هل اصبحت الحكومة خارج منطقة الضغط الأميركي فتوافرت فرص ولادتها ؟
لقاء مرتقب لعون وميقاتي لمناقشة أول مسودة حكومية ...و5 نقاط للبحث
أيلول مرشح لإنفراجات مع الفيول العراقي وسفن المقاومة والدعم المؤقت !
كتب المحرر السياسي
يدخل المستوى السياسي والإقتصادي اللبناني إمتحان إستكشاف المدى الحقيقي للنظرة الأميركية الجديدة في ضوء ثلاثة متغيرات تحكم المشهد اليوم ، الأول الإنقلاب الناتج في الجغرافيا السياسية والبيئة الإستراتيجية للمنطقة مع الهزيمة القاسية التي أصابت المشروع الأميركي انطلاقا من أفغانستان ، في ظل مؤشرات واضحة لتقدم مشروع الإحتواء الروسي الصيني الإيراني سياسيا وإقتصادديا وأمنيا للزلزال الأفغاني ، بإنتظار رؤية حدود التبدل في النظرة الأميركية للمثلث العراقي السوري اللبناني ، حيث يشكل التعامل الأميركي مع لبنان رأس جبل الجليد فيه ، فهل ينجم عن زلزال أفغانستان مزيد من التمسك الأميركي بالبقاء في هذا المثلث وإعتماد التصعيد وصولا لمواجهة يعرف سلفا أن حليفه الإستراتيجي الذي يمثله كيان الإحتلال سيكون أول الخاسرين فيها ، أم يميل نحو التسويات لإلتقاط المزيد من الأنفاس ، ويفتح الطريق للعودة للإتفاق النووي بشروط تقبلها الرئاسة الإيرانية الجديدة ، كما أوحت تصريحات وزير الخارجية "الإسرائيلية يائير بيليد بعد الزيارة الخاطفة لمدير المخابرات الأميركية وليم بيرنز لتل أبيب ، التي قال فيها أن لا بديل جيد للإتفاق النووي مع إيران ، ما أوحى بأن مهمة بيرنز كانت تأمين الأمتار الأخيرة لطريق العودة للإتفاق بعد متغيرات الإنتخابات الرئاسية الإيرانية بضمان التوافق مع كيان الإحتلال على العودة للإتفاق ، خصوصا في ظل القلق المشترك من المدى الذي بلغه المشروع النووي الإيراني .
أما المتغير الثاني فهو التراجع الإستراتيجي في وضعية كيان الإحتلال ، الذي يمثل من جهة فائض قوة أميركي في معادلات المنطقة ، ومن جهة مقابلة يمثل الخاصرة الرخوة ، حيث تسعى واشنطن في معادلات وجودها القريب من الجغرافيا الفلسطينية لتوفير مقومات أمن الكيان وتفوقه العسكري وإستعادته لدور الشرطي القادر ، وهي بالمقابل تخشى من تطور أي مواجهة وتحولها الى حرب كبرى يتهدد فيها وجود الكيان ، وهذا الإزدواج سيكون أمام إمتحان الإختيار بين التصعيد الذي يشمل ساحات المواجهة الذاهبة حكما الى تصعيد من جانب قوى المقاومة سواء في العراق او في سورية او في لبنان ، أو ينتصرالتفكير الأميركي بالإنسحاب من العراق وسورية وتخفيف الضغط على لبنان على قاعدة ضمان الإستقرار ، ضمن تفاهمات مع روسيا بشكل رئيسي يطبق ضمنها الرئيس الأميركي جو بايدن نظرية سلفه ترامب كما فعل في أفغانستان ، وهي نظرية تفويض روسيا بمواصلة الحرب على الإرهاب وترتيب أوراق التوازنات في المنطقة ، وتقديم الضمانات بعدم نشوب حرب تهدد وجود الكيان مقابل الإنسحاب الأميركي ، والإمتحان سيكون في كيفية التعامل العسكري مع السفن الإيرانية التي تحمل المشتقات النفطية الى لبنان والتي قال الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله ، انها قطعة أرض لبنانية .
أما المتغير الثالث فيتجسد بمضمون ما اعلنه الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله ، والذي يبشر برؤوس جسور لنجاح المقاومة في لبنان والمنطقة بتحويل تحدي الإنهيار الى فرصة لتغيير المعادلات الإقتصادية والسياسية والإستراتيجية ، وتحديدا جعل معادلة إسقاط لبنان على رأس حزب الله مصدر قلق من أن تتحول الى إسقاط لبنان في حضن حزب الله كما قال الإسرائيليون ، وهو القلق الذي استجابت له واشنطن وترجمت استجابتها تصريحات السفيرة الأميركية في لبنان دوروتي شيا بالإعلان عن الإنتقال الأميركي الى مسابقة حزب الله على الخطوات الإنقاذية ، بفك الحصار والحظر عن جلب الغاز المصري والكهرباء الردنية الى لبنان عبر سورية ، ولو كشفت مسؤولية وشنطن عن الحصار والتعطيل الإقتصادي ، فهل ستمضي واشنطن بسياسة التسهيل أم أنها ستمضي في خيار التصعيد والتعطيل ، كما يبشر بعض حلفاؤها ، رغم انهم ظهروا مرارا يغردون خارج السرب .
في الحصيلة لبنان هو ساحة الإختبار للخيارات الكبرى ، والأيام القليلة القادمة ستكون هي ميدان هذا الإختبار ، والملف الحكومي هو المؤشر الفاصل ، فواشنطن تدرك ان الفشل الحكومي عندما لم يكن بقرار أميركي كان بغياب قرار أميركي بتسهيل ولادة الحكومة وتخلي واشنطن عن القيام بما يساعد على ولادتها ، ومن في لبنان والمنطقة يستيطع ان يصدق ان واشنطن كانت عاجزة عن احتواء الغضب السعودي على الرئيس سعد الحريري وتسهيل تاليفه لحكومة طالما ان الكل يعلم ان هذه العقدة أبقت لبنان في ثلاجة الإنتظار لتسعة شهور ، وأن تجاوز هذه العقدة كان ممكنا لو أن قرارا أميركيا صدر بالتحرك لولادة حكومة وأزالة الإشتراطات بقبول حكومة مستحيلة تلتزم حصرا بمواصلة حربهم على المقاومة ، واليوم سيلتقي رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والرئيس المكلف بتشكيل الحكومة نجيب ميقاتي ، وأمامهما أول مسودة للحكومة الجديدة كما أعدها الرئيس ميقاتي ، وفيها خمسة نقاط عالقة ، واحدة لوزارة الداخلية بطلبات جديدة قدمها الرئيس الحريري وثانية في وزارة العدل بإعتراض وضعه الرئيس ميقاتي ، وثالثة ورابعة تتصلان بوزارتي الطاقة والشؤون الإجتماعية والخامسة تتعلق بالوازرة التي سيتولاها احد الوزيرين المسيحيين المتبقيين ، اللذين حسم أحدهما وينتظر الثاني الحسم .
المصادر المواكبة للمسار الحكومي قالت ان خياري حسم التأليف أو الإعتذار اليوم مستبعدان ، وخيار مواصلة التشارو هو الأرجح ، لكن سقفه سيكون للأسبوع الحالي ، وأضافت المصدار أن التأليف سيعبر عن إنتقال الحكومة الى خارج منطقة الضغط الأميركي بينما الإعتذار سيكشف ان هذه المنطقة لا تزال تسيطر على المسار الحكومي في دائرة خيار التصعيد ، ورجحت المصادر ان ترجح كفة التسهيل والتشكيل ، وأن يحمل شهر أيلول بوادر انفراجات تستقبل الحكومة الجديدة ، يواكبها تحسن سعر الصرف ، وتبدأ مع تحسن تغذية الكهرباء بعد دخول الفيول العراقي على خط التنفيذ ، ودخول البواخر المحملة بالنبزين والمازوت والتي ستبدأ اليوم بتغذية السوق بعدما فتح مصرف لبنان الإعتمادات على سعر ال8000 ليرة ، وبالتوازي بدء وصول البواخر التي استوردها حزب الله من ايران بالليرة اللبنانية .
2021-08-24 | عدد القراءات 1563