ما حققه الفلسطينيون بداية حرب الاستقلال
كتب ناصر قنديل
- تبدو خيارات مشهد الحرب الدائرة في فلسطين بين التوصل إلى إتفاق لوقف النار ، والتصعيد وصولا لمواجهة تفتح باب خروج الحرب عن السيطرة وشمولها اطرافا في محور المقاومة ، او وقف النار دون إتفاق .
- الأكيد أن كيان الإحتلال يدرك خطورة التورط في حرب تنزلق نحو مواجهة شاملة مع محور المقاومة ولذلك يعمل لحصر الخيارات بين وقف للنار باتفاق او بدون إتفاق ، والأكيد أن وقف النار باتفاق يعني بالنسبة للمقاومة شرط تضمينه إلتزام الكيان بحرمة المسجد الأقصى ووقف التهويد في القدس ، ولأن رئيس حكومة الإحتلال بنيامين نتنياهو ركب موجة الحرب ليستولي على حركة المستوطنين ويجعلهم رصيدا سياسيا و انتخابيا له ، فلن يكون بوارد الموافقة على هذا الشرط ، ويصبح السؤال عن ماهية وقف للنار بدون إتفاق .
- يحاول نتنياهو أن يخرج من الحرب بمزاعم أنها حققت أهدافها بضرب البنى التحتية للمقاومة ، وهو يوزع معلومات تريد الإيحاء بأنه دمر الأنفق ومنصات الصواريخ ومصانعها ، بينما الصواريخ لاتزال تنطلق بكل العيارات والى كل المدن والبلدات في الكيان وبكثافة مشابهة لليوم الأول ، لكن هذا هو المخرج الوحيد لنتنياهو من الحرب التي تعمد عدم وضع سقوف عالية لها كما كان يفعل في السابق ، مكتفيا بالحديث عن مهمة فرض تهدئة طويلة .
- بالنسبة للمقاومة هذه هي المرة الأولى التي تبادر فيها لإطلاق النار ، ولم يكن هدفها التوصل الى اتفاق تعلم انه تسوية سياسية كبرى أدى إستعصاؤها الى سقوط كل فرص التفاوض التي خاضتها السلطة الفلسطينية ، ومن يجعل القدس ومنع التهويد عنوانا لحربه يعلم أن كل التسويات سقطت عند أسوار القدس ، لذلك كان قرار المقاومة هو إيصال رسالة مضمونها أن التهويد في القدس يعني حربا ، ولو لم يرد نتنياهو بالحرب لكانت المقاومة ربطت اطلاق الصواريخ بمواصلة التهويد واوقفتها عندما تتوقف الخطوات الاستفزازية والتصعيدية للمستوطنين ، واذا اوقف نتنياهو حربه لن تواصل المقاومة اطلاق الصواريخ لتظهر امام العالم ساعية وراء التصعيد ، بل ستعتبر أن رسالتها لا تزال قائمة ، كل عبث واستفزاز في القدس سيلقى عقابا .
- ما نتج عن جولة الحرب الضروس سيشكل خلفية حاضرة في كل المساعي الدولية ، وفي النقاش الداخلي في الكيان ، بصورة ستنتج تراجعا كبيرا في الاستفزازات في القدس ، وسيحصد المقدسيون نتاج هذه الجولة مزيدا من الحرية والشعور بالقوة ، لكن نتائج الحرب ستكون أشمل بصورة يحتاج الفلسطينيون وقف النار دون اتفاق لاستيعابها وهضمها ، فما جرى من نهوض في الأراضي المحتلة عام 48 وفي الضفة الغربية سيصعب وقفه ، وسيشكل رافعة المواجهة المفتوحة للفلسطينيين مع الاحتلال ، وهذا التحول ليس الوحيد ، فالمناخ العربي والدولي المتغير بقوة لصالح القضية الفلسطينية على مستوى الرأي العام وانعكاسه على الحكومات هو الآخر يحتاج لمواكبة واستثمار .
- سيواجه نتنياهو بعد الحرب اسئلة وجودية حول مستقبل الكيان ومستقبل القدرة على شن الحروب ، واستعادة قدرة الردع ، في ضوء ما ظهر من قدرات للمقاومة ، ومن ضعف الكيان وفشله العسكري ، وفي ضوء دخول عامل جديد في المواجهة هو فلسطيني الداخل وعودة الضفة الى الاشتباك ، بينما ستكون المقاومة قادرة على مراكمة المزيد من مصادر القوة العسكرية ، والاستثمار على التحولات الشعبية والسياسية الكبرى ، وتوظيف قدرتها العسكرية لتأمين الحماية المستمرة للانتفاضة في القدس وأراضي ال48 والضفة .
- يشبه ما سيجري في فلسطين ما جرى في لبنان مع تفاهم نيسان عام 96 الذي أسس لتوزان الردع الذي مهد للتحرير ، لكن دون بيان وإعلان .
2021-05-20 | عدد القراءات 3374