير الطاقة الشريك بالترسيم ورئيس التيار السياسي لرئيس الجمهورية ، والحديث السياسي المرتبط بتشكيل الحكومة يرادفه حديث مواز عن نوايا فرنسية ,اوروبية بفرض عقوبات تحت شعار ملاحقة المعطلين مرة ، وملاحقة الفاسدين مرات ، والبعض يسوق لهذه العقوبات بفرح سياسي يريده حربا نفسية على خصومه ، وتلميعا للأدوار الخارجية كأنها حريصة على تحرير لبنان من الفساد ، وهي التي رعت وحمت وقامت بفتح الباب أمام الإستدانة التي ورطت لبنان بكتلة دين كبرى ، أنفق أغلبها تحت عيون هذا الخارج ، وفي الإنفاق ما فيه من فساد بمعرفة الخارج وتشجيعه ، وابرز التشجيع العودة لفتح باب الإستدانة .
- الحديث عن العقوبات مرة أخرى بدأ فرنسيا ، والمصدر كان وزير الخارجية جون إيف لودريان ، والسياق تعثر مسار تشكيل الحكومة ، التي اطلقت البحث فيها مبادرة الرئيس الفرنسي امانويل ماكرون ، ولأن الوزير الفرنسي حجم الصعوبة في التصرف باصدار عقوبات في ظل النظام القانوني الفرنسي الذي يحصر العقوبات بالقضاء المستقل ، وباجراءات تتصل بإرتكاب جرائم بحق الأمن القومي الفرنسي او تبييض الأموال أوسواها من الجرائم التي تحتاج تحضير ملف قانوني منفصل عن السياسة ، ولا يمكن ربطها بمسعى سياسي معين ، فقد لجأ الوزير الفرنسي لإستثارة الآلية الأوروبية كبديل ، عبر حث وزراء خارجية الإتحاد الأوروبي لتبني الدعوة لإنزال العقوبات بمن وصفهم بمعرقلي تشكيل الحكومة العتيدة ، ولأن الالية الأوروبية للعقوبات السياسية محصورة هي الأخرى بما تشترطه من عناصر تتصل بإنزال العقوبات بدول وكيانات توجه لها الإتهامات ، بالإعتداء على سيادة دول أخرى أو إنتهاك حقوق الإنسان ، أو تهديد الأمن الأوروبي ، أو الجرائم القانونية الموصوفة ، كتبييض الأموال وجرائم الفساد المحددة قانونا ، فقد رد الوزراء الوربيون الطلب الفرنسي ودعا مفوض السياسة الخارجية في الإتحاد الأوروبي جوزيب بوريل على كلام لودريان بتصريح قال فيه ، أن الإتحاد يدعو الأحزاب السياسية اللبنانية الى انجاز وفاق سياسي يساعد في عملية إنقاذ لبنان من الإنهيار .
- يستمر الكلام في لبنان عن العقوبات الفرنسية والأوروبية ، والتهديد بالويل والثبور وعظائم الأمور ، من أوساط تنتمي لفريق مناهض للمقاومة ولرئيس الجمهورية ، ويشيرون بأصبع التهديد نحو الفريقين ، وفي كل مرة يتحدثون عن مهلة أيام ، وتمضي الايام ولا تأتي العقوبات ، ومرة يتحدثون عن مصادر مصرح لها في قصر افليزيه ومرات يتسصرحون صحفيين وإعلاميين لإبقاء الحملة حربا نفسية ضاغطة ، وهم يعلمون بأن أحد عناصر الإحجام عنها لا يعود فقط للصعوبات القانونية ، ولا للحياد والموضوعية السياسية ، بل للنباهة المصلحية ، فدور الوسيط يسقط بالإنحياز المكشوف ، وحصر العقوبات بالخصم التقليدي وإستثناء الحليف يصيب صاحب العقوبات بتهمة التحيز ويسقط دوره كوسيط ، وشمول الجميع بالعقوبات يسقط الوظيفة السياسية الضاغطة للتلويح بها ، وهي إضعاف فريق لحساب فريق ، بين المعنيين بتشكيل الحكومة ، وفرنسا كما أوروبا معنيتان بمصالحهما أولا ، وعنوانها حكومة تنالان منها مشاريعا وعقودا ، عبر عنها الرئيس الفرنسي بتركيبة الوفد الذي رافقه وضم شركات في مجالات الطاقة والموانئ ، وعبرت عنها ألمانيا بإرسال وفد إقتصادي من عدة شركات متخصصة بالمرافئ وسكك الحديد .
- سيبقى الكلام عن العقوبات في التداول ، لأن فرنسا وأوروبا تراهنان على سرقة وقت الإنشغال الأميركي بأولوية التوصل للإتفاق على الملف النووي مع إيران ، لإبرام الصفقة السياسية الإقتصادية التي تكرس دورهما ومصالحهما لبنانيا ، وهما تخشيان بعد إنجاز الإتفاق الذي يعيد واشنطن إلى الإتفاق مع طهران ، من تغير الموازين لصالح فريق المقاومة وحلفائها ، من جهة ، ما يضعف فرص الضغط على شروط التاليف لحساب كفة مصالح تعهد بضمانها الفريق الآخر المعني بتشكيل الحكومة ، ومن جهة اخرى تخشيان أن تبدي واشنطن إهتماما منافسا للإهتمامات الأوروبية ، وفي ذات القطاعات الإقتصادية ، لكن العقوبات ستبقى سلاحا فاشلا وكذبة كبرى .
2021-04-13 | عدد القراءات 1530