سورية تنتصر
نقاط على الحروف
ناصر قنديل
- عشية الإستحقاق الرئاسي في سورية تبدو صورة الغد السوري مشرقة ، فملايين السوريين في الساحات استعدادا لتلبية النداء الدستوري ، لتثبيت معنى النصر الشعبي والسياسي والعسكري لمشروع دولتهم بوجه مشاريع التفتيت والتقسيم والاحتلال والإرهاب ، وعشرات الآلاف من السوريين في خارج سورية الذين أتيح لهم أن يشاركوا للمرة الأولى في هذا الإستحقاق عبروا عن التمسك بخيار الدولة بوجه كل العروض الأخرى التي لم تحمل لهم الا المذلة والهوان والتشرد ، أما على المستوى المستقبلي فقد كان كلام وزير الخارجية السورية فيصل المقداد عن قرار حاسم بإنهاء الإحتلال الأميركي والتركي وإستعادة وحدة وسيادة سورية فوق كل ترابها الوطني ، تعبيرا عن سياق ورد في كلامه بوضوح عن مسار التموضع العربي والدولي الجديد تجاه الدولة السورية ، وعن السفارات الغربية والعربية التي ستفتح قريبا ، وما أشرت إليه عملية فتح السفارات السورية في العديد من العواصم العالمية أمام السوريين لممارسة حقهم الدستوري بالإنتخاب ، أما على الصعيد الإقتصادي في كان ملفتا ما أكده المقداد بصورة رسمية حول الحماية الروسية لناقلات النفط الإيرانية الآتية إلى سورية ، لجهة وضع الدعم الإقتصادي لسورية لدى حلفائها في دائرة الأولوية أسوة بالدعم السياسي والعسكري ، ما يعني أن الإقتصاد السوري المعروف بطاقاته الإنتاجية سيستعيد الكثير من مقدراته بمجرد توافر موارد الطاقة التي شكلت أهم وجوه الحرب الإقتصادية على سورية ، سواء بسرقتها من الإحتلال الأميركي وتقاسمها من الإحتلال التركي والجماعات الكردية التقسيمية ، أو عبر ما مثله الحصار وما مثلته العقوبات .
- كسر منظومة الحصار السياسي والإقتصادي ، ووضع خارطة التحرير على الطاولة ، واستعادة سورية لمكانتها العربية والدولية ، وتماسك تحالفاتها ، ونهضة شعبها رغم كل التضحيات ، في ظل قيادة إستثنائية تاريخية يمثلها الرئيس بشار الأسد ، علامة من علامات نهوض عربي جديد ، حيث لا مكان لأدوار قيادية عربية لأصحاب الخيارات التي ارتبطت بالرهان على زمن الهيمنة الأميركية والتأقلم مع كيان الإحتلال وصولا للتطبيع ، فالزمن العربي ترسمه القضية الفلسطينية ، وفي زمن يكون عنوانه ضمور وتراجع القضية الفلسطينية وسيادة زمن الزحف على طلب رضا الإحتلال وعواصم الغرب كان طبيعيا أن تكون سورية في دائرة النار ، أما في زمن صمود سورية وانتصارها فكان طبيعيا أن تستعيد القضية الفلسطينية روحها ، ومع نهضة القضية الفلسطينية في أرض فلسطين وعربيا ودوليا ، وتحولها الى ميزان فاصل في رسم المعادلات والتوازنات ، فلا مكان لحضور عربي لا تكون سورية قلبه وطليعته ، وهذا معنى أن يستقبل الرئيس السوري قادة الفصائل الفلسطينية المقاومة عشية وقف النار ، ومعنى أن يقول إن أبواب دمشق كانت وستبقى مفتوحة لكل المقاومين ، وهذا معنى تأكيد المقداد لهذا الكلام ، ولو لم تتم تسمية حركة حماس بالإسم فلأن الخطوة الأولى مطلوبة من حماس ، وهي قيد التحضير بشراكة الحلفاء المشتركين في محور المقاومة .
- سورية القوية والمقتدرة ليست حدثا عاديا في المنطقة والعالم ، ويكفي النظر لما تعرضت له سورية لحرمانها من القوة والإقتدار للتحقق من معنى قوتها وقدرتها ، ومعرفة كم كانت كلفة حرب تدمير سورية واضعافها ، لمعرفة أن إضعافها كان شرطا للفوز بمشاريع أخرى تدير المنطقة يستحيل تمريرها في ظل وجود سورية قوية ومقتدرة ، ومعرفة أن اليأس من تدمير سورية وإضعافها والتسليم بعودتها قوية ومقتدرة ، هو تسليم ضمني بسقوط هذه المشاريع ، والتسليم بأن وضعا عربيا جديدا قيد التشكل ، وأن فلطسين العائدة بقوة عنوانا للمشهد العربي الجديد يكتمل حضورها بسورية القوية والمقتدرة ، وحدود تأثير قوة سورية واقتدارها لن تتوقف عند حجم المدى الذي ستكسبه القضية الفلسطينية ومقاومتها ، فلبنان والأردن والعراق كدول جوار لسورية ، سيشعرون بإشعاع قوتها واقتدارها وحضورها وتأثير عودتها ، والبداية ستكون بضمور مشاريع التفتيت والتقسيم التي انتعشت مع اضعاف سورية واستنزافها ، وستحمل الأيام المقبلة الكثير من المتغيرات لأشكال التعاون والتنسيق والتشبيك ، ما يجعل الحديث عن عودة النازحين كعنوان للتعاون مجرد تفصيل صغير .
2021-05-24 | عدد القراءات 1663