كل من يتابع السياسة الاميريكية الخارجية و التالسلوك التي تنتهجه في اكثر القضايا حساسية و دقة سيستنتج حكما ان هناك تردد و ارتباك اميريكيا واضحين او ربما مصطنعين حيال مواقفها من تلك القضايا ة التي يمكن وصفها بالمتناقضة حينا و المزدوجة حينا اخر فماذا تصنع اميريكا ؟
فيما يتعلق بالملف السوري الذي يتجه و لاول مرة منذ الازمة نحو الحديث عن مبادرة جدية قابلة للنجاح و بايجابية سورية غير مسبوقة و هي مبادرة ديمستورا يعرف الاميريكي جيدا انه و الروس سعوا للوصول اليها منذ اليوم الاول لتعيين ديمستورا و ايجابية الاسد تجاه المبادرة كانت واضحة و كل هذا تمت ترجمته في زيارات ديمستورا المتتالية الى سوريا و عكسها مبعوث الرئاسة الروسية ايضا ميخائيل بوغدانوف في زياراته الى دمشق ايضا و فجاة و بدون اي مناسبة تصدر واشنطن بلا مناسبة عقوبات ضد رجال اعمال وشركات سورية على الرغم من ان واشنطن تعرف ان المعارضة المعتدلة في سوريا فانتازيا وهي صاحبة الوصف وتعرف ان حلفاءها مفلسين و تعرف ان سوريا مستجيبة لمبادرة ديميستورا وان العرقلة لا تزال تركية سعودية !
فيما يتعلف العلاقة مع ايران فالتقدم فيه تقني سريع و شبه نهائي
و بالرغم من هذا بقي ملف عقوبات الادارة الاميركية تسلم بحقوق ايران برفع العقوبات لكنها لا تريد مصادمة الكونغرس واغلب العقوبات الاميركية " تشريعات كونغرس" لذلك تعود واشنطن للماطلة بالملفات التقنية وتخترع مواضيع لاطالة امد المفاوضات للتهرب من الخيار الصعب بين مصلحة اميركية عليا بالتفاهم ومصلحة انتخابية ضيقة وفئوية بالتجميد .
اما فيما يتعلق بالعلاقة مع روسيا فان الاتفاق على اوكرانيا سلك الطريق وروسيا تعاون اميريكيا في الحلول لكل من سوريا وايران ورغم ذلك لم تكتف ادارة اوباما بعدم الغاء العقوبات على روسيا التي تستفز بوتين وتدفعه للتصعيد بل يصدر الكونغرس تشريعا تعلن الادارة انها ستوقعه لكنها تعد بعدم استخدامه
اما اخيرا حول اكثر المواضيع حساسية و دقة عمره بعمر ازمات الشرق الاوسط و هو الملف الفلسطيني الاسرائيلي و بالتحديد المشروع المقدم الى مجلس الامن و فحواه تحديد مهلة سنتين لانسحاب قوات الاحتلال من الأراضي المحتلة عام 1967 وإقامة دولة فلسطينية كاملة السيادة عليها عاصمتها القدس الشرقية و ايجابية محمود عباس المطروحة تجاه الملف بغض النظر عن صوابية او عدم صوابية موقفه يهدد الاميريكي برفع الفيتو كالعادة رغم انه لا لزوم لتتهديد باي فيتو لتقبل السلطة الفلسطينية التعديلات التي تطلبها واشنطن و قد أبلغت واشنطن السلطة الفلسطينية أنّ قراراً معدّلاً هو الطريق الوحيد لتفادي الفيتو فلماذا التهديد اذا؟
لماذا التهديد الاميريكي الذي تعرف الادارة الاميريكية مسبقا انه قد يؤخر او يعرقل اي تقدم او يقلق الطرف المفاوض
لماذا ترفع عقوبات اميريكي على رجال اعمال سوريين تعرف واشنطن جيدا ان في هذه الخطوة استعراض اكثر من القدرة على التاثير الجدي على الازمة السورية او على النظام و واقعه و حاله ؟
لماذا العقوبات على روسيا رغم انها تتفق معها باكثر و اكبر من ذلك؟ الى ماذا يشير هذا السلوك الاميريكي ..
لماذا ارسال كل هذه الرسائل المقلقة الغير مؤثرة بعلم و يقين اوباما و ادارته؟ هل هو بث القلق لمجرد القلق؟
الواضح ان حسابا مزدوجا تقيمه اميريكا تعرف انه لا يوجد له قيمة سلفا سوى الاعلان عنه لانها بوضع داخلي حرج و لانها كادارة تعتمد على اصوات اللوبي اليهودي من جهة و تمويل سعودي للحملة الانتخابية الاميريكية من جهة و بالتالي يقرر اوباما عن سوريا قرارات ليس لها تاثير و لا توضع سوى بخانة الاجراء الذي ليس له علاقة بثنائية اميريكية - سورية بل بثنائية اميريكي -اسرائيلية - سعودية .
و بالموضوع الفلسطيني فان الاصرار على الاذلال بالفيتو ليس موجها الى محمود عباس بل لليهود برسالة اميريكة تقول اننا معكم و الفيتو كلما تعرضت اسرائيل للازعاج جاهز كل هذا الضجيج الاميريكي اذا فقط ليسمع الاسرائيليين .كل هذا لان ادارة اوباما تخوض الانتخابات وليست تقود مبادرة سلام ولانها تعتبر الناخب اليهودي واللوبي الصهيوني ونفوذ اسرائيل اهم من المصلحة العليا الاميركية .
و مع روسيا لا تستدعي الاتفاقات استعمال عقوبات اذا اللعبة داخلية اميريكية بحتة فاميريكا محكومة برؤيتها الاستراتيجية بكل هذه الملفات و الثابت الحسابات الانتخابية الداخلية لذلك تبدو اميريكا انها تفعل الشيء و ضده ما قد ينتج بالمقابل تردد سوري و فلسطيني و روسي و ايراني.
2014-12-19 | عدد القراءات 2058