التشاؤم في المسار الحكومي يقارب اليأس ...والضيق في حياة الناس يقارب الإنفجار
الدعوة لقمة بغداد بمشاركة تركيا والسعودية وإيران وسورية نهاية آب تتصدر المشهد الإقليمي
ماكرون مشاركا ويدعو لبنان لحجز مقعد ...وحكومة سورية جديدة لترجمة خطاب الأسد
كتب المحرر السياسي
فجأة خطفت بغداد الأضواء بالإعلان المتتابع عن قيام وزير خارجيتها بتسليم الدعوات لقادة دول الجوار ، للمشاركة في القمة التي دعا رئيس الحكومة العراقية مصطفى الكاظمي لعقدها في بغداد نهاية شهر آب الجاري لقادة دول جوار العراق ، وبعد زيارات وزير الخارجية العراقية فؤاد حسين لكل من السعودية وتركيا وتسليم وزير التخطيط العراقي الدعوة للكويت ، سيزور المسؤولون العراقيون كلا من إيران وسورية والأردن ، بعد إتصال هاتفي أجراه الرئيس العراقي برهم صالح قبل أيام بالرئيس السوري بشار الأسد ، فيما كان ملفتا إعلان الرئيس الفرنسي ايمانويل ماركون نيته المشاركة في القمة ، ووضع بعض المصادر اتصاله بالرئيس الإيراني السيد إبراهيم رئيسي وما تخلله من بحث في أمن الملاحة في الخليج وفي مستقبل مفاوضات فيينا حول الملف النووي الإيراني ، في إطار التمهيد للقاء المرتقب بين الرئيسين على هامش انعقاد القمة ، بينما يبدو أن مصر المشاركة في اللقاء الثلاثي المصري الأردني العراقي الذي طرح خلاله الكاظمي فكرة قمة دول الجوار بين المشاركين ، مع كلام عراقي عن عدم إقتصار الجوار على الدول التي تملك حدودا مباشرة مع العراق ، ما فتح الباب للتساؤل عن احتمال توجيه الدعوة للبنان ، وهو ما تقول المصادر انه كان موضوع نصيحة فرنسية لرئيس الجمهورية العماد ميشال عون والرئيس المكلف نجيب ميقاتي للمسارعة بتشكيل الحكومة ليكون لبنان من الذين تتم دعوتهم وتكون المشاركة فرصتهم للحصول على الدعم لبلدهم الذي يتجه نحو الإنهيار بسرعة .
تساؤلات كثيرة تحيط بالدعوة ، سواء لجهة إمكانية انعقادها في ضوء حجم التعقيدات التي تخيم على علاقات الدول المدعوة للمشاركة فيها ، خصوصا ما يتصل بالعلاقات السورية التركية والعلاقات السورية التركية ، أو لجهة مصير نظام العقوبات الأميركية التي تستهدف إيران وسورية ، والقمة ستبحث كما هو مقرر بالتعاون الاقتصادي والتحديات الأمنية خصوصا مكافحة الإرهاب ، ومن المستبعد كما تقول المصادر العراقية التي تتابع الدعوة للقمة أن تنعقد القمة دون سورية ، لأن هذا سيجعل المشاركة الإيرانية مستبعدة ، ودون سورية وإيران تفقد القمة مهمتها وروزنقها وتصبح مشكلة للعراق الذي يرديها فرصة للعب دور في المصالحات الإقليمية ، ما يفتح الباب على جعل الدعوة نقطة إنطلاق لحركة دبلوماسية مكثفة ، يتولاها العراق بين الدول المدعوة لتهيئة المناخ لنجاح القمة ، دون استبعاد تأجيل الموعد والاستعاضة عن القمة بلقاء على مستوى وزراء الخارجية وكبار المسؤولين الأمنيين ، في موعد أقرب للخريف تمهيدا لعقد القمة نهاية العام .
الحركة نحو القمة برأي المصادر لا تقل أهمية عن القمة نفسها ، فهي مؤشر لانطلاق قطار التسويات والمصالحات ، فرئيس الحكومة العراقي مصطفى الكاظمي عائد توا من واشنطن ، ومثله الملك الأردني ، وكل منهما شريك في اللقاء الثلاثي المصري العراقي الأردني الذي بحثت فكرة القمة للمرة الأولى على طاولته . وما يجري في أفغانستان من إنهيار متسارع يسابق موعد الإنسحاب الأميركي المقرر نهاية الشهر الجاري ، يجعل الأميركي معنيا بإحاطة قراره الخاص بتخفيض وجوده في العراق ، المرفوض من فصائل المقاومة ، بحزام أمان إقليمي لا يكرر المشهد الأفغاني ، والعراق حلقة مفصلية في توازنات المنطقة لوقوعه على تماس مع أبرز دولها ، خصوصا إيران وسورية وتركيا والسعودية ، ولحجمه السكاني والجغرافي والاقتصادي ، وموقعه في المواجهة مع الإرهاب .
في المشهد الإقليمي أيضا إستعداد سوري لترجمة مضمون خطاب القسم للرئيس الدكتور بشار الأسد ، من خلال الإعلان عن حكومة جديدة برئاسة المهندس حسين عرنوس بقيت فيها الحقائب السيادية وخصوصا وزارتي الدفاع والخارجية في عهدة كل من العماد علي أيوب والدكتور فيصل المقداد ، بينما شمل التغيير بالإضافة لوزارتي دولة مثلتا حزب الوحدويين الإشتراكيين بعضو المكتب السياسي في الحزب والمرشح الرئاسي السابق عبدالله عبدالله والحزب السوري القومي الإجتماعي بالدكتورة ديالا بركات عميد البيئة في الحزب ، بتعيين نائب رئيس جامعة دمشق والعميد السابق لكلية الإعلام فيها الدكتور بطرس حلاق وزيرا للإعلام بديلا لعماد سارة وتعيين الوزير السابق للإتصالات والتقانة الدكتور عمرو سالم وزيرا للتجارة الداخلية وحماية المستهلك بديلا لطلال البرازي ، وتعيين محمد سيف الدين بدلا من سلوى العبدالله في وزارة الشؤون الإجتماعية .
لبنانيا يشكل الفراغ السياسي وتصاعد التحدي الأمني سمتان مترافقتان لكل يوم من أيام اللبنانيين ، في ظل إنهيار كل مقومات الحياة الطبيعية بفقدان المحروقات وانقطاع الكهرباء ، بحيث بدا ان الإنسداد في المسار الحكومي الذي ترجمه توقف الإجتماعات بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والرئيس المكلف نجيب ميقاتي ، و بعدما كان متوقعا أن يكون موعد أمس المفترض تعبيرا عن مواصلة المساعي لحلحلة العقد ، فهم غياب الموعد كإشارة لحجم الإستعصاء الذي بلغ معه التشاؤم الحكومي حد اليأس ، وعاد الحديث عن تكرار تجربة الرئيس السابق سعد الحريري ، والإتجاه نحو الإعتذار ، فيما يزواج اليأس السياسي يأس شعبي إقتصادي إجتماعي خدماتي أمني ، حيث لا جدوى من صراخ الناس أمام فقدان كل شيئ من الأسواق ، حيث الأزمات تطوق اللبنانيين من كل الإتجاهات ، في ظل شلل مؤسساتي وإستهتار حزبي وسياسي ، وغياب حكومي ، ولا يشكل غياب الإنفجار الشعبي للغضب الا تعبيرا إضافيا عن اليأس لأن الناس تخاف المزيد من الفوضى وليس لديها ما يقول أن نزوالها الى الشارع يمكن أن يغير شيئا في واقع الحال فتنفق وقتها وعرقها في البحث عن الساسيات الحياتية بدلا من مغامرة تخشى ان تقود الى ما هو أشد ألما إذا عمت الفوضى ، ما يؤكد أن حس المسؤولية الذي يتحرك بوحيه المواطنون يتقدم كثيرا عن حاله عند المسؤولين .
2021-08-11 | عدد القراءات 1687