أفغانستان : صورة مصغرة عن آسيا الجديدة كتب ناصر قنديل

أفغانستان : صورة مصغرة عن آسيا الجديدة 

كتب ناصر قنديل

- تقدم أفغانستان خطا بيانيا للسياسات الأميركية خلال أربعة عقود ، فمنها بدأت مسيرة استنزاف الإتحاد السوفياتي وصلا لتفكيكه ، ومنها بدأ الرهان الأميركي على توظيف الإسلام بنسخته الوهابية لتأسيس تشكيلات إرهابية تحت شعار الجهاد ، ومنها إنطلق تنظيم القاعدة الذي كان أبرز هذه التشكيلات ، ليضرب العمق الأميركي ، وهي نقطة الإنطلاق التي اتخذتها واشنطن لفرض زعامتها على العالم الجديد بحروب خاضها المحافظون الجدد لولايتين رئاسيتين للرئيس جورج بوش ، ومنها يعلن الرئيس جو بايدن في خطابه أمس معادلته للانسحاب دون تحقيق أي هدف من أهداف الحرب التي استمرت لعشرين عاما ، بقوله لو بقينا عشرين عام أخرى فلن تنجح القوة ببناء الإستقرار وسنبقى ننزف دما وضحايا .

- الخط البياني الذي ترسمه أفغانستان للصعود والهبوط الأميركيين ، واضح ، فمنها كان الصعود وفيها تكرس الهبوط ، وما يصح في تفسير الإعتراف الأميركي بالفشل في أفغانستان يصح بصورة أقوى في سواها ، فأول الاستنتاجات هي أن من فشل في أفغانستان ويقرر الرحيل تفاديا للمزيد من الخسائر دون تحقيق أي من الأهداف ، لن يجرؤ على التفكير بحروب أخرى ، يعتمد فيها على القوة العسكرية لبناء الاستقرار ، وبصورة خاصة ما يعنيه الكلام الرئاسي الأميركي عن أفغانستان هو إعلان رئاسي باستحالة التفكير بالحرب على إيران .

- مسار التراجع الأميركي الذي يجسده قرار الفرار من أفغانستان ، يجعل الجواب بسيطا عن معنى البقاء الأميركي في العراق وسورية ، وهو أنه عندما يبدأ النزيف ويسقط الضحايا يكون قرار الإنسحاب .

- سيحاول الأميركيون تمييز أسباب بقائهم في العراق وسورية متذرعين بألف سبب وسبب تحت عنوان مفتعل للخصوصية ، لكن السبب معلوم وهو أن واشنطن باقية لتحمي كيان الإحتلال ، وتحاول مقايضة انسحابها بإجراءات تحفظ له المزيد من الأمن ، كفرض رقابة على الحدود السورية العراقية أو فرض ترتيبات على حدود الجولان المحتل ، أو فرض إجراءات على الحدود اللبنانية السورية ، لكن الأميركيين الذين اتخذوا قاعدة جديدة لهم في الأردن قالوا انها قاعدة لإعادة الانتشار لقواتهم الموجودة في العراق وسورية ، تأكيدا لحقيقتي ان بقاءهم في المنطقة يرتبط بحمايتهم لكيان الإحتلال ، وأن قرار الإنسحاب من العراق وسورية موجود على الطاولة .

- مهما كابر الأميركيون ستبقى أفغانستان هي النموذج المصغر لصورة آسيا في العقد الحالي ، ولعل أبلغ المعاني تأتي من أن واشنطن تعلن هزيمتها ، بينما يجتمع وفدان للحكومة الأفغانية وحركة طالبان في طهران كراع لعملية السلام بينهما .

2021-07-09 | عدد القراءات 1549