ما تخافوش كتب ناصر قنديل

ما تخافوش 

كتب ناصر قنديل

- خلال الشهر الماضي وما شهدته مدينة القدس والأحياء العربية فيها بصورة خاصة من مواجهات ، ظهر أن الشباب الفلسطيني في القدس والأراضي المحتلة عام 48 الذي يعرف بالجيل الثالث ، أي الجيل الذي ولد في ظل الإحتلال ، يسقط الرهان على الأسرلة التي شكلت خيارا عمل عليه الكيان ضمن خطة تذويب القضية الفلسطينية والهوية العربية للسكان الأصليين للمناطق المحتلة ، واستثمر الكيان الزمن الفاضل منذ مسيرة التفاوض واتفاق أوسلو لتوفير فرص التغاضي عن خطته والاستفراد بأبناء القدس والمناطق المحتلة عام 48 .

- الذين نهضوا بالانتفاضة الفلسطينية الجديدة التي أسست لجولة الحرب الأخيرة وعنوانها القدس ، هم شباب وصبايا فلسطين الذين ولدوا بعد الإنتفاضة الأولى ، ورافقوا وهم صغار انتفاضة الأقصى وانتصار جنوب لبنان عام 2000 ، وواكبوا مسار التفاوض البائس ، ومسار التطبيع المشين ، وأحداث المنطقة سواء في سورية أو في ظهور  محور المقاومة ، ومقابله تحالف يجمع حكومات الخليج وكيان الإحتلال تحت عنوان الخطر الإيراني المشترك ، فقرروا ودون امتلاك أدوات حزبية ، ودون الانتماء للتشكيلات السائدة فلسطينيا ، وفي مواجهة دعوات للانضواء تحت سقف اللعبة الداخلية للكيان ، عبر انتخابات الكنيست وقبول هوية "عرب إسرائيل " ، كما تفرض حصيلة اي تسوية وفق حل الدولتين ، ستكون احياء بعيدة عن القدس تحمل تسمية القدس كعاصمة لها ، مثل حي أبو ديس ، ولن يكون لأبناء مناطق ال48 اي مكان فيها ، وسق خيار هذا الجيل طريقه وفرض حضوره ، وصار عنوان الحدث .

- جوهر سياسة الكيان تجاه هذا الجيل قام على الترغيب ومشروع الدمج والتذويب ، وقد فشل فشلا ذريعا ، فقد تكفلت الطبيعة العنصرية للكيان ومشاريع التهجير والاستيلاء على المنازل والأراضي ، والإبعاد عن الوظائف ، والتضييق في المعاملات الرسمية ، عناصر تذكير مستمرة بالاحتلال ، وبالهوية الفلسطينية بالمقابل ، بينما ظهر بوضوح فشل أي رهان على حماية او انجاز يمكن أن تحققهما المشاركة في الإنتخابات ، وسقف ما بلغته هذه الانتخابات هو توفير حجر شطرنج يمكن التلاعب به في التحالفات الحكومية في الكيان ، يتم حذفه فور انتهاء ترتيب اللعبة ، فقرر هذا الجيل خوض المواجهة في الشارع بالصوت والكلمة ، مستفيدا من ثورة المعلوماتية والاتصالات ، ومن كفاءات ومهارات لغوية وتواصلية اتقنها الشباب والصبايا الفلسطينيون يخاطبون العالم على مدار الساعة شارحين لقضيتهم وعدالتها .

- جاءت المواجهة الأخيرة لتكشف طبيعة الحرب على الوعي ، والمعادلة التي صاغها الجيل الثالث بمواجهة معادلة بن غوريون القائمة على زرع الخوف ، هي الكلمة التي قالتها الناشطة منى الكرد التي مثلت رمزا لشباب حي الشيخ جراح في القدس منى الكرد لحظة إعتقالها ، "ما تخافوش " ، وبعد حرب الأيام العشرة وإعلان السيد حسن نصرالله أن القدس تعادل حربا إقليمية ، زادت ثقة هذا الجيل بأنه يمسك مفاتيح الحرب في المنطقة ، ومن خلال هذا الإمساك بمفاتيح الحرب ، تستنفر واشنطن على مدار الساعة لتتابع كل حدث ، ويستنفر بنيامين نتنياهو ومن خلفه المستوطنون والمتطرفون لخوض معركة القدس باتصعيد  الإعتقالات والتحضير لمسيرة الأعلام الصهيونية في القدس ، أملا بتفجير المنطقة ، وتصير بيد هذا الجيل دفة القيادة على معادلات إقليمية ودولية ، لتنتصر معادلة "ما تخافوش" .

2021-06-07 | عدد القراءات 1669