التفسخ السياسي اللبناني هو المسؤول كتب ناصر قنديل

التفسخ السياسي اللبناني هو المسؤول

كتب ناصر قنديل

- تعم الصرخات انحاء لبنان قهرا ووجعا ، من الغلاء الفاحش ينهش ما تبقى من مداخيل لمن تبقت لهم أعمال ووظائف ، ومن غياب الكهرباء وفقدان المحروقات ، واخفاء الأدوية ، بحيث اختلت معايير حياة اللبنانيين خلال سنتين بصورة بلغت مراحل من القسوة والمرارة لم يعرفها اللبنانيون خلال سنوات الحرب رغم كل ما فيها من قسوة .

- تنهمر الدعوات على اللبنانيين للنزول الى الشوارع ، وهم يحجمون لأنهم إختبروا هذا النزول واكتشفوا ان الذين يتزعمون حراك الشارع ليسوا أفضل من الذين يديرون دفة الدولة ومؤسساتها ، وكانوا سببا للمأساة التي تعصف ببلدهم وبهم ، ويتسابق قادة الأحزاب السياسية التي اشتركت في مؤسسات السلطة لسنوات مضت على مواقف وخطابات وسلوك يريد التبرؤ من المسؤولية ، وإعلان الإنضمام الى صفوف "الثورة" على النظام ، وتصدر ساحة الدعوات للإصلاح .

- قبل 17 تشرين بدأت القوات اللبنانية مسيرة الإنسحاب من السلطة ، وسبقها حزب الكتائب الذي وصل إلى إستقالة نوابه ، وبعد 17 تشرين عام 2019 بادر الرئيس السابق سعد الحريري للإستقالة معلنا الإنضمام الى هذا التبرؤ ، ساعيا لإلقاء العبء على شركائه في الحكم ، ولم يلبث ان رشح نفسه لرئاسة الحكومة دون ان يتمكن من بلوغ نهاية سعيدة لمسعاه ، وتبعه التيار الوطني الحر بحمل راية الوقوف في صفوف "الثورة" سواء من خلال موقفه من ملاحقات المحقق العدلي أو تناوله لقضية دعم والعلاقة بحاكم مصرف لبنان .

- ما لا يستطيع أحد انكاره هو ان ما وقع كان نتاج تخلي الجميع عن القيام بواجباتهم في مواجهة سياسة مالية مدمرة استهلكت الودائع لحماية سعر الصرف ، وراكمت الديون بفوائد مرتفعة حتى زادت قيمة الفوائد على أصل قيمة الدين وعلى اجمالي عائدات الدولة ، وكل محاولة للتبرؤ هروب بلا جدوى من المسؤولية .

- الأخطر فيما نشهده اليوم هو أن هذا التفسخ السياسي الذي يجعل مجلس النواب مصابا بالشلل ، والحكومة عاجزة عن الولادة ، والشارع من إنقسام الى إنقسام أشد ، يشكل المصدر الأشد خطرا على مستقبل البلد فلا الديمقراطية اللبنانية المشوهة قادرة على تقديم آليات لحلول حقيقية ، ولا الشارع قادر على فتح نافذة على مستقبل أفضل ، ويبقى الوفاق السياسي على علاته ، اقصر الطرق للخروج من النفق .

- هل يملك قادة القوى الفاعلة جرأة التقدم نحو التوافق السياسي وتبادل التنازلات لبلورة خطة حد أدنى سياسية واقتصادية لتخفيف الخسائر ؟ 

2021-08-13 | عدد القراءات 1710