صباحات ناصر قنديل

صباح القدس يا رمضان وفيك نكهة تاريخنا الخاص والعام ففيك ذكريات الاباء والأجداد والقرية والحي ورفقة الطفولة والشباب ومواسم الأعياد ومواعيد الإفطار والسحور واجتماع روابط الارحام ومشاهد الرحمة تدمع لها العيون عن بعد والتراحم يجمعهما ، وصباح القدس يا رمضان يا نبض الأرض والجغرافيا ففيك صورة رسخت في الذاكرة للمدن التي تعزف موسيقاك قبل الفجر وعند الغروب من دمشق وبيروت والقدس الى القاهرة وبغداد وتونس والجزائر وكل عواصم بلداننا التي يوحدها صوت الآذان منذ أكثر من ألف عام ويجمع بينها نغم المسحراتي تشنف آذانها موسيقى الموشحات ، لكنك صباح القدس يا رمضان لانك شهر التذكير بالحقائق ، حقيقة الخلق والارتحال وتوازن المعاملة مع المال وترجيح كفة القيم ، وتفاهة التبرج بالطعام ، والتزين بحلو الكلام لنفوس معتمة يسكنها الظلام ، وكذبة اللحى المبللة بالحساء كل مساء والترتيل بصوت رخيم ، بينما من حولها الفقراء و العيش السقيم ، وفيك اهل الخير بصمت ، وحكاية الحياة والموت ، وانت مدرسة الرجال الذين صاموا وافطروا على العشب في سجن حلب ووراء أسوار بنت جبيل وفي جبال اليمن وفي غزة ، وانت شهر التخرج من اكاديمية الكبار في العدل واعلاء صوت الحق ، ولا يتزين لعيدك الا من مر بامتحان اخر جمعة يحييها للقدس ، كما اعد لها امام الثورة وفلسطين ، فصارت تقليدا تحييه الملايين ، ويوم زرته متشرفا سألته ما هو معيار استقبالك لزعماء دول العالم الزائرين فأجاب بصوت التاريخ الرزين ، من يفيدني اهل الدولة انه وافق على السماح باحياء يوم القدس في بلاده ، فبنى على هذه القاعدة معنى جديدا للدبلوماسية ، وحفظ القدس في ذاكرة أجيال تتوارث الإحياء فضمن للقدس البقاء ، واسقط حروب غسل الادمغة ومحو الذاكرة ، بضربة قاهرة ، وفرها له رمضان شهر القرآن ، وعنه اخذت الفكرة ومنه العبرة لابدأ معكم صباح القدس ، ترسيخا للذاكرة ، وتعميقا للحكاية ، فتعالوا ان كان جعل كل صباحاتكم للقدس يحتاج مدرجا ، لتجعلوا صباحات رمضانكم للقدس اليها معرجا ، فنعمم معا كلمة القدس في الصباح ايام شهر الخير والحق والعدل ، كما يعاد توزيع عائد الثروة في ايامه بالاستحقاق وليس بالقدرة ، يعمم الحق بدلا من التنظير والتفكير بعبرة وفكرة ، بكلمتين بسطيتين ، صباح القدس لكم - صباح القدس يا رمضان - كل عام وانتم بالف خير - ناصر قنديل

2021-04-13 | عدد القراءات 1993