المقاومة في سورية والعراق الى التصعيد
نقاط على الحروف
ناصر قنديل
- كما في كل مرة يقع الأميركيون وجماعاتهم في المنطقة بوهم نابع من طريقة تفكيرهم ، فيظنون أن مجرد الدخول في التفاوض مع إيران سيعني تجميد ساحات الصراع التي تقاتل فيها قوى المقاومة بوجه الإحتلال ، فيتوهمون أن إيران ستضغط في فلسطين كي لا تقوم مقاومة شعبية أو عسكرية بوجه الإحتلال ، لأن الحكومة الجديدة في الكيان في الحضن الأميركي وتحتاج الى انتصارات تظهرها أمام المستوطنين بمظهر قوة ، ويتوقعون أن تجمد قوى المقاومة في اليمن قتالها لمجرد أن واشنطن قالت إنها تؤيد وقف الحرب ، وينتظرون التهدئة مع القوات الأميركية في سورية والعراق وعدم معاملتها كقوات إحتلال لأن واشنطن تنظر لهذا الوجود كورقة مساومة لاحقة عندما تنتهي من الإتفاق مع إيران .
- حدث ذلك من قبل ، ففي عام 2015 عندما قام جيش الاحتلال بقرار من رئيس حكومة الكيان يومها بنيامين نتنياهو بالإعلان عن العزم على فرض قواعد إشتباك على المقاومة ، ردا على معادلات أعلنها الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله ، وكان إغتيال الشهيد جهاد مغنية ، وتوقع نتنياهو وردد خلفه كل جماعة أميركا في المنطقة ، أن حزب الله لن يرد ، وأن إيران المنخرطة في التفاوض ستضغط على المقاومة لمنع الرد لأنه يخرب المسار التفاوضي ، ولكن الواقع كان أن المقاومة ردت وبقسوة ، وفرضت معادلاتها ، والذي ضغط على حليفه لعدم الرد كان الأميركي ، الذي قال بلسان الرئيس الأميركي باراك أوباما لنتنياهو تعليقا على رد المقاومة ، إن الضربة موجعة لكنها لا تستحق حربا ، فأعلن نتنياهو العض على الجراح كما قال .
- في سورية والعراق احتلال أميركي والحق الطبيعي لقوى المقاومة هو خوض المواجهة حتى انسحاب هذه القوات ، وهذا حق وطني منفصل عما يدور في المفاوضات الأميركية مع إيران ، وإيران تفكر بهذه الطريقة ، وهذا ما يعلمه الأميركي من تجاربه السابقة مع إيران ، قبل توقيع الإتفاق النووي عام 2015 ، ففي كل مرة كان الأميركي يرغب بفتح التفاوض حول الملفات الإقليمية كانت ترد إيران بأن التفاوض محصور بالملف النووي ، وبعد توقيع الإتفاق في كل مرة كان الأميركي يحاول عبر الوسطاء طلب التدخل الإيراني مع فريق من قوى المقاومة ، كان الجواب الإيراني أن قوى المقاومة هي قوى مستقلة بقرارها وإيران لا تقبل بمطالبتها بالضغط على هذه القوى ، وأنه عندما يكون هناك لدى الخصوم المحليين لهذه القوى شيئ يستحق التحدث مع هذه القوى فإن إيران يمكن أن تسهل اللقاء ، لا أكثر ولا أقل ، وليس أدل على ذلك من تجربة أنصار الله في اليمن ، قبل وبعد تفاهم ستوكهولم حول الحديدة .
- مقياس قوى المقاومة في سورية والعراق ، ينطلق من حسابات سورية وعراقية ، ففي العراق هناك قرار من البرلمان العراقي بانسحاب القوات الأميركية تقابله واشنطن بالمراوغة ، و الاستهداف الأميركي الأخير لقوى المقاومة على الحدود العراقية السورية إعلان حرب يجب أن تدفع قوات الإحتلال الأميركي ثمنه ، وأن تدرك أن قوى المقاومة جاهزة للمواجهة المفتوحة حتى رحيل الاحتلال ، وفي سورية عدا عن عملية الإستهداف ، يصرح الأميركيون بنهبهم لنفط سورية ، ويقومون بحماية مجموعات انفصالية تشاركهم نهب القمح والنفط ، ويعلن الأميركيون ربط بقائهم بمصير الحدود بين بلدين شقيقين سيدين هما سورية والعراق ، بهدف قطع التواصل بينهما ، بينما تتحرك القوات الأميركية عبر الحدود مستبيحة كل مقومات سيادة البلدين ، وتنقل ثرواتهما المنهوبة عبر الحدود ، وتتخذ من المناطق الكردية قواعد للعبث بوحدة البلدين ، ما يجعل عمليات المقاومة في سورية كما في العراق ردا مشروعا وطبيعيا .
- الذي يجب أن يكون مستغربا هو البقاء الأميركي في العراق وسورية ، بينما يحزم الأميركي حقائبه في أفغانستان للرحيل ، رافضا تسلم قوى قاتلت الإرهاب ارض بلادها ، مخلفا وراءه في أفغانستان تشكيلات اتهمها بالإرهاب بعد عشرين عام من الفشل في الحرب التي شنها على أفغانستان ، وبالمناسبة كان الرئيس باراك أوباما يقول انه سينسحب من العراق لأن لا مبرر لبقاء ، ويبقى في أفغانستان لأن الحرب هناك جزء من الحرب العالمية على الإرهاب ، ويأتي الرئيس جو بايدن ويقلب الأولويات ، ويتوقع ان لا يكون درس الانسحاب الأميركي من أفغانستان هو أن الأميركي لا تحكمه قواعد ولا مبادئ ولا استراتيجيات ، فهو يبق حيث لا ينزف ويرحل حيث ينزف ، لذلك عليه أن يتوقع انه سينزف حتى يقرر الرحيل ، دون أن يغيب عن تفكير قوى المقاومة أن الأميركي لا يمانع الإنسحاب من أفغانستان رغم توصيفاته للحرب بحرب على الإرهاب طالما لا تداعيات للانسحاب على أمن كيان الإحتلال ، بينما يتمسك ببقائه في سورية والعراق لفرض معادلات تتصل بالحدود بين البلدين وبحدود سورية مع الجولان المحتل ، طلبا لأمن كيان الإحتلال ، فتصير حرب المقاومة مع الإحتلال الأمريكي امتدادا طبيعيا لالتزام قوى المقاومة بمعركتها مع كيان الإحتلال .
2021-07-08 | عدد القراءات 1635