ستبقى دمشق عاصمة المنطقة
نقاط على الحروف
ناصر قنديل
- كما كانت البداية من دمشق ستكون النهاية منها ، فالذين شنوا الحرب على سورية كانوا يعلمون أن مشروعهم أبعد منها بكثير ، فهم يستهدفون روسيا في أمنها والصين في فرص وصولها الى البحر المتوسط ، ويستهدفون إيران في دورها واقتصادها وصمودها وعلاقتها بحركات المقاومة ، ويستهدفون المقاومة بكسر ظهرها وإغلاق خطوط إمدادها ، وفي الطريق يضمنون أمن الكيان المحتل ، وأمن الإحتلال الأميركي في العراق ، وتسليم لبنان لجماعة "فيلتمان" ، وقطع الطريق على نهضة المقاومة في اليمن وفلسطين والعراق ضمنا ، وفيما الحرب تشارف على النهاية ، وتفقد فرص الإستمرار من جانب صاحبها الأول في واشنطن ، ولو بقي عالقا بغياب إستراتيجية الخروج منها ، دق الأميركي أبواب طهران وموسكو ، ومن بعده فعلت السعودية ، ولما بدا أن الأمر يحمل تسليما بتغيير قواعد الاشتباك ، كان الجواب ، كي نمضي قدما عليكم بالتوجه الى دمشق ، فهناك مربط الفرس .
- خلال سنوات امتلأت الشاشات والصحف بالتقارير التي تتحدث عن مساومات وصفقات ، قد حسمت مع طهران وموسكو محورها مستقبل الرئاسة في سورية ، وكنا نقول إن أرادوا لن يستطيعوا وهم لا يريدون ولن يريدوا ، وها هي موسكو وطهران تصطفان وراء الرئيس السوري بشار الأسد في الإستحقاق الرئاسي لولاية جديدة وفق الدستور القائم ، قبل أي تفاهمات تؤدي لدستور جديد يفتح معه أمامه باب الترشح لولاية أولى ثم ثانية ، لتصح مقولة "الأسد باق وهم يرحلون" ، وها هي الأنباء تتوالى عن الوفود التي تتسابق الى دمشق ، والجواب الذي تواجهه الدول التي تورطت في الحرب على سورية له عنوان واحد ، دون إعادة ترتيب العلاقة مع سورية ستبقى المنطقة عالقة في منتصف الحفرة ، فعلى واشنطن التي تجد الأعذار لربط احتلالها للعراق بمباحثاتها مع الحكومة العراقية و تشرعن عبرها وجودها ، أن تسارع للانسحاب من سورية حيث لا شرعية لوجودها ، وعلى تركيا التي تسعى للحفاظ على علاقاتها بمحور موسكو طهران أن تدرك أن زمن البقاء في سورية يقترب من النفاد ، وعلى كيان الإحتلال الذي يريد تفادي تصعيد الموقف بعد صاروخ ديمونا أن يدرك أن وقف الغارات على سورية هو البداية ، وعلى دول الخليج أن تبدأ من سورية إعادة رسم دبلوماسيتها الجديدة .
- المشهد للذين لا ينتبهون ، متسارع نحو صورة دولية إقليمية جديدة ، تتوجها قمة الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والأميركي جو بايدن ، ويصنع ركيزتها الإتفاق النووي مع إيران ، وستتسارع وتيرتها بعد الإنتخابات الرئاسية في سورية لفتح ملفات عديدة ، أهمها التحولات على جبهات حسم مصير الإحتلال الأميركي والإحتلال التركي ، وعدوان جيش الإحتلال ، وملفات الإنفصال الكردي ، وصيغة الحل السياسي ، وعودة النازحين وإعادة الإعمار ، يواكبها التغيير الدولي والإقليمي بالانفتاح على سورية ، وقبل نهاية العام ستكون تطورات قد لا تستوعب حدوثها عقول البعض الذين كانوا يتنمرون عندما كنا ننبههم كي لا يرفعوا سقوفهم العدائية كثيرا لأنها ستسقط على رؤوسهم ، تطورات بحجم كاف للقول أن دمشق عاصمة المنطقة ، وأن المقاومة هي القوة الصاعدة في الإقليم ، ولبنان الجار والشقيق لسورية ، ومركز حضور هذه المقاومة ، سيعامله القريب والبعيد على هذا الأساس ، بمعزل عن النظر لمصير الذين قدموا لهذا القريب وذاك البعيد أوراق اعتماد ولائهم ، بدرجة عدائهم للمقاومة وسورية ، وفي ساعة الحقيقة سيكون هؤلاء مجرد فرق عملة مع تغير أسعار الصرف ، وسيرون كيف تعبر أسعار الصرف السياسية والمالية ، عن تغير المشهد ، و يدهشهم كيف صاروا مجرد فرق عملة في سوق الصرف بعدما تربعوا على عروش المال والسياسة سنوات طوال .
- هل يمكن تخيل حكومة في لبنان عام 2022 تخاصم سورية ، أو لاتقيم أفضل العلاقات مع سورية ، وهل يمكن تخيل حكومة وإنتخابات ورئاسات في لبنان 2022 لا تنطلق من معادلة أن دمشق عاصمة المنطقة وأن المقاومة صاحبة اليد العليا في معادلاتها ، من يتخيل سيعيش وحده مع خيالاته ، والنصيحة بجمل ، لا تكونوا في ذيل القافلة ، فلن يستقبلكم أحد .
2021-05-03 | عدد القراءات 1880