أميركا عادت ...ماذا عن أفغانستان ؟
نقاط على الحروف
ناصر قنديل
- خلال أسبوع سمعنا خطابين تاريخيين للرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والصيني جينغ شي بينغ ، والخطابان يتكاملان في إعلان صلابة الثيبات بوجه السياسات الأميركية ، تظللهما سنوات من التقدم في جغرافيا آسيا إقتصاديا عبر خريطة الحزام والطريق ، وعسكريا عبر شبكة أس أس 400 ، وتتوسطهما شريكتهما إيران وهي تقود شبكة حركات المقاومة ومحورها في المنطقة ، ويصير خطاب ولى زمن التنمر ، مكملا لخطاب ولى زمن التهميش ، ومعها خطاب ولى زمن التهديد ، الذي ترجمته حركات المقاومة بخطاب ولى زمن الهزائم ، ويقابل كل ذلك خطاب أطلقه الرئيس الأميركي من إجتماع حلف الأطلسي تحت عنوان أميركا عادت ، فهل عادت أميركا ؟
- يستغرق كثيرون ، بعض بنوايا طيبة وعد إنتباه وبعض بتنفيذ تعليمات ، في ترويج نظرية التفرغ الأميركي للمواجهة مع الصين ، بإيحاء أن كل ما يجري يجد تفسيره في معرفة ما تريده أميركا ، وهو إيحاء مخادع للعقل ، حيث أميركا متفرغة لمواجهة ثلاثي روسيا والصين وإيران خلال عقد طويل شهد الحروب والعقوبات والتفاوض ومحاولات الإغراء والاستفراد ، وانتهى بالفشل الأميركي ، لأن روسيا والصين وإيران مثلث قوة آسيا وصعودها ، نماذج لدول الإستقلال الوطني ومفهوم خصوصية الدولة الوطنية في قلب العولمة ، في مواجهة نموذج العولمة المتوحشة ، ونهاية التاريخ عند النموذج الأميركي وتعميمه ، وما يجمع بكين وموسكو وطهران هو قرار بإخراج أميركا من آسيا بصفتها قوة أجنبية ، وإعادة صياغة العلاقات الآسيوية الغربية على أسس المصالح واحترام حقوق السيادة ، وإلغاء كل وجود عسكري أجنبي ، والتصدي لكل محاولات للهيمنة السياسية والاقتصادية ، إنطلاقا من أن الدول المعنية هي دول آسيوية فاعلة تمثل أكثر من نصف مساحة آسيا وعدد سكانها وحجمها الاقتصادي وقوتها العسكرية .
- عودة أميركا تعني إما تقدما في مشروع الهيمنة يحتاج إستثمار فائض قوة عسكرية ، لا تملكه أميركا ، ويعترف بايدن أنه لا يملك القدرة على التفكير بجعله مشروعا لولايته ، مكثرا من الحديث عن الدبلوماسية كبديل ، وإلا فالبديل هو التراجع عن مشروع الهيمنة والتصالح مع الشعوب والاعتراف بحقوقها ، وهذا يحتاج إلى فائض قوة أخلاقي يبدو واضح أن بايدن لا يملكه ولا يتجرأ على التصريح به كخيار ، فهو يعد بإنقاذ مشروع الهيمنة ، تحت شعار الدبلوماسية والاستعانة بالحلفاء ، فهل حملت لقاءات السبعة الكبار خطة قادرة على منافسة الصين ، وقد خرجت بمناشدة الصين إعادة النظر بتوسيع استثماراتها في البنى التحتية لدول آسيا ، وبعدم مواصلة بيع منتجاتها بأسعار لا يملك الغرب قدرة منافستها ، وهل خرج مؤتمر حلف الأطلسي بخطة للتفوق العسكرية على تصاعد القوة الروسية ، وكانت آخر منتجاتها هي الرهان على نجاح الرئيس التركي بإقناع الرئيس الروسي بتغطية نشر قوات تركية في أفغانستان وأذربيجان ، قبل أن يصل الجواب الروسي الحازم والقاطع بالرفض ؟
- تقدم أفغانستان صورة واضحة عن المشهد الدولي الجديد ، أو على الأقل مشهد آسيا الجديد ، حيث كانت الحرب الأميركية على أفغانستان قبل عشرين عاما تماما ، وخلال هذين العقدين قال الأميركيون أنهم رعوا قيام بناء دولة جديدة في أفغانستان ، وهم اليوم يعلنون الإنسحاب ويتهيأون للإحتفال بذكرى الحرب وقد خرجت قواتهم ، التي قالوا ان بعضا منها سيبقى لحراسة المنشآت والعناصر الدبلوماسية ، بينما كل شيئ يقول في أفغانستان أن الجيش المحلي الذي رعاه الأميركيون ينهار ويتفكك على إيقاع الإنسحاب ، وأن الآلاف منه هربوا الى باكستان ، وتبدو العاصمة كابول مرشحة للسقوط سريعا ، ومعها لن يكون متاحا للأميركيين حتى الحفاظ على القوة التي قرروا الحفاظ عليها في كابول ، بما يستعيد للذاكرة مشهد مغادرتهم لفييتنام ، فماذا يستطيعون القول أنهم حققوه خلال عشرين عاما كلفت تريليونات الدولارات وآلاف الجنود القتلى ؟
- منذ إنتصار سورية وحلفائها في معركة حلب ، وآسيا قد دخلت مرحلة التحرر من مشروع الهيمنة الأميركية ، واليمن مثال صارخ على حال الحليف المالي الأول للأميركي في المنطقة ، وفلسطين مثال على احل الحليف العسكري للأميركي في المنطقة ، وما يجري في أفغانستان مثال على ام سيجري في كل ساحات آسيا ، حيث الإحتلال الأميركي .
غ
2021-07-04 | عدد القراءات 1502