خرائط الفتن المتنقلة ...والإسرائيلي على الخط
نقاط على الحروف
ناصر قنديل
- لم يكد لبنان يتجاوز مشروع الفتنة المصممة من كمين خلدة الذي اسقط اربعة شهداء من حزب الله ومناصريه ، حتى أطلت فتنة أخرى برأسها من حادثة اعتراض المقاومين في بلدة شويا في قضاء حاصبيا من بعض أهالي البلدة ، حيث دخلت على الخط محاولات النفخ في الحادثة لتصويرها خلافا طائفيا بين طائفتين ، كما جرى السعي لتحويل كمين خلدة إلى صدام طائفي .
- الملاحظة الأولى التي يجب تسجيلها على هذا الصعيد هي خطورة الحالة اللبنانية ، وقابليتها شعبيا في ظل ضخ إعلامي مشبوه ومركز ووجود جماعات منظمة للنفخ في العصبيات ، ولأن الطرف المستهدف استدراجه للفتنة هو حزب الله ، أي الحزب الأهم والأكبر بين أحزاب وقوى المقاومة ، وفي محطات تتصل بمقاومته وحركتها ، واحدة في خلدة عنصر الربط بين بيروت والجنوب والممر الحيوي للمقاومة ، وثانية في البيئة اللصيقة بالمقاومة في منطقة حاصبيا على أثر عودة مقاومين من مهامهم بوجه الاحتلال وعدوانه ، يصعب تخيل براءة الإحتلال وامتداداته من محاولة تحقيق أحلامه التي عبر عنها علنا تكرارا ، التي تدور حول السعي لتفجير العلاقات بين المقاومة وسائر المكونات اللبنانية على خلفية طائفية .
- الملاحظة الثانية هي درجة حكمة وانضباط حزب الله ، وقدرته على تفويت الفرص المحكمة الإعداد لجره إلى الفتنة ، وهو ما بدا بأبهى صوره في كيفية تعامله مع كمين خلدة ، ومفاجأته للجميع بالعض على الجرح وتحمل وزر الدماء ، والإصرار على رفض التورط في أي رد ، وترك الأمر في عهدة الدولة اللبنانية ومؤسساتها العسكرية والقضائية ، لحفظ الأمن وملاحقة الجناة ، ويصعب تخيل تكرار تصرف مشابه من أي طرف حزبي يتعرض لإختبار مماثل ، ولو كان يملك مجرد بعض من القوة التي يملكها حزب الله ، دون إغفال التنويه بانضباط البيئة المحيطة بالحزب وخصوصا عائلات الشهداء بالموقف الذي اتخذته القيادة ، وعدم الانفراد بأي رد فعل خارج هذا الإطار .
- الملاحظة الثالثة هي خطورة محاولات جدية جرت وتجري للإشتغال الصعبي على بيئة المقاومة لمحاولة جرها الى خطاب طائفي عنصري ، يشكل المناخ المناسب للفتنة ، ومثلما جرى بعد كمين خلدة دس تغريدات وتورط محسوبين على مناصري المقاومة بتكرار مفرداتها في ربط عشائر العرب بالجريمة والقتل ، ومخاطبتهم بلغة الشيطنة ، والإساءة لتاريخهم ونسبهم ، لكن الأمر بقي باهتا أمام عظمة الإنضباط الذي جرى في حضرة الدم النازف ، لكن الأمر تكرر بصورة أوسع نطاقا مع حادثة شويا ، بتداول تسجيلات لحوادث تظهر أعمالا انتقامية من مواطنين ينتمون لمنطقة حاصبيا أو إلى طائفة الموحدين ، واستدراج ردود أشد قسوة ودموية في منطقة عالية بحق أبناء البقاع العابرين من مدن الجبل ، ما يستدعي التأكيد على مسؤولية القيادات والإعلام بالحضور الفوري والسريع والتنبه والحذر لما هو أبعد من الحوادث المنفصلة ، بل لما يليها من تداول إعلامي ، ومن احداث يتم تسويقها من موقع الدفاع عن بيئة طائفية تحت شعار تعرضها للاستهداف من بيئة طائفية أخرى ، وهذان الإستدراجان المستتران هما الفتنة بعينها بلبوس النخوة والحمية والغيرة .
- الملاحظة الرابعة هي بطء التفاعل القيادي في البيئات المراد استخدامها بوجه حزب الله ، مع الأحداث بدرجة تتناسب مع خطورتها ، والتهاون مع التصرفات المنسوبة والمحسوبة على هذه البيئات ، وتقبل مزاعم الحرص والنخوة من أصحابها ، دون الإنتباه الى من يبدأون الأفعال هم في الغالب مشبوهون ، في البيئات المتقابلة ، ومهمتهم إشعال نار الفتنة والتفرج على الحريق ، هذا مع العلم أن مضمون الإستجابة السياسية بعد حادثة شويا كان بمستوى المطلوب في رفض الانجرار إلى أي تصادم مع المقاومة ، ورفض تقديم أي تغطية لمن يناوئها ، ومن الضروري هنا التنويه بموقف مشايخ البياضة ، وما عبر عنه من روح عربية مقاومة واضحة ، وناصعة البياض ، بالإضافة لما صدر عن حلفاء المقاومة ، وصولا لمن ليسوا من الحلفاء وسعي الجميع لتطويق الحوادث المتفرقة ومنع تحولها الى مسار وسياق يخرج عن السيطرة .
- الملاحظة الخامسة ، أن الإحتلال محاصر في مأزق ولا طريق أمامه للخروج منه الا محاصرة المقاومة بمأزق مواز ، فهو يعرف و يعترف بعجزه عن المضي في خوض التحدي بوجه المقاومة ، ويدرك بعمق موازين الردع المتصاعدة ، ومحاط بخطر التصاعد المفتوح على كل الإحتمالات في فلسطين ، وصولا لخطر ترجمة المقاومة لمعادلتها التي أطلقها الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله تحت شعار ، العدوان على القدس يعادل حربا إقليمية ، وليس أمامه لحصار المقاومة الا بالفتنة ، التي تتقدم اليوم على مشروع الحرب لديه ، أو الرهان على تفادي خسارة الحرب في حال اشتعالها ، ما يعني أن الموارد التي كان يخصصها كيان الاحتلال ومن معه في المنطقة ، للإستعداد للحرب باتت عمليا بلا جدوى ، بالمقارنة مع ما قد يحمله النجاح في جر حزب الله إلى الفتنة ومحاصرته بنيرانها ، وهذا معناه أن أمولا طائلة وإعلاما عملاقا ومخابرات متعددة الهويات ، باتت مكرسة لإشعال الفتن من حول المقاومة ، ما يستدعي تكريس موارد من عيار آخر في مواجهتها ، تكريس قادة الرأي وعلماء الدين وما تيسر من إعلام نظيف ، لضخ وعي كبح الفتنة ورفض كل خطاب عنصري طائفي يتيح تأجيجها ، والإستنفار الدائم للملاحقة الفورية والسريعة لكل حادث يصب الزيت على نارها ، مهما كانت بسيطة .
2021-08-07 | عدد القراءات 1754