الذين لا يحسنون قراءة الأسد كتب ناصر قنديل

الذين لا يحسنون قراءة الأسد 

كتب ناصر قنديل

- لا يتصل الأمر بسوء النية وروح العداء فقط ، بالمحاولات المتواصلة منذ عشر سنوات الحرب على سورية ، لتصوير سورية فاقدة للقرار ، وتصوير تحالف سورية مع روسيا وإيران وقوى المقاومة ، كتعبير عن تبعية سورية مرة لروسيا ومرة لإيران ، فالغباء يلاقي الحقد في القراءة السياسية ، التي تجعل المصابين بالحقد او البغاء او كليهما معا ، ضحايا عماهم ، فيواصلون ارتكاب الأخطاء .

- خلال السنوات التي سبقت بدء الهجوم المعاكس لسورية على أعدائها المتعددي الجنسيات والألوان والأسباب والمصالح والعقائد ،  والتي يمكن تسميتها بسنوات الصمود السوري ، بدا واضحا أن الصمود السوري يتم بمواجهة حرب حشد لها جيش عالمي نظمته مولته ورعته دول كبرى في العالم والمنطقة ، تقاطعت فيه بصورة مباشرة ، على الأقل ، واشنطن وباريس ولندن ، وأنقرة والرياض والدوحة وتل أبيب ، فيما كان الدعم الروسي والإيراني محدودا على الصعيد العملي بإستثناء حضور حزب الله الوازن الى جانب الجيش السوري .

- كان واضحا ان الرئيس السوري بشار الأسد قد رسم لهذه المرحلة عنوانين ، الأول هو إثبات مشروعية حربه أمام السوريين وغير السوريين ، بصفتها حرب على الإرهاب ومحاولة لتغيير موقع سورية في المنطقة الأهم من العالم وصولا إلى تفتيتها ، والثاني هو إثبات إمكانية تحقيق النصر في هذه الحرب ، ولا يستطيع أي مراقب إلا أن يشهد أن التفاعل الروسي والإيراني الذي تحول الى مشاركة كاملة في هذه الحرب كان نتاج هذه الرؤية التي رسمها الرئيس الأسد .

- خلال السنوات الخمس الثانية من الحرب ، بعد تبلور الإرادة الروسية والإيرانية للانخراط إلى جانب سورية  ، تحولت إستراتيجية الرئيس السوري الى هدفين جديدين ، الأول هو بدء الهجوم المعاكس وصولا لتحرير الأراضي السورية التي وقعت بيد الجيش المتعدد الجنسيات للإرهابيين والإنفصاليين ، المدعوم من جبهة عالمية متعددة العواصم ، وصولا إلى تفكيك هذا الجيش والجبهة التي تقف خلفه ، والثاني هو إعادة بناء مقدرات الجيش السوري خصوصا على مستوى الدفاع الجوي ، لقطع الطريق على أي مكاسب إستراتجية يخرج بها كيان الإحتلال على حساب سورية بالقياس للمعادلات التي كانت قائمة قبل الحرب كحد أدنى ، وتثبيت المكاسب التي حققها محور المقاومة خلال الحرب ، باعتبارها قيمة مضافة لنصر سورية .

- نجح الرئيس الأسد في الخمس الثانية كما نجح في الخمس الأولى ، والمشهد السوري يقول لجهة مستقبل جيش الإرهاب المتعدد الجنسيات وعواصم الحرب ، أن التفكك والتراجع هما السمة الجامعة ، وقد خاض الأسد غماره بتؤدة وصبر وعناية ، فحقق الهدف دون تعريض تحالفاته للتصدع ، كما فعل في الخمس الأولى ، وتحمل وتحمل معه السوريون الكثير من التضحيات  في طريق إنضاج مواقف الحلفاء لصالح رؤيته في محطات متعددة ، فماذا عن بناء مقدرات الدفاع الجوي السورية ؟

- بعدما تكفل الجيش الإرهابي المتعدد الجنسيات في الخمس الأولى بتفكيك عدد كبير من منصات شبكات الدفاع الجوي السورية وراداراتها بطلب مباشر من كيان الاحتلال ، حيث كانت مواقع الرادارات والصواريخ هدفا أولا لا تفسره الإدعاءات الداخلية لما سمي بفصائل المعارضة ، من جنوب سورية الى شمالها  ، وكان واضحا في الخمس الثانية أن تطورا متسارعا لإعادة البناء لهذه المقدرات يقع في أولوية اهتمامات الرئيس الأسد ، حيث نجح الدفاع الجوي بفرض معادلة حرمة الأجواء السورية على طائرات جيش الإحتلال عام 2017 بإسقاط أول طائرة بصاروخ دفاع جوي سوري ، ليرسم منذ ذلك الحين معادلة التعامل مع الغارات من خارج الأجواء السورية بالتصدي لها بالصواريخ السورية الدفاعية ، حتى جاء صاروخ ديمونا ، سواء كان صاروخ دفاع جوي أو صاروخ ارض أرض ، أو كان إطلاقه قد تم بيد سورية أو إيرانية ، فهو صاروخ الأسد للقول ان مرحلة جديدة قد بدأت ، لن تمر معها الغارات دون رد يطال عمق الكيان ومنشآته الأشد خطرا وحيوية ، ودون إسقاط طائرات حتى لو كانت الغارات من خارج الأجواء السورية ، وأن ينجح الأسد بإستثمار التحالف مع روسيا وإيران لتحقيق هذا الهدف فتلك تحسب له لا عليه ، فسورية هي الموجودة على تماس جغرافي غير قابل للتعديل مع فلسطين المحتلة ، وهي صاحبة الجولان المحتل ، وهي المعرضة بأرضها وشعبها ومنشآتها للعدوان . 

- ليست صدفة ان يكرر  الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والإمام علي الخامنئي في وصف الرئيس السوري تعابير متشابهة ، فيقول بوتين لو وجد رئيس لأوكرانيا بنصف صفات الأسد لتغير المشهد الأوروبي ، ويقول الخامنئي ، لو قيض للعراق زعيم بنصف صفات الأسد لتغير مشهد المنطقة .

- الذين يخاصمون والذين يحالفون ، الذين يحبون والذين لا يحبون ، عندما يشتغلون في السياسة معنيون بحسن القراءة تجنبا للوقوع في الأخطاء القاتلة .

2021-04-26 | عدد القراءات 3109