صباح القدس ليوم مشهود ، يوم برائحة البارود ، يوم انقلاب الصورة ، وبدء مسار جديد ، يوم انهزم المحتل للمرة الأولى ، ففقد حضوره ، وفل الحديد الحديد ، وتحرر الجنوب من الناقورة الى حولا ، والجيش الذي كان لا يقهر قهر تحت الأضواء ، وظهر جنوده أذلاء ، وظهر الإذلال على العملاء ، وتطهرت الأرض من رجس المحتل ، وتصحح الميزان المختل ، وللمرة الأولى سقطت معادلة عمرها منذ ولادة الكيان ، بأنه قدر لا يهان ، فمتى قرر الحرب فاز بها ، ومتى احتل الأرض صار صاحبها ، فجاءت المقاومة تحفر الجبل بإبرة ، وفي سنوات تكتب العبرة ، ان الشعب اذا اراد الحياة فلا بد للقيد ان ينكسر ، وان المقاومين الحفاة اقوى من كل جيش منتصر ، وان النصر صبر ومثابرة ولو اسميت المقاومة مغامرة ، وان الحرب علم له أصول في مدرسة المقاومين وليس فعل مجانين ولا ضربة حظ أو فطرة قد تصيب لمرة ، فالحرب فكرة ، وبالفكر رسمت لها طريق محسوبة ، وخطط مكتوبة ، ورصدت لها دماء وسار عليها شهداء ، وقدمت فيها تضحيات ، وقادها عباقرة ، يستحقون المفاخرة ، غيروا قوانين الحرب على مقاس شعوبهم ، واحسنوا اختيار دروبهم ، فكان النصر في أيار ، وكان الرد على أيار وحزيران ، فالنكبة والنكسة معادلتان لما سمي بحق القوة ، ونصر التحرير رد اعتبار لقوة الحق بالقوة ، فلا قوة للحق بلا جيش يحميه ، وبلا ثبات ، والحق الذي لا يحتاج الى اثبات يحتاج الى التضحيات ، فلن يسلم اللصوص بالحق لما تقول النصوص ، هكذا قالت فلسطين ، وهكذا علم الجنوب ، وهكذا قالت حطين وهكذا علم الحروب ، وقد علمنا الذين استشهدوا والذين اسروا والذين عبروا والذين بقوا والذين استحقوا ، ان الطريق محتوم النصر ، وان الطريق محكوم بالصبر ، وان الطريق يوصلنا الى القدس وحيفا ، وان الحرب كطريق النمل خط موصول ، نعيده كل عام ، لا نرتاح عند الوصول ، ولا نغفو او ننام ، وان ما جرى في جنوب لبنان قابل للتكرار في الميدان ، وهكذا كانت غزة ، وهكذا صار للمقاومة محور ، وصارت القدس أقرب ، وهكذا تنال العزة ، وهذا المحور يتطور ، ماؤه من نفس المشرب ، نقية وفية مطهرة صادقة مظفرة ، وها نحن اليوم نحيي العيد بدل العيدين ثلاثة ، عيد للسيد وعيد للأسد وعيد لهما مع فلسطين ، فالنصر مرآة مقعرة ، يتكرر فيها مرارا ، ومنذ النصر في حطين والأمة مدمرة تنتظر كرارا - ناصر قنديل
2021-05-24 | عدد القراءات 1648