زيارة رئيس مجلس الشورى الإيراني إلى سوريا ولبنان والعراق تتم في توقيت غير عادي ، فهي تأتي بينما تتهيأ المنطقة للإنتقال من حروب الإلغاء ، إلى حروب تحسين المواقع والتجاذب الحار ، لكن في قلب مسيرة تفاوض شائكة ومعقدة في ملفاتها الإقليمية ، التي يترتب على كل خطا تفاوضي فيها أكلاف لا تعوض .
لا تأتي خيارات التسوية بالأصالة قناعة بالحاجة للحلول السياسية والإقرار بالآخر من جانب حلف الحرب على سوريا ، الذي أراد إلحاق الهزيمة الشاملة بكل قوى ودول حلف المقاومة وفي مقدمتها إيران ، عبر هذه الحرب التي لم يتورع عن الزج بكل قدراته فيها وصولا لإستقدام الإرهاب ، الذي قال فيه لاريجاني صباح اليوم من كلية الحقوق فيالجامعة اللبنانية أمام حشد من نخب لبنان ، أنه يسهل زرعه لكن إقتلاعه يصير صعبا ومعقدا .
تأتي خيارات التسوية لأن الوقت داهم ، واميركا مهما إستبقت من خبرائها في أفغانستان ومهما إستقدمت منهم إلى العراق ، ستصير عسكريا خارج البر الاسيوي في نهاية العام ، وقد إستنفدت كل وسائل النصر وسلمت بأن الإرهاب صار خطرا ، لا يحتاج دليلا على إستهدافه كل عناصر الإهتمام ذات الصفة الإستراتيجي للغرب ولأميركا خصوصا في المنطقة ، بدءا من مصير النفط في الفوضى ، وإنتهاء بخطر سقوط السعودية المهيأة ثقافيا ودينيا للسقوط السريع ، إذا تمكن داعش والنصرة من الجذر في بناها الإجتماعية .
أكلاف هذا النوع من تسويات الضرورة عالية ومرتفعة ، على الأقل من حساب حلفاء أميركا ، من إسرائيل الفاقدة لموقعها المتقدم في الحرب والسلام ، لتركياوتبخر الحلم العثماني ، وصولا للسعودية ونهاية حقبة حكمها للعالم العربي ، وهم كلهم في حلفاء سيخضعون للإمرة الأميركية في النهاية ، لكنهم يملكون الكثير من أدوات المماطلة والتعطيل ، وواشنطن ستسعى لتحويل تعطيلهم ومماطلتهم اوراقا تفاوضية ، لكل ذلك فإن التفاوض المرير سيكون لإنتاج التسويات لحظة بلحظة ومكان بمكان ، بعناصر وتوازنات هشة ومتبدلة ومتقلبة ، لذلك يجب تدعيم كل عناصر القوة من جهة ، ومن جهة مقابلة تحليل وإستشراف ساحات المواجهة وساحات التسويات الناضجة ، وبلورة سقوف التفاوض العليا والدنيا ، لمرحلة ستمتد طيلة العام القادم .
إيران ليست بلدا يملك الحلفاء ويديرهم ، ولا هم أدوات عندها ، وكل حروبهم دفاعا عن قرارهم المستقل مثل حروبها ، فعلاقتهم بها كعلاقة إيران بروسيا وعلاقتهم بروسيا ، وحلف الإستقلال لا يستطيع مجاراة أحلاف الإستتباع بطريقة الإمرة والطاعة ، كما يجري بين امريكا والسعودية وتركيا وإسرائيل ، من جهة ، والسعودية وجماعة الرابع عشر من آذار من جهة أخرى .
إيران تتشاور مع حلفائها لصياغة كل عناصر المعادلات المقبلة في خطط المواجهات والتفاوض وصولا للتسويات ، والحلفاء الكبار أصحاب القرار لا تسعفهم ظروف المواجهة بالسفر المستديم المتكرر الذي تحتاجه المرحلة ، فيجب إمتلاك آلية للتشاور على مستوى يتخطى دور السفير الإيراني أو مندوبا لصانع القرار ولو على مستوى وزير ، التشاور هو بين القيادة الإيرانية والرئيس بشار الأسد والسيد حسن نصرالله والمرجع السيد علي السيستاني ، وليس تبليغا لرسالة ولا شرحا لحصيلة تفاوضية فقط ، بل تشاور سيتكرر عند كل منعطف ، لذلك يكون المحاور الإيراني هو لاريجاني المطلع على كل تفاصيل الملف النووي وعلى مسار التفاوض وعلى الملفات الإقليمية ، والمتصل مباشرة بالمرشد السيد علي الخامنئي حيث القرار من جهة ، وبالرئيس الإيراني حسن روحاني حيث للحكومة الإيرانية دور في تدعيم اوراق القوة منجهة أخرى .
حلفاء الخندق يتشاورون لخطط حروب صغيرة للتسويات الكبيرة بعدما إنتهت الحرب الكبيرة .
2014-12-22 | عدد القراءات 2330