مؤشرات خطيرة تطرحها أحداث خلدة نقاط على الحروف ناصر قنديل

مؤشرات خطيرة تطرحها أحداث خلدة 

نقاط على الحروف

ناصر قنديل

- تجتمع في أحداث خلدة  مؤشرات لا يمكن للتحقيق القضائي والأمني تجاهلها ، وأول هذه المؤشرات هو توقيت الأحداث ، فالبلد في مناخ من التوتر والاحتقانات المتعددة ، بحيث يبدو كأنه برميل بارود ينتظر صاعق التفجير ، والمرجعيات التي تقف وراء البيانات الموقعة بإسم العشائر العربية في خلدة تظهر من بياناتها السابقة خلال سنوات مضت ،  درجة لا يستهان بها من التسييس ، كما يظهر سجل علاقاتها ، درجة عالية من الانخراط في علاقات داخلية وخارجية ، وأظهرت في متابعتها لأحداث خلدة رغبة غير خافية بالتجييش بدلا من التهدئة ، ما يستدعي طرح السؤال حول وجود خلفية إشعال نار تتخطى مجرد مزاعم الثأر في مناخ ملتهب كالذي تعيشه البلد ، ويستدعي مواكبة لاحقة  لما وصف بالثأر بدعوات التهدئة ، لا تنسجم مع الهجوم على موكب التشييع ، بما بدا أنه محاولة لتعويض الاشتعال الذي لم يفلح ما سمي بالثأر بتحقيقه .

- المؤشر الثاني هو أن الجماعات التي يرتبط بها التصعيد في خلدة كانت تقدم نفسها خلال سنتين كفرع لثورة 17 تشرين ، يملك وكالة حصرية بقطع وفتح الطريق الرئيسي الذي يربط بيروت بالجنوب ، وقد كان واضحا ان هذه الجماعات وظفت قطع الطريق بما يتناسب مع شعارات الجناح الأكثر تسييسا وتطرفا بين "فروع الثورة"  ووكلائها الحصريين ، وهو الجناح الذي يستثمر في شعارات الثورة لمهاجمة سلاح حزب الله ، والضغط على بيئته والتنكيل بها واستفزازها املا باستدراجها إلى تفجير كان مطلوبا من استثمار ما عرف ب"الثورة" ، ولم يفلح بسبب تجنب حزب الله الدخول في منطق ردود الأفعال ، وتحمله للتهجم والاستفزاز .

- المؤشر الثالث هو دخول جماعات ما عرف ب"الثورة" ، وخصوصا جناحها الأشد تسييسا واتصالات بالسفارات تحت شعار المواجهة مع حزب الله على خط الاستثمار في قضية تفجير مرفأ بيروت ، والسعي لتحويلها إلى جزء من أملاكه الحصرية ، تحت شعار مواجهة الطغمة الحاكمة والفاسدين ، ولكن بهدف الوصول الى حزب الله ، عبر اتهامه بتخزين النيترات في المرفأ ونقلها الى سورية ، وهو ما دأب ولا يزال رهط من محترفي التزوير على تكراره املا بتحويله الى حقيقه ، رغم ما يعرفه المعنيون من انه اذا ثبت ان النترات كانت على صلة بتخديم الحرب في سورية فهي قامت بتخديم جماعات المعارضة التي تخشى السفارات كشف تورطها وتورط أطراف لبنانية معها في أي تحقيق جدي يتخذ هذا المنحى ، ولذلك يكتفى بالاستغلال الاعلامي لهذا الاتهام والابتعاد عنه في التحقيق القضائي الغربي الداعم للتحقيق اللبناني وفي التحقيق اللبناني نفسه .

- المؤشر الرابع هو دخول جماعات ما يسمى بالثورة ورموزها على خط أحداث خلدة ، بلغة تبريرية لعملية الغدر التي فشلت بتفجير يستدرج حزب الله للتورط فيه ، فكان الأمر المثير للاستغراب وغير المسبوق في عالم الثقافة والسياسة ، هو أن تنبري شخصيات وجمعيات تحمل العناوين المدنية لتبهيت عملية القتل واعتبارها مجرد عملية ثأر مشروعة ، ثم دخولها على خط كمين خلدة الذي نصب للمشيعين ، لتصويره اشتباكات بين أهالي خلدة وحزب الله كما خرجت بيانات وتصريحات الشخصيات والتجمعات ، ومعها فضائيات لبنانية وعربية معروفة الدور و التمويل والشراكة في مرحلة الاستثمار قبل سنتين تحت اسم "الثورة" ، من دون ان تشعر كل هذه التوليفة أو تنتبه بأنها منغمسة كما يفترض بالتحضير لشيء آخر ، هو الصورة الكبرى لإحياء ذكرى الرابع من آب ، والمنطقي ألا تسمح لأي حادث عرضي او جانبي أن يطغى على هذه الصورة ، إلا إذا كانت الصورة الكبرى هي هذه بالذات ؟

- كل شيئ يقول ان قرار فتح النار بهدف القتل ، مرتين متتاليتين في يومين متتاليين ، على شباب وناس ينتمون لحزب الله وأنصاره ، في نقطة الوصل والفصل بين بيروت والجنوب ، هو قرار اكبر بكثير من مسألة ثأر ، وأن الأمر أكبر من كاتب بيان العشائر ومن سوقه وباركه ، بصيغة التبني المتفاخر بالثأر بنية الإستفزاز مرة ، وهذه ليست من عادات العشائر التي تلجأ للإدانة والتبرؤ رغم قبولها الضمني  وتوسط العقلاء للإتصال والسعي للتهدئة ، ثم مرة ثانية لتقديم صورة جغرافية عن الانتشار العشائري بنية التهديد ، وهو استفزاز أكبر ، وأن هذا الاستنفار التبريري الجريمتين ، على نسق واسع اعلامي وسياسي ، ليست مجرد اجزاء متفرقة تلاقت بالصدفة ، بل هي اجزاء من سيناريو أكبر من أصحابه منفردين ، أعد له ليكون الاحتفال الأكبر بذكرى تفجير المرفأ ، واحياء لثورة تشرين ، بذات الوجهة المرسومة  لاستدراج حزب الله ، عبر تفجير مواجهة مسلحة يتورط بها  حزب إليها وتصور سلاحه مجرد سلاح ميليشوي وتحتفل بها السفارات ، فهل سيطرح التحقيق هذه الأسئلة ، ويستدعي كل الذين يرمزون إلى هذا السيناريو ؟

2021-08-03 | عدد القراءات 1647