ورطة أردوغان مع بوتين ...وسورية تكسب الرهان
نقاط على الحروف
ناصر قنديل
- يجدد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تحذيراته من اللعب في الملف الأفغاني ، ويتحدث وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو عن فشل ذريع لحلف الناتو ، والكلام الموجه للجارة الأميركية كي تسمعه الكنَة التركية ، بعدما وضع الرئيس التركي رجب أردوغان حكومته وبلاده وجيشه في ورطة لا يعرف كيف يخرجها منها ، وقد أخذ على عاتقه في اجتماع حلف الأطلسي وفي مشاوراته مع الرئيس الأميركي جو بايدن أن ينشر قوات تركية في مطار كابول مع الانسحاب الأميركي منه ، بالإضافة الى إقامة قاعدة تركية في أذربيجان مع نية الأميركيين تفكيك قاعدتهم ، محافظا بذلك في الدولتين الواقعتين على حدود كل من روسيا وإيران ، لوجود حلف الناتو الذي يعتبر عدوا لهما ، فيما يقدم أردوغان نفسه وحكومته كصديق من داخل الناتو ، يشترك مع روسيا وإيران بمسار أستانة حول سورية ، وتربطه بكل من الدولتين مصالح إقتصادية وتفاهمات أمنية وعسكرية .
- خلال سنتين قدم أردوغان خطواته الإقليمية بصفتها تعبيرا عن نوع من الشراكة مع روسيا ، انطلاقا من صفقة صواريخ الأس أس 400 ، مرورا بتحركه نحو ليبيا وترسيم المساحة البحرية معها وتوظيفه لقطع الطريق على أنبوب الغاز الذي رعاه وزير الخارجية الأميركية مايك بومبيو وضم اليونان ومصر وكيان الإحتلال وقبرص لمنافسة أنبوب السيل الجنوبي المشترك بين روسيا وتركيا ، وصولا الى التحرك في أذربيجان بصورة بدت تمهيدا لوقف النار الذي تولت الشرطة العسكرية الروسية الإشراف عليه ، وربما يكون أردوغان يعتقد أن ذلك يخوله القيام بلعبته الخطرة التي تتخطى الخطوط الروسية الحمراء ، فيما يخص وجود عسكرية لحلف الناتو على حدودها ، بغض النظر عن هوية الجيش الذي يؤدي المهمة تحت قيادة الناتو ، متجاهلا أنه قبض ثمن خطواته سلفا بتساهل روسي مع عبث في سورية ومماطلته بتنفيذ التفاهمات ، أملا بمنحه الفرصة لإيجاد مخرج يحفظ ماء وجهه ويخفف عنه الإحراج لإنهاء الوضع الشاذ في إدلب .
- سورية المتمسكة بصدق تحالفها مع روسيا ، والمؤمنة بصدق روسيا في هذا التحالف ، كانت تكتفي بالتحذير من خطورة الثقة بثعلبة أردوغان ، وهي اليوم تجد أن روسيا وإيران تكتشفان خطورة لعبة أردوغان ، فبدلا من أن يؤدي فشل حلف الناتو في أفغانستان إلى التسليم بالحاجة للبحث عن حلول تشترك فيها دول الجوار الأفغاني ، كما أعاد التكرار الرئيس الروسي أمس في مؤتمر موسكو للأمن ، جاء أردوغان ليمنح الناتو وواشنطن من خلفه مخرجا على حساب هذا الحل ، وورطته تبدو أعمق من شراء الخلاف مع روسيا وإيران ، حيث أعلنت حركة طالبان عزمها على التعامل مع الوجود التركي بصفته قوة احتلال ، وكذلك في أذربيجان ، حيث يشعر الأميركي أن قاعدته فقدت قيمتها مع التموضع الروسي ، يأتي أردوغان ويقدم له ما يحفظ ماء الوجه ليبدو الإنسحاب مجرد تبديل بين قوات الحلف ، متجاهلا أن أذربيجان جزء من المدى الأمني الحيوي لكل من روسيا وإيران .
- سورية المعنية بتحرير ما تبقى من أراضيها تحت الاحتلال التركي والاحتلال الأميركي ، متمسكة بحليفيها وطالما كانت تثق بأنهما منفردين ومجتمعين ، عندما تختلف التقديرات حول روزنامة العمل العسكري ، سواء مع الجماعات الإرهابية العاملة تحت مظلة الاحتلال التركي ، او مع المشروع التقسيمي تحت مظلة الاحتلال الأميركي ، وتمنح الوقت اللازم لتلتقي المواقف على بوصلة سير واحدة ، وها هي تكسب الرهان مرة أخرى ، فتبدو إدلب على موعد مع جولة قادمة ، يكون فيها الحلفاء يدا واحدة كما كانوا في الجولات السابقة ، ويحققون نصرا جديدا كما حققوا الانتصارات السابقة ، وما يحدث خلال الأيام الماضية يبدو تمهيدا لعمل كبير تنتظره سورية منذ مدة .
2021-06-24 | عدد القراءات 1465