البنزين والمازوت والأدوية في الطريق
كتب ناصر قنديل
- مع الكلام المنسوب للأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في سياق التحضير لخطب مناسبة عاشوراء وما تضمنه عن عزم على جلب المازوت والبنزين والدواء من ايران الى لبنان يعكس حقيقتين ، الأولى ان الامال بسرعة ولادة حكومة جديدة تتراجع ، بعدما ربط حزب الله بلسان السيد نصرالله اجراءت الحزب العملية باليأس من تحمل الدولة لمسؤولياتها ، وبوابة هذه المسؤوليات هي الحكومة ، والثانية ان بين جميع القوى اللبنانية التي تستثمر سياسيا في الأزمة بتعبئة طائفية بحسابات انتخابية دون ان تقدم لا رؤية للحلول ولا ان تلتزم بخطوات عملية تخفف من وطأة الأزمات ، يخرج الفصيل الرئيسي في حركات المقاومة الذي يمثله حزب الله ، ليثبت ان خيار المقاومة ليس طريقا لمواجهة العدوان والدفاع عن الإستقلال ، بل هو ايضا الخيار الأكثر جدية في الإلتفات لهموم الناس والسعي لمواجهتها .
- خلال سنوات ماضية عرفت المقاومة مرحلة أولى كانت تنأى فيها خلالها بمقاربة الملفات السياسية ، ومسألة إدارة الحكم والسياسات ، وترمي ثقلها لحصرية موقعها في مواجهة خطر الإحتلال والعدوان ، وبقيت على هذه الحال حتى حرب تموز 2006 ، ولو لم تفعل ذلك لما تحقق التحرير عام 2000 ولا النصر في 2006 ، لكن المقاومة منذ ذلك التاريخ وهي جزء عضوي في المشهد السياسي اللبناني ، خصوصا بعد خروج القوات السورية من لبنان ، وقد شكلت منذ ذلك التاريخ محورا مركزيا لتحالفات عابرة للطوائف نجحت في إجهاض المشاريع السياسية التي دبرت لنقل لبنان بقعل الفراغ الناجم عن عودة القوات السورية الى بلادها بداية ، والحرب التي استنزفت سورية لاحقا ، وبينهما المناخات الناجمة عن اغتيال الرئيس رفيق الحريري ، والتي تم توظيفها لفرض المشروع الغربي الخليجي على لبنان ، ويخطئ من يقيس الأمور بقياس السؤال هل نجحت المقاومة ببناء النظام الجديد أم لا ، بينما السؤال هو هل نجحت المقاومة بصد المشروع الغربي الخليجي لبناء سلطة تابعة في لبنان أم لا ؟
- بنتيجة الفشل الغربي الخليجي ، وصمود المقاومة وتحالفاتها ، وتهيب خصومها المحليين تلبية الطلبات الانتحارية للغرب والخليج ، قرر الغرب والخليج قلب الطاولة على رؤوس اللبنانيين جميعا حلفاء وخصوم ، أملا بالنيل من المقاومة ، ومن لبنان ، وشكل الحصار المالي وحرمان اللبنانيين من أبسط مقومات العيش الطريق لتاليب اللبنانيين على مقاومتهم ، والمرحلة التي تستعد المقاومة لدخولها هي التصدي لمهمة عنوانها احباط حرب التجويع ، وفي هذه اللحظة المفصلية على الغرب والخليج الاختيار بين مواصلة الضغط وفتح الباب لتحولات ستقودها المقاومة نحو تغييرات هيكلية اقتصاديا ، تضع الغرب والخليج خارج لبنان سياسيا ، وتوفير مقومات صمود اقتصادي واجتماعي ، او التراجع عن الحصار منعا لوقوع لبنان في حضن الخيار المقاوم بدلا من وقوعه على رأسها كما كان مدبرا .
- هذه نقطة بداية المسار الجديد لكنها ليست كل المسار فقضية التغيير السياسي والاقتصادي تبدأ بتحويل تحدي الحصار الى فرصة لتعديل التوزان الشعبي حول الخيارات .
2021-08-04 | عدد القراءات 1668