بين لبنان وسورية وإيران وأفغانستان : حكاية المحروقات والكهرباء نقاط على الحروف

بين لبنان وسورية وإيران وأفغانستان :

 حكاية المحروقات والكهرباء 

نقاط على الحروف

ناصر قنديل

- لم يقع على لبنان زلزال ولا نشبت فيه حرب ، وهو في أزمات تصل حد الإنهيار الشامل ، تنفي الإدارة الأميركية مسؤوليتها عن الحصار الذي فجر أزمات نظام الفساد والمحاصصة ، وينفي جماعة السفارة الأميركية أي دور للأميركيين من جهة ولنظام الفساد والمحاصصة من جهة أخرى ، فيروجون لنظرية أن السبب تتحمله المقاومة  التي تستخدم وزنها في لبنان لتأمين مقومات الحياة لسورية ، فسعر الدولار يرتفع في السوق لأن حزب الله يشتري الدولارات ويؤمنها لسورية ، والمحروقات  تنفد من الأسواق لأن حزب الله يقوم بتهريبها الى سورية ، وبالرغم من أن هؤلاء يتنمرون على وسائل التواصل الإجتماعي على مقاتلي المقاومة لأنهم يقبضون روابتهم بالدولار ، ما يعني ان حزب الله يضخ دولارات في السوق اللبنانية ، لا يرف لهؤلاء  جفن بالزعم ان حزب الله يسحب الدولارات من هذه السوق ، والتناقض صارخ بين الأمرين ، لكن هؤلاء تراجعوا  مؤخرا عن حكاية الدولار وسعره ، لكنهم متمسكون بنظرية المحروقات وتكرارها وراءهم الكثير من المؤسسات الإعلامية والشخصيات السياسية ورهط جديد يسمى بالمحللين السياسيين .

- بعض هؤلاء لم يتردد بالتساؤل من موقع التنمر أيضا ، على إعلان إيران عن إستئناف تصديرها للبنزين والغاز المسيل الى أفغانستان ليقول ، أن إيران تدعم جهة أصولية متطرفة ، متجاهلا بصلافة وجلافة ووقاحة ، أصل الخبر ، وهو أن لدى إيران فائض من المشتقات النفطية يجعل مسار السفن الى لبنان واقعيا بخلاف الأكاذيب التي قام هؤلاء بنشرها عن أن إيران تعاني شحا في المحروقات ولا تملك فائضا للتصدير ، وهي بالمناسبة تبيع الكهرباء لأفغانستان وتركيا وباكستان ، وهو شكل من بيع منتج يتم توليده بواسطة المحروقات ، والشق الثاني من الخبر هو أن إيران تستأنف ، اي أنها كنات تصدر المشتقات النفطية في ظل حكومة أشرف غني وفي ظل حكم اميركي مباشر لأفغانستان ، دون ان تلحق بحكومة غني أي عقوبات يهددون هم لبنان بالمخاطرة بالتعرض لها اذا وصلته السفن من ايران محملة بالمشتقات ، والشق الثالث من الخبر هو أن وكالة رويترز العالمية قدرت الكمية التي صدرتها إيران لأفغانستان ب 500 مليون ليتر من البنزين خلال سنة تمتد بين شهري ايار للعامين 2020 و2021 ، تعادل ربع الإستهلاك السنوي لأفغانستان ، وما يعادل أيضا ربع الإستهلاك اللبناني المقدر بملياري ليتر سنويا ، لكن هؤلاء المتنمرون تجاهلوا وتغاضوا عن كل ما هو جوهري وإهتموا  بما يظنونه فرصة للتنمر ، وهو يفضح تفاهتهم من جهة ، لكنه بفضح بلاهتهم من جهة أخرى ، لأن إيران تعرف ما تفعل مع طلبان كما كانت تعرف ما كانت تفعل مع حكومة أشرف غني ، لأن الأمر يتصل بالحالتين من زاويتها بحاجات حيوية للشعب الأفغاني ، كما تعرف ما تفعل مع لبنان لو طلبت منه الحكومة دعما في قطاع المحروقات او طلب حزب الله او طلب اي حزب البناني لأن المطلوب يمثل  حاجة حيوية للشعب اللبناني .

- يعرف الخبراء في مكافحة التهريب ، أن بين لبنان وسورية طريق واحد لوقف التهريب هو اعتماد لبنان لدعم محصور بحاملي بطاقات ، كما هو الحال في سورية ، وتسعير السوق المفتوح بسعر موحد في البلدين يقطع دابر التهريب ، وعدم سلوك هذا الخيار كان مقصودا من صناع آلية الدعم الفوضوي في لبنان ، لاستنفاد مخزون الدولارات وتحويلها لأصحاب النفوذ شركاء كارتل النفط لتسريع السقوط الشامل من جهة وتأمين السيطرة على أموال طائلة من جهة موازية ، وبعيدا عن هذا النقاش تعالوا الى الأرقام ، تستهلك سورية في ظل أزماتها المتعددة وصعوباتها الناتجة عن سرقة مواردها النفطية الواقعة تحت الإحتلال الأميركي ، قرابة 150 مليون ليتر من الينزن شهريا توزع من خلال البطاقات على السيارات ، فيما يشكل كل ما يستورده لبنان شهريا 120 مليون ليتر يباع منها حسب تقارير الشركات في لبنان قرابة 100 مليون ليتر ويقدرون التهريب والسوق السوداء بحجم  ال20 مليون ليتر ، وهي كمية تعادل 15% فقط من حجم ما هو متداول في السوق السورية ، لكنها تهرب لتباع الى سورية لحساب الفئة التي تستهدفها عملية البيع في السوق المفتوح في سورية  بسعر يعادل العشرين دولارا لصفيحة البنزين من قبل الحكومة ، فيأتي التهريب الممول على سعر يعادل ربع القمية الحقيقية للكلفة ليبيعها بقرابة العشرة دولارات للصفيحة ، ويحقق ربحا خياليا لأصحابه ويسحب الدولارات من السوق السورية الى لبنان ، طبعا  يعرف المتنمرون كل ذلك ، لكنهم يكذبون أملا بتشويش عقول اللبنانيين ، كما فعلوا في قضية النترات وفعلت تلفزيوناتهم تحت شعار الإعلام التحقيقي ، للإيحاء بأن دولة مثل سورية وقوة ضخمة كحزب الله ، يخزنان آلاف أطنان المتفجرات الحديثة ، سيحتاجان الى تخزين أقل من ثلاثة آلاف طن من النترات تعادل ثلاثة آلاف كلغ من المتفجرات الحديثة التي يملكان منها الاف الأطنان  ، وابقائها لسبع سنوات ، بينما تنتج سورية عبر احد معاملها خلال ثلاثة ايام أكثر من هذه الكمية التي بقيت مخزنة سنوات ، لكن معادلة غوبلز لا تزال تغري البعض تحت شعار اكذب اكذب فلا بد ان يصدقك الاخرون !

- فضيحة الفضائح هي في الكهرباء ، واي مقاربة لها تكفي لسقوط منطق هؤلاء بالضربة القاضية ، فحتى صدور قانون قيصر بقي لبنان يشتري الكهرباء من سورية ، اي ما يعنيه الخبر هو أن لبنان كان عاجزا عن انتاج حاجته من الكهرباء بينما كانت سورية تنتج فائضا عن حاجتها ، وجاء قانون قيصر فتوقف لبنان عن شراء الكهرباء السورية وتوقفت سورية ايضا عن انتاج فائض ، ودخل البلدان كل في نوع مختلف من الأزمة ، وانتاج الكهرباء مرآة لسوق المحروقات ، فالإنتاج يتم بالغاز والفيول ، فكم ينتج لبنان اليوم وكم تنتج سورية ، وكيف يقنن لبنان وكيف تقنن سورية ، أليس هذا هو التعبير الدقيق عن واقع سوق المحروقات ، وهنا مشكلة "الكذابين" انهم لايستطيعون ممارسة مواهبهم وهوايتهم في الكذب ، كي يقولوا ان الفيول والغاز يتم تهريبهما من لبنان الى سورية ، فليفسروا للناس كيف ان انتاج كهرباء لبنان انخفض الى  قرابة ال 800 ميغا وات ، وانخفض التقنين الى أقل من أربع ساعات يوميا ، بينما لم ينزل انتاج سورية عن 2400 ميغاوات  ، ولم ينخفض التقنين عن ال10 ساعات يوميا في المدن ولا يقل عنه  الا في مناطق محدودة حيث اصيبت الشبكات ومحطات التحويل بتخريب الجماعات الإرهابية .

- ما مر على سورية من حروب وما تعانية بفعل الحصار والعقوبات ، يكفيان لتسقط فيها كل مقومات الحياة ، ولكن لأن في سورية دولة  ، ولأن اللبنانيين أقاموا سلطة ولم يبنوا دولة ، يسوء حال اللبنانيين دون حرب ودون زلزال ، عن حال السوريين ، لكن رغم هذا الإنهيار بقي بين من يسمون ببعض صناع الرأي والسياسة من اللبنانيين من لا يجد أمامه  إلا الكذب للتهرب  من مسؤوليته  ومسؤولية مرجعيته الدولية والإقليمية  في صناعة الإنهيار  ، وفوق ذلك يملك وقاحة رمي المسؤولية زورا وبهتانا على سورية والمقاومة .

2021-08-24 | عدد القراءات 1926