كتب المحرر السياسي
في ظلّ غموض الموقف الأميركي من نية تسهيل ولادة الحكومة كترجمة للتحوّل المفترض في مواجهة حزب الله من سياسة الضغط الى التسابق على الإمساك بملفات الاقتصاد عبر حكومة جديدة، وخيار التفاوض مع صندوق النقد الدولي والمعالجات في ملف الكهرباء على طريقة خطوط الكهرباء من الأردن والغاز من مصر عبر تجاوز العقوبات التي يفرضها قانون قيصر على سورية والتعامل معها، ومدخلها حكومة، وفي ظل غموض مشابه للموقف السعودي وما يشيعه أصدقاء المملكة السعودية عن انكفائها عن التعامل مع الملف الحكومي كترجمة لغضب يتخطى العلاقة بالرئيس السابق سعد الحريري الى كل العلاقة مع لبنان، جاء الاعتراض المتأخر للرئيس المكلف بتشكيل الحكومة نجيب ميقاتي على تسمية السفير السابق عبدالله بوحبيب كوزير للخارجية، ليطرح السؤال حول القطبة المخفية التي كشفها الاعتراض، في ظل تسريبات عن أنّ الرئيس الحريري مصدر الاعتراض، وتسريبات أخرى تقول انّ الرياض تعتبره وزيراً لا يترجم نوايا الانفتاح عليها، وتسريبات ثالثة تقول انّ واشنطن وباريس ليستا بعيدتين عن الاعتراض في ظلّ رغبة بإرضاء السعودية التي يقول البعض إنها دخلت فجأة على خط التأليف أو تمّ استحضارها لتخريب التفاهمات، والتسبّب بالفشل للرئيس ميقاتي كما يتهم أنصار التيار الوطني الحر الرئيس الحريري بالمسؤولية عن الفيتو على «بو حبيب»، وفي المقابل تقول المصادر المتابعة للملف الحكومي ان رواية كلّ من مصادر المحيطين برئيس الجمهورية العماد ميشال عون والرئيس المكلف نجيب ميقاتي، مختلفة عن الرواية المقابلة للعودة للتجاذب التي أطاحت فرصة لقاء رئاسي أمس وربما اليوم لمواصلة النقاش، في الرواية القريبة من بعبدا أن سحب الموافقة على «بو حبيب» صاحبته تسميات للوزيرين المسيحيين تخفي الرغبة بضمّهما الى حصة الرئيس المكلف ونادي رؤساء الحكومات السابقين خلافاً للاتفاق على اختيارهما من أسماء لا تثير حفظية الرئيسين ولا تنتمي لأيّ منهما، ما استدعى حسب هذه الأوساط سحب رئيس الجمهورية لموافقته على تسمية السفير السابق في السعودية مروان زين لوزارة الداخلية، وتساءلت الأوساط لم لا يبادر الرئيس ميقاتي لمبادلة حقائب بو حبيب وزين، فتحلّ المشكلة، ويسمّى صديق للسعودية في الخارجية ومقرّب من رئيس الجمهورية في الداخلية، لكن الأوساط القريبة من الرئيس المكلف تغمز من قناة سعي بعبدا للحصول على الثلث المعطل من بوابة تسميات يُقال إنها محايدة لتعبئة فراغ الوزيرين المسيحيين، وتستند في تبرير استنتاجها الى مواقف أعلنها قادة في التيار الوطني الحر خلال الساعات الماضية تتحدّث عن مفاضلة بين لا حكومة وحكومة لا يملك رئيس الجمهورية قدرة التحكم بها بالقول «عمرها ما تكون هالحكومة» معتبرة انّ هذه رسالة واضحة بالاستعداد لتقبّل الفشل الحكومي ما لم يتمّ تأمين الثلث المعطل الذي يترجم وحده معادلة تحكم رئيس الجمهورية بالحكومة.
تقول مصادر مواكبة للمسار الحكومي انّ المعادلة حتى اليوم هي لا تأليف ولا اعتذار، ومواصلة المساعي والمشاورات، واعتبرت أنّ الخميس سيكون موعد لقاء متوقع للرئيسين، مع العودة لمعادلة الإثنين والخميس مستبعدة الاعتذار حتى لو مضى شهر وأكثر على التكليف، لأنّ قراراً كهذا أكبر من مجرد فشل التفاوض، فالأرجح ألا يكون هناك مجال لتسمية بديلة بعد اعتذار الرئيس ميقاتي، ولبنان لن يتحمّل الفراغ حتى موعد الإنتخابات النيابية وربما حتى نهاية العهد.
بانتظار الخميس تركزت الأنظار على ملفي المحروقات والدواء، بعيداً عن الطوابير وفقدان المواد من الأسواق، حيث المداهمات التي طالت مستودعات المحتكرين تصدّرت المشهد، وقوبلت بالارتياح الشعبي لما قام به وزير الصحة حمد حسن في مجال الدواء، وما قامت به القوى الأمنية في مجال المحروقات، وبقي السؤال متى نرى المحتكرين في السجون وأين هو القضاء؟
فيما غاب المشهد الحكومي عن الواجهة أمس بعدما أرجأ الرئيس المكلف زيارته إلى بعبدا إلى اليوم بانتظار نتائج المشاورات في تشكيلته النهائية التي سيقدّمها إلى رئيس الجمهورية، بقيت أزمة المحروقات وتداعياتها الكارثية على مختلف القطاعات الحيوية في الواجهة، لا سيما أن الحلول التي تم التوصل إليها في اجتماع بعبدا السبت الماضي لم تترجم على أرض الواقع مع اقتراب القطاعات والمؤسسات أكثر فأكثر من الشلل التام الذي كان آخر ضحاياه مؤسسة مجلس النواب حيث توقف العمل كلياً في دوائر المجلس وفي أعمال اللجان النيابية بسبب عطل كبير طرأ على مولد الكهرباء الأساسي.
وعلى وقع استمرار مشهد الطوابير على محطات الوقود ومراكز تعبئة الغاز وأمام الأفران، خطف القصر الحكومي الأضواء وشهدت سلسلة اجتماعات ترأسها رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب خصصت لدرس ومتابعة آلية توزيع المحروقات ومتابعتها، وخرجت بجملة قرارات تنفيذية لمكافحة التهريب والإحتكار والتخزين والتلاعب بالأسعار.
2021-08-25 | عدد القراءات 1551