تونس : يكفي إعادة التوازن للحياة العامة نقاط على الحروف ناصر قنديل

تونس : يكفي إعادة التوازن للحياة العامة 

نقاط على الحروف

ناصر قنديل

- غالبا ما تخفي المواقف المبالغة برفع السقوف لتبرير السلبية دفاعا عن ضفة سياسية يصعب تبنيها علنا ، كمن يشترط لدعم موقف سورية بوجه العدوان المتكرر لجيش الاحتلال أن تقوم بالرد القاسي على كل مرة تتعرض للعدوان ،  ويكون هو فعليا بذلك يريد مساندة العدوان ولا يجرؤ ، أو انه يدعم الجماعات الإرهابية المناوئة للدولة السورية ، ويعلم ان احد اهداف الاعتداءات على الجيش السوري تخفيف الضغط على هذه الجماعات ، لكنه يعبر عن دعمه لهذه الجماعات بهذه الطريقة التي تكمل أهداف العدوان ،  من يقول انه مع مقاومة حزب الله شرط أن تبدأ من جنوب لبنان بتحرير فلسطين ، تحت شعار ما قيمة السلاح والمقدسات تنتهك والقدس تهود والشعب الفلسطيني محاصر ويتعرض كل يوم لعدوان جديد ، وهو يرى بأم العين الجيوش العربية المصطفة بكل أسلحتها لا تكتفي بعدم تحريك ساكن لدعم فلسطين وشعبها ، بل تنسق مع الاحتلال ، وتشارك في محاصرة الفلسطينيين وملاحقة المقاومين ، ولا يأتي على سيرة هذه الجيوش بكلمة مركزا اشتراطاته على المقاومة ، وهذا لا يريد إلا أن يصرف النظر عن القضية الحقيقية التي تستعد لها المقاومة ، شيطنة كل أمل بتغيير موازينها .

- فيما تشهده تونس هذه الأيام وسط مشهد إقليمي دولي معقد ، حيث لا يمكن فصل الواقع التونسي عن واقع الجغرافيا السياسية المحيطة بتونس من جهة ليبيا ومسارات الحرب فيها ، او جهة المغرب ومسارات التطبيع فيه ، أو جهة الجزائر والأطماع الدولية لتطويعها ، وليس خافيا أن قطبي التجاذب في هذا المثلث هما تركيا وقطر من جهة ومصر وفرنسا والإمارات من جهة مقابلة ، وفي تونس مسار سنوات من سيطرة الأخوان المسلمين على الحكم ومؤسسات الدولة ، بحضور نيابي فشل في الدورة الاخيرة بتحقيق النتائج المرجوة ، وفشل في الإنتخابات الرئاسية في بلوغ الهدف ، وأطهر الشعب التونسي الذي لا يملك أحزابا ومرشحين لتشكيل أغلبية نيابية بوجه الأخوان تعبيرا عن رفضه لمشروعهم ، عبر الإنتخابات الرئاسية مكانة الأغلبية الشعبية المناوئة للأخوان ، عبر الفوز الساحق للرئيس قيس سعيد بأكثر من 70% من أصوات التونسيين .

- خلال سنوات سيطرة الأخوان ، تحولت تونس الى امتداد لجبهات الحرب الليبية اسنادا للدورالتركي العسكري الذي ينال من السيادة الليبية ويعقد فرص الحل السياسي فيها ، ويشكل حاضنة للجماعات الإرهابية أسوة بما يفعله في سورية ، كما حولت هذه السيطرة تونس الى ظهير حماية  للتطبيع المغربي مع كيان الاحتلال حيث حكومة الإخوان في الحكم ، وحولت هذه السيطرة تونس الى قاعدة لتصدير الارهابيين الى المنطقة وسورية خصوصا ، ولم يعد خافيا الدور الذي لعبه الأخوان في فرض مناخات ارهابية على الحياة السياسية والحريات والمنافسة الديمقراطية في تونس مع اغتيال رموز العملية الديمقراطية التي مثلها قادة مثل محمد البراهمي وشكري بلعيد ، وتغولت سيطرة الأخوان على مؤسسات الدولة التونسية وعائداتها المالية ، بصورة جعلت حصول المواطنين على الخدمات المستحقة من مؤسسات الدولة مشروطة بالمرور  عبر مؤسسات الأخوان ، وما أزمة تفشي كورونا والفشل في مواجهتها الا بنتيجة لهذه المعادلة.

- الذي فعله الرئيس التونسي قيس سعيد هو توظيف كل هذه التوازنات الخارجية والداخلية ، ومن استعداد الجيش والقوى الأمنية والمؤسسات القضائية للتحرك ، بفعل تهميشها من جهة وتشجيعها من المناوئين لدور الأخوان ومرجعيتهم الإقليمية من جهة موازية ، وذلك لفرض واقع جديد يحرر الدولة التونسية ومؤسساتها الخدماتية والاعلامية والادارية والتربوية والصحية من سيطرة الاخوان ، وفرض واقع امني ينهي قدرتهم على فرض معايير الرعب السياسي على الخصوم والمنافسين ، وانهاض دور مؤسسات الأمن والقضاء ، بصورة تتيح استرداد التوازن الى المعادلة الداخلية ، والتوازن الى موقع تونس الاقليمي والدولي .

- الذين يريدون تصنيف حركة الرئيس التونسي في خانة تنفيذ اجندة اماراتية تهدف للتطبيع او اجندة فرنسية تهدف لمحاصرة الجزائر أو اجندة مصرية تهدف لتوظيف تونس في المعادلة الليبية ، يتنكرون لمواقف الرئيس قيس سعيد من التطبيع ومن الاستعمار الفرنسي ومن تورط تونس في الحرب الليبية ، ويخفون بانتقاداتهم تأييدهم لهيمنة الاخوان على الدولة التونسية وتحويلها الى قاعدة يحتاجها الاتراك الذين ليسوا  أبعد من المطبعين العرب عن التطبيع ، وببساطة تستطيع أن تكون مع الرئيس قيس سعيد وان تدين تطبيع الإمارات وتحذر من خطورته وان تبقى بصوت مرتفع بوجه المشروع الاستعماري الفرنسي وان لا تتطابق مع السياسات المصرية وانت تؤيدها بوجه مخاطر حرب المياه الأثيوبية وتعارضها في ادائها على حدود غزة ، ان كنتم صادقين !

2021-07-31 | عدد القراءات 1448