أسئلة من العيار الثقيل تطرحها حرب فلسطين :
الحماية الدولية لفلسطينيي ال48 وحق العودة
نقاط على الحروف
ناصر قنديل
- يثير عدد من المهتمين بمستقبل القضية الفلسطينية قلقهم من محاولات الإلتفاف التي سيتعرض لها النضال الفلسطيني في الفترة المقبلة ، سواء من باب الرهانات على احتواء حركة حماس عبر اغراءات السلطة والإعمار في غزة أو عبر الثنائي التركي القطري ، أو من خلال السعي لتفعيل الدور المصري والسعودي على خط السلطة الفلسطينية وتنشيط التنسيق الأمني مقابل تفعيل مسار التفاوض ، فيما يثير آخرون مخاوف من نوع آخر تتصل بالكيفية التي ستتمكن عبرها قوى المقاومة من فرض احترام معادلتها "ان عدتم عدنا" لتثبيت حرمة المسجد الأقصى وحماية سكان الشيخ جراح ، لكن جوهر هذه الأسئلة سوف ينحصر بنقطة مفصلية ، هي ما إذا كان الكيان سينجح بفعل الضغوط والإغراءات معا بتخطي التطرف المتوحش لمستوطنيه والتقدم نحو السياسة ، وفي هذه الحالة ستسجل المقاومة نصرها بفرض المعادلة التي بدأت حربها على أساسها ، ويبدو عندها أن كل شيئ سيلي هو مدين لما أظهرته المقاومة من قوة ويزيد المقاومة توهجا و استعداد لفرض المزيد بالمزيد من القوة ، لتصير الإشكالية المترتبة أشد حضورا ما سيلقاه خيار التفاوض من جرعة انعاش بعدما كان يلفظ أنفاسه ، فتصير المقاومة أمام تحد من نوع جديد ، يتمثل بكيفية إدارة تعاملها مع الملف السياسي ، وتحت أي شعار ، حل الدولتين ، ام التحرير الشامل ، ام ماذا ؟
- أظهرت جولة الحرب النوعية ، إضافة لما أظهرته من عناصر قوة للمقاومة وعناصر ضعف للكيان ، حجم المفاجأة بنوعية وحجم الحراك الذي تفجر في الضفة والأراضي المحتلة عام 48 ، ومعهما النهضة العربية والدولية الواسعة حول فلسطين ، وجديد هذا النهوض داخل فلسطين ومن حولها عربيا وعالميا ، دخول جيل الشباب الميدان بقوة ، وهو جيل الألفية الجديدة الذي شارك بالملايين عبر العالم وبعشرات الآلاف داخل فلسطين ، ومن دون مقدمات تشير الى حجم التحول الجاري في وسط هذا الجيل ، وتكشف هذه الظاهرة حجم تأثير وسائل التواصل الإجتماعي وحسن استثمارها من جهة ، والعناصر المحركة لهذا الجيل وعوامل انخراطه في الشأن العام ، بحيث يتوقف على فهم هذه المحركات قدرة المقاومة على الاحتفاظ بحضور هذا النهوض شريكا في المعارك القادمة ، كضمانة للفوز بها ميثل ما كانت هذه الشراكة إحدى ركائز القوز بهذه الجولة ، وهنا لا بد من الإنتباه إلى ميزة رئيسية تميز هذا الجيل ، في فلسطين وخارجها ، وهي ميزة الإبتعاد عن السياسة بشكلها التقليدي ودخولها إليها بكل قوة ضمن شرط يتربط بتجسدها كقضية دفاع عن الإنسان والحقوق الطبيعية للإنسان ، والأمر مشروط هنا بصدقية ووضوح الحق ، وامكانية الفرز الواضح على أساس أبيض وأسود ، دون تفرعات وتعقيدات والتباسات .
- من هذين البعدين ، بعد الملف السياسي الذي بدأت بوادر تحريكه تحت عنوان حل الدولتين ، وبعد الحركة الشبابية المرتبطة بعنوان الحق الإنساني البائن ، تنطرح أولا خطورة التضحية مرة أخرى فلسطينيي الأراضي المحتلة عام 48 ، الذين لا مكان لهم في صيغة حل الدولتين وقد كانوا القوة الرئيسية التي نهضت على أكتافها مهمة حماية القدس والمسجد الأقصى ومشهد الإنتفاضة التي أربكت الاحتلال في عمق الكيان ربما أكثر من الصواريخ ، بما شهدته حيفا وعكا واللد وسواها ، ومن خلالها تنطرح خطورة الانزلاق الى محاولة مزاوجة ملفقة بين حل الدولتين ومستقبل فلسطينيي الأراضي المحتلة عام 48 ، بالحديث عن الحقوق المدنية في ظل الإحتلال ، تحت شعار يبدو جاذبا إسمه إنهاء التمييز العنصري وإلغاء دولة الأبارتيد ، وهو يخفي إنهاء قضية الهوية التي تمثل جوهر الصراع في أي مقاربة لفلسطينيي ال48 ، والتي يشكل عنوانها الإحتلال الإستيطاني ، الذي تمثل العنصرية أحد وجوهه ليس إلا ، وهنا تنطرح قضية طلب الحماية الدولية ، التي سيقاتل الكيان يكل قواه لمنعها من التداول ، والتي يصعب أن تبصر النور ، لكنها تبدو في الظاهر سقفا دون الدعوة لحل الدولتين ، لكنها في العمق مشروع لتفكيك الكيان ، وحشد للشارع الدولي تحت شعار قابل للتسويق في ظل حجم الإجرام والعنصرية والتوحش وما ظهر منها خلال الأيام العشرة للحرب ، وبالتوازي معها قضية حق العودة للفلسطينيين الى بلدهم ، كحق إنساني طبيعي ، وإعتبار البحث بأي حل سياسي للقضية الفلسطينية يجب ان يكون لاحقا لتلبية هذين الحقين ، الحلق بالحماية الدولية والحق بالعودة الى الديار ، يتلوهما البحث بحق تقرير المصير ، قبل أي حديث عن حق إقامة الدولة واحديث عن طبيعتها وحدودها .
2021-05-25 | عدد القراءات 1459