بايدن يعترف بفشل الحملة العسكرية لتغيير العالم...و"المجتمع المدني" الأفغاني يتعلق بدواليب الطائرات
تل أبيب وواشنطن وباريس ولندن برلين تبكي الهزيمة ...وموسكو وطهران وبكين واسلام أباد تستعد
نصرالله وفيروزنيا :المحروقات قريبا * "تشاؤل" حكومي * بيرنز وشيا لتطويق مبادرة حزب الله
كتب المحرر السياسي
إستعاد مشهد مطار كابول ، مشهد البوابات الحدودية عند إنهيار جيش الإحتلال عام 2000 سواء بهربوا لعملاء الذين توقع الإحتلال ان يصمدوا بالنيابة عنه وهو يهرب ويخذلهم أو الذين قيل لهم ان دخول المقاومة سيجلب بحقهم المجازر ، ومثله مشهد اخلاء السفارة الأميركية في سايغون بعد الهزيمة فيب فييتنام عام 1975 ، وتعلق الهاربين من عملاء واشنطن أو الذين خافوا من حكم الفيتكونغ ، وكما في المرتين السابقتين ، لكن بصورة أشد مأساوية ، ظهر آلاف الأفغان وهم يتراكضون في مدرجات مطار كابول أملا بالصعود الى احدى الطائرات الأميركية المغادرة ، بينما تعلق بعضهم ، وفي مقدمتهم قادة المجتمع المدني الأفغاني بدواليب الطائرات ، وسقط بعضهم من إرتفاعات شاهقة على سطوح المنازل في كابول مضرجا بدمائه ، ليكتب النهاية الدرامية لمشروع العبث الأميركي في صناعة الإرهاب وإستخدامه وإعادة توظيفه ، ومزاعم قتاله ، بصورة أضافت بلدا من اربعين مليون نسمة الى لائحة الضحايا للحملات العسكرية الأميركية التي توهمت إخضاع العالم وإفتااح عهد الزعامة على العالم ، في قرن جديد قال الأميركيون أنه نهاية التاريخ مع تعميم النموذج الأميركي بالقوة العسكرية ، وهو ما خرج الرئيس الأميركي جو بايدن يعترف بفشله ، داعيا لترسيم حدود اللجوء الى القوة العسكرية عند خط الدفاع في مواجهة التعرض لإعتداءات إرهابية ، وليس لتعميم النموذج الأميركي ، وإلا تورطت واشنطن بحرب لاطائلة لها ولن تنتهي ، رغم إنفاق ثلاثة تريليون دولار ، وخسارة قرابة ثلاثة آلاف جندي .
الهلع والحزن والشعور بالمهانة ، كانت هي المشاعر التي عبرت عنها المواقف السياسية والإعلامية الصادرة من تل أبيب وواشنطن وبرلين وباريس ولندن ، حيث لا ثقة بالمستقبل بالنسبة لمن يربطون مصيرهم بالسياسات والحروب الأميركية ، وحيث الخشية من تكرار المشهد الأفغاني في العراق وسورية ، وغيرها من دول العالم ، خصوصا بالسبة لتل أبيب التي خرج بعض محلليها يتحدثون عن تكرار مشهد العراق بإهداء أفغانستان لإيران ، التي إتهمها قادة في الكيان برعاية طالبان والإتفاق معها وتمويلها ، بينما في افغانستان خيمت على الأجواء إحتفالات حركة طالبان بنصرها ، مع حذر وقلق يخيمان على الشرائح التي لا تشارك طالبان مواقفها ونظرتها وتساؤلات عما إذا كان هناك نسخة جديدة من طالبان ، ستظهر في المرحلة الجديدة من الحكم ، أم تكرار للمشهد القديم ، فيما ركزت طالبان حملتها الإعلامية على التأكيد على رغبتها وعزمها على فتح صفحة جديدة تقوم على التشاركية في الحكم وإحترام الحريات وحقوق المعارضة ، والسعي للإنخراط مع المجتمع الدولي بعلاقات قائمة على الإحترام وحفظ السلم والأمن الدوليين ومحاربة الإرهاب .
في بكين وموسكو وإسلام اباد وطهران ، وهي عواصم جوار أفغانستان ، تعامل مع فرصة يوفرها الإنسحاب الأميركي والغربي ، يفتح الباب لتعاون إقتصادي وأمني مع حكومة أفغانية جديدة تمثل المكونات الرئيسية للمجتمع الأفغاني وتخترم الحقوق الأسايسية للمواكنين الأفغان ، تقودها طالبان ، لكن دون حروب إلغاء وتصرفات تستعيد مشاهد التجربة السابقة ، وبالمقابل تقديم وعود لطالبان إن سارت الأمور كما يفترض بمساعدات مادية سخية ، ومشاريع إستثمارية ضخمة وتعاون أمني وإنفتاح سياسي .
تحت ظلال المشهد الأفغاني المدوي إرتبكت صورة قمة بغداد الإقليمية لدول الجوار وتضاربت المواقف العراقية حول دعوة سورية للقمة ، بصورة باتت التساؤل حول عقد القمة قائما بقوة ، بينما في لبنان رسم المشهد الجديد كلام الأمين العام لحزب الله وما تلاه من تصريحات للسفير الإيراني محمد جلال فيروزنيا حول اقتراب موعد وصول المحروقات الإيرانية الى لبنان ، ما فسر الحركة الأميركية المستارعة نحو الضغط لتشكيل الحكومة تفاديا لهذا الخيار ، وهو ما حمل السفيرة الأميركية دوروتي شيا الى لقاء رئيبس الجمهورية العماد ميشال عون والرئيس المكلف بتشكيل الحكومة نجيب ميقاتي ، للضغط لتسريع تشكيل الحكومة ، وما نشرته جريدة الشرق الأوسط عن زيارة خاطفة لمدير المخابرات الأميركية وليم بيرنز الى بيروت ولقائه بقائد الجيش وعدد من قادة الأجهزة الأمنية لبحث مخاطر الإنهيار اللبناني .
في المسار الحكومي عبر رئيس الجمهورية عن تفاؤل بولادة الحكومة خلال أيام ، بينما تشاءل الرئيس المكلف موحيا ببقاء عقبات جدية تقف حائلا دون ولادة الحكومة الجديدة ، رغم حديثه عن تقدم التأليف على الإعتذار وقالت مصادر مواكبة للمسار الحكومي أن الوضع اقرب لسحب اليانصيب ، فيمكن ربح الجائزة الكبرى كما يمكن ان تكون النتيجة خسارة كاملة بلا جوائز ترضية لأن العقد لا تقاس بحجمها كما لا يقاس التقدم بحجمه ولا يمواضيعه ، لأن أي عقدة مهما بدت صغيرة قادرة على إعادة البحث إلى المربع الأول ، وطالما بقيت هناك عقدة ففرضية الفشل والإنسداد لا تزال قائمة ، فكيف ان كان الباقي عقد وليس عقدة واحدة .
2021-08-17 | عدد القراءات 1742