واشنطن تعترف بمخاطر المضي بخطة إسقاط لبنان
نقاط على الحروف
ناصر قنديل
- منذ إعلان وزير خارجية فرنسا برونو لومير أمام وزراء مالية دول قمة العشرين تحذيره من الخلط بين مساعي مساعدة لبنان على التعافي الاقتصادي مع المواجهة التي تخوضها واشنطن مع طهران في مطلع العام 2020 ، وواشنطن ماضية في سياسات الضغوط القصوى وصولا لإسقاط لبنان أملا بأن تسقط بعض الشظايا على رأس حزب الله ، وكانت تصريحات وزير الخارجية الأميركية مايك بومبيو ومعاونيه ، تتركز في كل شاردة وواردة عن لبنان ، تحت عنوان أن حزب الله سبب مشكلتكم أيها اللبنانيون ، ودون مواجهة حزب الله لن يخرج لبنان من اي أزمة وسيصل إلى الانهيار ، وليس خافيا كلام الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون عن الدور التعطيلي لمبادرته الذي لعبته العقوبات الأميركية .
- مع تولي الرئيس جو بايدن وإعطائه الأولوية للعودة للاتفاق النووي مع إيران ، لم يتغير الخطاب الأميركي نحو لبنان ، رغم التبدل في الخطاب التحليلي لأوضاع المنطقة الذي بدأ يتحدث عن تغيير في السياسات سيلي التوصل لتفاهم يعيد الحياة إلى الإتفاق النووي ، إنطلاقا من أن الضغوط الأميركية على حلفاء إيران كان جزءا من كل ، ومع إنتفاء مبررات هذه الضغوط ، لا قيمة لأن تسعى واشنطن لإسقاط لبنان أملا بالضغط على حزب الله ، وهي تمنح إيران ودائع محجوزة بمليارات الدولارات ، تعلم أن بعضا منها سيذهب لدعم إيران لحركات المقاومة وفي طليعتها حزب الله .
- في قلب التصعيد بالخطاب الأميركي القائم على السعي للمضي قدما بسياسة إسقاط لبنان ، حذر الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله ، من غباء هذا الطرح ، لأن بلوغ لبنان حافة الإنهيار ، سيصيب فئات وشرائح ومؤسسات ، تهتم أميركا لبقائها معافاة ، بينما ستكون المقاومة وبيئتها المستهدفين بالخطة الأميركية آخر من يتأثر بهذه الضغوط ، وتحدثت تحليلات كثيرة عن مخاطر العبث الأميركي ، كان بينها التحذيرات الأوروبية والفرنسية خصوصا من مخاطر توجه موجات من النازحين السوريين نحو أوروبا تحت ضغط الجوع والفقر ، والتحذيرات المشابهة من تفكك المؤسسات العسكرية والأمنية تحت تاثير إنهيار القيمة الشرائية للرواتب من جهة ، ونمو التشكيلات المتطرفة في بيئات الفقر ، في ظل كلفة محدودة للإستثمار الأمني في بلد تنهار عملته الوطنية ، ومخاطر نشوء إمارة لتنظيم داعش في شمال لبنان ، لكن واشنطن بقيت تصم آذانها عن كل هذه التحذيرات .
- المقال الذي نشرته صحيفة ذي هيل بقلم مسؤول قوة المهام الأميركية الخاصة للبنان إدوارد غابرييل ، يوم أمس ، يشكل أول اعتراف أميركي بمخاطر المضي في السياسات السابقة ، فيتحدث عن مخاطر نشوء دولة فاشلة في المشرق بصفته مساسا بالأمن القومي الأميركي ، ويشير إلى خطر إنهيار المؤسسة العسكرية اللبنانية ، التي تشكل استثمارا أميركيا ناجحا ، لا يجوز التخلي عنه ، ويتحدث بصراحة عن كون حزب الله أول المستفيدين من الأزمة بعدما تهيأ لتحصين بيئته الحاضنة بوجه مخاطرها ، وليس آخر الخاسرين فقط ، ليخلص إلى دعوة المعنيين في إدارة الرئيس جو بايدن لإتخاذ مبادرات تسرع الدفع باتجاه ولادة حكومة جديدة ، والتأكيد أن هذه الحكومة ستلقى الدعم المناسب لدى صندوق النقد الدولي لمساعدة لبنان على الخروج من الأزمة ، وتأمين حزمة مساعدات لمنع سقوط لبنان الى حين ولادة الحكومة التي يمكن أن تتأخر الى ما بعد الانتخابات في العام القادم ، التي يحددها غابرييل موعدا لإنطلاق خطة المساعدة الشاملة .
- الكلام الأميركي الجديد ، يفتح الباب لإتصالات أميركية فرنسية وأميركية روسية لبلورة مبادرات سياسية ، لن تكون السعودية وإيران بعيدتين عنها ، لتفحص إمكانية حل المشكلة الحكومية ، بعد تبلور صورة المشهد الإقليمي وحدود التسويات الممكنة في الملفات الساخنة خلال الصيف ، وربما يكون خيار تأمين شبكة أمان الحد الأدنى حتى الإنتخابات القادمة أحد الفرضيات المطروحة على الطاولة ، كما خيار الإنتخابات المبكرة ، علما ان تذليل العقبات امام تشكيل الحكومة سيبقى احتمالا كبيرا اذا كانت مناخات التسوية هي السائدة في المنطقة .
2021-05-02 | عدد القراءات 1404