أمين عام حزب المقاومة وأمين عام حزب الحياد نقاط على الحروف ناصر قنديل

أمين عام حزب المقاومة وأمين عام حزب الحياد 

نقاط على الحروف

ناصر قنديل

- لا تعني الصفة الدينية التي يحملها كل من البطريرك بشارة الراعي والسيد حسن نصرالله ، أن ما يقوله كل منهما يملك قدسية المكانة الدينية التي يمثلانها ، أو ان ما يقولانه يمثل الطائفة التي ينتميان إليها ويجعل كل تباين بينهما أساسا لتصادم قدسيتين دينيتين أو طائفتين لبنانيتين ، أو حربا دينية ، ولا يعني أن الكلام الصادر عن كل منهما يملك قدسية الموقع او النص الديني ، ما يجعل رأي كل منهما محميا بالحرم الديني ويحول كل نقاش لهذا الراي الى تجديف، فطالما أنهما يتناولان قضايا سياسية ووطنية ، فهما مرجعيتان وازانتان محترمتان تطرحان أراء ومواقف في التداول أمام الرأي العام للتأثير على قناعاته وإصطفافاته ، و له بكل طوائفه وتياراته أن يتبنى وأن يرفض ، أن يتفق وأن يختلف ، وأن يناقش ويقارن ويبني الاستنتاجات .

- عندما نجرد كل من الشخصيتين من الصفة الدينية والزي الديني ، يبدوان كوريثين لتيارين تناوبا على قيادة الرأي العام في لبنان خلال مئة عام ، تيار المقاومة وتيار الحياد ، فيبدو السيد نصرالله كأمين عام لحزب المقاومة ، كحزب فكري عابر للطوائف والمناطق بين اللبنانيين ، خلال قرن مضى ، يضمر وينمو ، يتراجع وينقدم ، ويبدو البطريرك الراعي كأمين عام لحزب الحياد كحزب فكري عابر للطوائف والمناطق يقدم للبنانيين مشروعا سياسيا لقضايا السيادة وبناء الدولة ، هو الآخر يضمر وينمو ، يربح ويخسر ، يتقدم ويتراجع .

- خلافا للظاهر الذي يحمل خداعا بصريا ، بحيث يظن البعض أن تيار الحياد يطرح اليوم حلا لمشكلة اسمها نتائج وجود سلاح المقاومة ، فإن الحقيقة هي أن تيار الحياد كان يقود لبنان ويحكمه طوال القرن الماضي ، وأن فشله في حماية لبنان من العدوان الإسرائيلي ولاحقا من الإحتلال ، وفشله في فرض الإنسحاب الإسرائيلي كما كان يعد بنظرياته عن دور العلاقات الدولية التي يوفرها ضعف لبنان ،  ينأى بلبنان عن امتلاك أسباب القوة العسكرية سيكون بوليصة تأمين لسيادة لبنان ، هو الذي شكل أساس مشروعية وشرعية نشوء  المقاومة التي تشاركت فيها أحزاب وتيارات لبنانية عديدة ، وورث تجربتها وطورها حزب الله وجعلها قوة عظمى ، حتى نجحت بفرض الإنسحاب  الإسرائيلي من لبنان ، ووفرت أمنا واستقرارا على الحدود خلال خمسة عشر عاما مضت بعد تظهير قدرة الردع لدى المقاومة في حرب تموز 2006  ، من دون أن يملك حزب الحياد أي تجربة عملية تمسح خيبات تجربته السابقة ، وتثبت وجود شيئ جديد يتيح لها أن تضاهي تجربة المقاومة في التحرير والدفاع والردع ، وتثبت أهليته لضمان ذات النتائج دون سلاح المقاومة .

- في خطاب أمين عام حزب المقاومة أول أمس وفي خطاب أمين عام حزب الحياد أمس ، مناظرة ضمنية بين منطقين كاملين ، جديرة بالتوقف من اللبنانيين ، بعقل بارد ، حيث الانحياز إلى أي من الخطابين هو انحياز لوقائع لا لعقائد ، ولمعيار مصلحة وطنية لا لهوية طائفية أو قدسية دينية ، والإختلاف مع الخطاب الآخر ورفضه هو رفض لمنطق خاطئ او لإشتباه في التشخيص المناسب للوقائع ، وليس اصطفافا في خندق طائفي بوجه خندق آخر ، ولا انتقاص من قيمة مرجعية دينية وتعظيم لمكانة مرجعية دينية أخرى ، إنه خيار وفقا لتقابل الوقائع بين مشروعين يريد كل منهما أن يقول للبنانيين انه الأصلح لمواجهة شيء يخصهم هم ، ويخصهم بذات القدر وبذات المستوى ومن ذات الوجهة  بكل طوائفهم وعقائدهم ، بصفتهم لبنانيين فقط ،  بحيث ان مواقفهم تجاه كل من المشروعين يجب أن تنبع من صفتهم المشتركة كلبنانيين يختارون الأصلح لهم ، وفقا لصحة ودقة الوقائع التي تضمنتها سريدة كل من الخطابين لهذه الوقائع حصرا .

- يقول أمين عام حزب المقاومة ، أن استقرارا استثنائيا غير مسبوق ساد الحدود الجنوبية توقفت معه الإعتداءات الإسرائيلية ، التي لم تهدأ طوال عقود طويلة ، وأن ذلك تم بفضل امتلاك المقاومة لسلاح يحقق توازن الردع ، وهذه واقعة صحيحة ، ويقول أمين عام حزب الحياد أن سلاح المقاومة الذي أطلق بعض صواريخه  تحت شعار تثبيت معادلة الردع ، لا يحمي لبنان بل يستدرجه الى الخطر والحرب وقد سئم اللبنانيون وتعبوا من الحروب ، وتقول الوقائع التي تلت فعل المقاومة أن ما حذرنا من وقوعه أمين عام حزب الحياد لم يقع ، وأن جيش الإحتلال ارتدع ، وبالنظر للوقائع وليس لغيرها ، تثبت صحة مقاربة أمين عام حزب المقاومة ويخسر أمين عام حزب الجياد الجولة .

- يقول أمين عام حزب المقاومة أن صواريخ تثبيت معادلة الردع جاءت لأن الإحتلال حاول كسر هذه المعادلة  باستقدام طائراته لتنفيذ غارات جوية للمرة الأولى منذ خمسة عشر عاما ، والإحتلال كان قد رد على الصواريخ المجهولة قبل ساعات بقذائف مدفعية كما جرت العادة ضمن قواعد الاشتباك المعمول بها ، و جاء استهداف مناطق مفتوحة بالغارات كما ورد في بيان جيش الاحتلال ليؤكد أن المقصود هو الغارات بذاتها وليس أهدافا لا يمكن استهدافها إلا بالطيران ، وان هذا التغيير الخطير استدعى تذكير جيش الاحتلال بأن أي محاولة لتغيير قواعد الاشتباك ستعني استحضار معادلة الردع ، وهذا معنى الصواريخ التي أطلقتها المقاومة من مناطق مفتوحة وتقصدت القول أنها استهدفت مناطق مفتوحة ، بينما صور لنا أمين عام حزب الحياد ، ان صواريخ المقاومة كانت تحرشا من دون مقدمات ، متجاهلا واقعة دخول سلاح الطيران على الخط ، والوقائع أمامنا تجعلنا نميل لمنطق أمين عام حزب المقاومة حكما .

- يقول أمين عام حزب الحياد أنه لم يعد مقبولا أن يستولي طرف على قرار السلم والحرب ، الذي يجب أن يكون حصرا بيد الدولة ، لكن أمين عام حزب الحياد لم يقل لنا إن كان القرار بيد الشرعية قبل ظهور المقاومة وفي زمن كانت الدولة تحت امرة حزب الحياد ، أم أنه كان بيد جيش الإحتلال وحده ، وطالما أن لا مشروع على الطاولة للسلم ، كما يؤكد أمين عام حزب الحياد ويؤكد أمين عام حزب المقاومة ، فالقضية المطروحة هي قرار الحرب ، وهو قرار لم يكن بيد الدولة يوما ، والذي كان أن جيش الإحتلال كان يملك وحده حصرا هذا القرار فيعلن الحرب ساعة يشاء ويقوم بالأعمال الحربية ساعة يشاء ، والذي تغير في زمن المقاومة الذي ورث زمن فشل الحياد ، هو شل قدرة جيش الإحتلال على شن حرب أو القيام بأعمال حربية ، وليس امتلاك قرار الحرب ، وأمين عام حزب المقاومة يقول أول أمس نحن لا نريد حربا لكننا نثبت معادلة ردع العدو عن شن الحرب ، فهل نلام إذا قلنا إن الوقائع تميل لصالح كفة منطقة ، خصوصا ان حرص أمين عام حزب الحياد على امتلاك الدولة عبر جيشها لقرار الحرب لم يترجم بدعوة الجيش للرد على الغارات الجوية بل بتجاهل حدوث الغارات ، ودعوة الجيش لمنع اطلاق صواريخ المقاومة ردا على الغارات ؟

- يقول أمين عام حزب الجياد أن على الجيش اللبناني أن يمنع إطلاق الصواريخ ، ومنعا للالتباس يضيف من بين السكان ، كي لا نفهم أن المقصود الصواريخ المجهولة التي أطلقت قبل يومين من مناطق مفتوحة ، ولنفهم أن المقصود هو صواريخ المقاومة التي أرادت الرواية المتداولة من حزب الحياد تعميمها بعد حادثة شويا للقول أن المقاومة أطلقت صواريخها من بين السكان ، وهذا القول خطير جدا ، لأن أمين عام حزب الحياد لم يكتف بمناقشة طروحات ومواقف حزب المقاومة ، ولم يختم أطروحته بالدعوة لحوار وطني للتفاهم على القضايا المختلف عليها ، بل توج سرديته بالدعوة لعمل حربي يؤدي الى حرب أهلية مدمرة يتواجه خلالها أعظم ما لدى لبنان ، جيشه ومقاومته ، وفيما هو يبدي حرصه على تظهير تعب اللبنانيين من الحروب ليرفض رد المقاومة على الغارات  العدوانية ، متهما هذا الرد بإستجلاب حرب لم تقع ولم تصدق نبؤته بوقوعها ، بقدر ما صدق وعد أمين عام حزب المقاومة بقدرتها على تثبيت الردع ، لا يرف جفن أمين عام حزب الحياد وهو يدعو لحرب ستقع حكما إذا أخذ بدعوته بتصدي الجيش للمقاومة ، متجاهلا تعب اللبنانيين من الحروب ، فهل  تعب اللبنانيين محصور بالحرب مع الإحتلال ، وهم سيقبلون بفرح على الحروب الداخلية ، بينما بالمقابل كان أمين عام حزب المقاومة يقدم لنا صورة مسؤولة عالية النبض بالترفع والتحمل والصبر وهو يتحدث عن أحداث خطيرة كانت بوابات أكيدة للحروب الداخلية ، لولا حكمته النادرة وصبره العظيم ، ويقول ان اخطر ما يمكن ان نشهده هو التورط في حرب داخلية ،  فهل سنتردد في القول اننا ننحاز الى أمين عام حزب المقاومة ، ونرفض دعوة أمين عام جزب الحياد ؟

2021-08-09 | عدد القراءات 1848